|
كتاب السبق والرماية
(مسألة 539): لابد فيهما من إيجاب وقبول، وإنما يصحان في السهام، والحراب، والسيوف، والإبل، والفيلة، والخيل، والبغال، والحمير ولا يبعد صحة المسابقة في جميع الآلات المستعملة في الحرب كالآلات المتداولة في زماننا.
(مسألة 540): يجوز أن يكون العوض عيناً وديناً، وأن يبذله أجنبي أو أحدهما أو من بيت المال، ويجوز جعله للسابق وللمحلل وليس المحلل شرطاً.
(مسألة 541): لابد في المسابقة من تعيين الجهات التي يكون الجهل بها موجباً للنزاع فلابد من تقدير المسافة، والعوض وتعيين الدابة، ولابد في الرماية من تقدير عدد الرمي وعدد الإصابة وصفتها، وقدر المسافة، والغرض، والعوض، ونحو ذلك.
(مسألة 542): إذا قالا بعد أن أخرج كل منهما سبقاً من نفسه وأدخلا محللاً: من سبق منا ومن المحلل فله العوضان، فمن سبق من الثلاثة فهما له فإن سبقا فلكل ماله، وإن سبق أحدهما والمحلل فللسابق ماله ونصف الآخر والباقي للمحلل.
(مسألة 543): المحلل هو الذي يدخل بين المتراهنين ولا يبذل معهما عوضاً بل يجري دابته بينهما أو في أحد الجانبين على وجه يتناوله العقد على أنه إن سبق بنفسه أو مع غيره أخذ العوض أو بعضه على حسب الشرط وإن لم يسبق لم يغرم شيئاً.
(مسألة 544): إذا فسد العقد فلا اُجرة للغالب ويضمن العوض إذا ظهر مستحقاً للغير مع عدم إجازته وعدم كون الباذل غاراً، ويحصل السبق بتقدم العنق أو الكتد وهو العظم الناتئ بين الظهر وأصل العنق إذا لم تكن قرينة على خلاف ذلك.
كتاب الشركة
(مسألة 545): الشركة عقد جائز فيجوز لكل من المتعاقدين فسخه فإذا فسخ أحدهما لم يجز للآخر التصرف في المال المشترك فيه وينفسخ عقد الشركة بعروض الموت أو الجنون أو الحجر بفلس أو سفه لأحد الشريكين ويكره مشاركة الذمي.
(مسألة 546): تصح الشركة في الأموال ولا تصح في الأعمال بأن يتعاقدا على أن تكون اُجرة عمل كل منهما مشتركة بينهما فإذا تعاقدا على ذلك بطل وكان لكل منهما اُجرة عمله. نعم لو صالح كل منهما صاحبه على أن يكون نصف منفعة نفسه بنصف منفعة صاحبه مدة معينة فقبل الآخر صح وكان عمل كل منهما مشتركاً بينهما.
(مسألة 547): لو تصالح العاملان في ضمن عقدآخر لازم على أن يعطي كل منهما نصف اُجرته للآخر صح ذلك ووجب العمل بالشرط.
(مسألة 548): لا تصح الشركة في الوجوه بأن يتعاقدا على أن يشتري كل منهما مالاً بثمن في ذمته إلى أجل ثم يبيعانه ويكون ربحه بينهما والخسران عليهما.
(مسألة 549): لا تصح شركة المفاوضة بأن يتعاقدا على أن يكون ما يحصل لكل منهما من ربح تجارة أو زراعة أو إرث أو غير ذلك بينهما وما يرد على كل منهما من غرامة تكون عليهما معاً.
(مسألة 550): لو تعاقدا في شركة الوجوه أو شركة المفاوضة على ما ذكر كان لكل منهما ربحه وعليه خسارته، نعم إذا تصالحا في ضمن عقد آخر لازم على أنه إن ربح أحدهما أعطى صاحبه نصف ربحه وإن خسر أحدهما تدارك صاحبه نصف خسارته صح في المقامين.
(مسألة 551): تتحقق الشركة في المال باستحقاق شخصين فما زاد مالاً واحداً عيناً كان أو ديناً بإرث أو وصية أو بفعلهما معاً كما إذا حفرا بئراً، أو اصطادا صيداً، أو اقتلعا شجرة أو نحو ذلك من الأسباب الاختيارية وغيرها. وقد تكون بمزج المالين على نحو يرتفع الامتياز بينهما مع الاتحاد في الجنس كمزج الحنطة بالحنطة والماء بالماء واختلافه كمزج دقيق الحنطة بدقيق الشعير ودهن اللوز بدهن الجوز.
(مسألة 552): يلحق كلا من الشريكين من الربح والخسران بنسبة ماله فإن تساويا في الحصة كان الربح والخسران بينهما بالسوية وإن اختلفا فبالنسبة.
(مسألة 553): إذا اشترطا المساواة في الربح مع اختلاف الحصص أو اشترطا الاختلاف مع تساوي الحصص صح إذا كان للمشروط له عمل وإلاّ لم يصح الشرط.
(مسألة 554): لا يجوز لأحد الشريكين التصرف في العين المشتركة بدون إذن شريكه وإذا أذن له في نوع من التصرف لم يجز التعدي إلى نوع آخر. نعم إذا كان الاشتراك في أمر تابع مثل البئر والطريق غير النافذ والدهليز ونحوها مما كان الانتفاع به مبنياً عرفاً على عدم الاستئذان جاز التصرف وإن لم يأذن الشريك.
(مسألة 555): إذا كان ترك التصرف موجباً لنقص العين كما لو كانا مشتركين في طعام فإذا لم يأذن أحدهما في التصرف رجع الشريك إلى الحاكم الشرعي ليأذن في أكله أو بيعه أو نحوهما ليسلم من الضرر.
(مسألة 556): إذا كانا شريكين في دار مثلاً فتعاسرا، وامتنع أحدهما من الإذن في جميع التصرفات بحيث أدى ذلك إلى الضرر رجع الشريك إلى الحاكم الشرعي ليأذن في التصرف الأصلح حسب نظره.
(مسألة 557): إذا طلب أحد الشريكين القسمة فإن لزم الضرر منها لنقصان في العين أو القيمة بما لا يتسامح فيه عادة لم تجب إجابته وإلاّ وجبت الإجابة ويجبر عليها لو امتنع.
(مسألة 558): إذا طلب الشريك بيع ما يترتب على قسمته نقص ليقسم الثمن فإنه تجب الإجابة أو شراء حصته ويجبر الشريك عليها لو امتنع هذا إذا كان بقاء الشركة تعطيلاً للمال المشترك وإلاّ ففي وجوب الإجابة تأمل.
(مسألة 559): إذا اشترط أحد الشريكين في عقد لازم عدم القسمة إلى أجل بعينه لم تجب الإجابة حينئذ إلى أن ينتهي الأجل.
(مسألة 560): يكفي في تحقق القسمة تعديل السهام ثم القرعة وفي الاكتفاء بمجرد التراضي وجه لكن الأحوط استحباباً خلافه.
(مسألة 561): تصح قسمة الوقف مع الملك الطلق ولا تصح قسمة الوقف في نفسه إذا كانت منافية لشرط الواقف وإلاّ صحت.
(مسألة 562): الشريك المأذون أمين لا يضمن ما في يده من المال المشترك إلاّ بالتعدي أو التفريط. وإذا ادعى التلف قبل قوله مع يمينه، وكذلك يقبل قوله مع يمينه إذا ادعى عليه التعدي أو التفريط فأنكر.
كتاب المضاربة
المضاربة هي أن يدفع الإنسان مالاً إلى غيره ليتجر فيه على أن يكون الربح بينهما بالنصف أو ثلث أو نحو ذلك ويعتبر فيها اُمور:
الأول: الإيجاب والقبول، ويكفي فيهما كل ما يدل عليهما من لفظ أو فعل أو نحو ذلك ولا يعتبر فيهما العربية ولا الماضوية.
الثاني: البلوغ والعقل والاختيار في كل من المالك والعامل. وأما عدم الحجر من سفه أو فلس فهو إنما يعتبر في المالك دون العامل.
الثالث: تعيين حصة كل منهما من نصف أو ثلث أو نحو ذلك إلاّ أن يكون هناك تعارف خارجي ينصرف إليه الإطلاق.
الرابع: أن يكون الربح بينهما فلو شرط مقدار منه لأجنبي لم تصح المضاربة إلاّ إذا اشترط عليه عمل متعلق بالتجارة.
الخامس: أن يكون العامل قادراً على التجارة فيما كان المقصود مباشرته للعمل فإذا كان عاجزاً عنه لم تصح. هذا إذا أخذت المباشرة قيداً، وأما إذا كانت شرطاً لم تبطل المضاربة ولكن يثبت للمالك الخيار عند تخلف الشرط. وأما إذا لم يكن لا هذا ولا ذاك وكان العامل عاجزاً عن التجارة حتى مع الاستعانة بالغير بطلت المضاربة. ولا فرق في البطلان بين تحقق العجز من الأول وطروه بعد حين فتنفسخ المضاربة من حين طرو العجز.
(مسألة 563): الأقوى صحة المضاربة بغير الذهب والفضة المسكوكين بسكة المعاملة من الأوراق النقدية ونحوها ولا تصحّ المضاربة في الدين والعروض والمنفعة.
(مسألة 564): لا يعتبر في صحة المضاربة أن يكون المال بيد العامل فلو كان بيد المالك وتصدى العامل للمعاملة صحت.
(مسألة 565): مقتضى عقد المضاربة الشركة في الربح ويكون لكل من العامل والمالك ما جعل له من الحصة نصفاً أو ثلثاً أو نحو ذلك وإذا وقع فاسداً كان للعامل أقل الأمرين من اُجرة المثل وحصّته وللمالك تمام الربح.
(مسألة 566): يجب على العامل أن يقتصر على التصرف المأذون فيه فلا يجوز التعدي عنه فلو أمره أن يبيعه بسعر معين أو بلد معين أو سوق معين أو جنس معين فلا يجوز التعدي عنه، ولو تعدى إلى غيره لم ينفذ تصرفه وتوقف على إجازة المالك نعم لا يبعد عدم التوقف فيما إذا كان غرض المالك في تقييد إذنه وشرطه التحفّظ على مال المضاربة واسترباحها فيضمن العامل رأس المال ولكن لو ربح فالربح بينهما على ما عيّناه.
(مسألة 567): لا يعتبر في صحة المضاربة أن يكون المال معلوماً قدراً ووصفاً كما لا يعتبر أن يكون معيناً فلو أحضر المالك مالين وقال قارضتك بأحدهما صحت وإن كان الأحوط أن يكون معلوماً كذلك ومعيناً.
(مسألة 568): لاخسران على العامل من دون تفريط وإذا اشترط المالك على العامل أن تكون الخسارة عليهما كالربح في ضمن العقد فالظاهر بطلان الشرط نعم لو اشترط على العامل أن يتدارك الخسارة من كيسه إذا وقعت صح ولا بأس به.
(مسألة 569): إذا كان لشخص مال موجود في يد غيره أمانة أو غيرها فضاربه عليه صح.
(مسألة 570): إذا كان المال في يده غصباً أو لغيره مما تكون اليد فيه يد ضمان فضاربه عليه فهل يرتفع الضمان بذلك أم لا قولان، الأقوى هو الأول.
وذلك لأن عقد المضاربة في نفسه وإن لم يقتض رضا المالك ببقاء المال في يده لما عرفت من أنه لا يعتبر في صحته كون المال بيد العامل إلاّ أن عقد المضاربة من المالك على ذلك المال قرينة عرفية على رضاه ببقاء هذا المال في يده وتصرفه فيه. نعم، إذا لم تكن قرينة على ذلك لم يرتفع الضمان.
(مسألة 571): عقد المضاربة جائز من الطرفين فيجوز لكل منهما فسخه سواء أكان قبل الشروع في العمل أم بعده، كان قبل تحقق الربح أو بعده كما أنه لا فرق في ذلك بين كونه مطلقاً أو مقيداً إلى أجل خاص.
(مسألة 572): لا يجوز للعامل خلط رأس المال مع مال آخر لنفسه أو غيره إلاّ مع إذن المالك عموماً أو خصوصاً وعليه فلو خلط بدون إذنه ضمن ما تلف تحت يده من ذلك المال، ولكن هذا لا يضر بصحة المضاربة بل هي باقية على حالها والربح بينهما على النسبة.
(مسألة 573): يجوز للعامل مع إطلاق عقد المضاربة التصرف حسب ما يراه مصلحة من حيث البائع والمشتري ونوع الجنس. نعم، لا يجوز له أن يسافر به من دون إذن المالك إلاّ إذا كان هناك تعارف ينصرف الإطلاق إليه وعليه فلو خالف وسافر وتلف المال ضمن. وكذا الحال في كل تصرف وعمل خارج عن عقد المضاربة.
(مسألة 574): مع إطلاق العقد يجوز البيع حالاًّ ونسيئة إذا كان البيع نسيئة أمراً متعارفاً في الخارج يشمله الإطلاق وأما إذا لم يكن أمراً متعارفاً فلا يجوز بدون الإذن الخاص.
(مسألة 575): لو خالف العامل المضارب وباع نسيئة بدون إذنه فعندئذ إن استوفى الثمن قبل إطلاع المالك فهو، وكذلك إن أطّلع المالك قبل الاستيفاء وكانت المعاملة مربحةً كما إذاكان الثمن في ذمة المشتري يمكن بيعه على الآخرين وتحويله الى النقد فعلاً ولو بأقل منه وأمّا إذا لم تكن كذلك فصحتها تتوقف على إجازة المالك.
(مسألة 576): إطلاق العقد لا يقتضي بيع الجنس بالنقد بل يجوز بيع الجنس بجنس آخر أيضاً، نعم لو كان الجنس من الاجناس التي لا رغبة للناس فيها أصلاً فعندئذ لا يجوز ذلك لانصراف الإطلاق عنه.
(مسألة 577): يجب على العامل بعد عقد المضاربة العمل بما يعتاد بالنسبة إليه، وعليه أن يتولى ما يتولاه التاجر لنفسه من الاُمور المتعارفة في التجارة اللائقة بحاله فيجوز له استئجار من يكون متعارفاً استئجاره كالدلال والحمال والوزان والكيال والمحل وما شاكل ذلك. ومن هنا يظهر أنه لو استأجر فيما كان المتعارف مباشرته فيه بنفسه فالاُجرة من ماله لا من الوسط كما أنه لو تولى ما يتعارف الاستئجار جاز له أن يأخذ الاُجرة إن لم يتصد له مجاناً.
(مسألة 578): نفقة سفر العامل من المأكل والمشرب والملبس والمسكن واُجرة الركوب وغير ذلك مما يصدق عليه النفقة من رأس المال إذا كان السفر بإذن المالك ولم يشترط نفقته عليه. وكذلك الحال بالإضافة إلى كل ما يصرفه من الأموال في طريق التجارة. نعم ما يصرفه مما لا تتوقف عليه التجارة فعلى نفسه.
والمراد من النفقة هي اللائقة بحاله فلو أسرف حسب عليه، نعم لو قتر على نفسه أو حلّ ضيفاً عند شخص لا يحسب له.
(مسألة 579): إذا كان شخص عاملاً لاثنين أو أكثر أو عاملاً لنفسه ولغيره توزعت النفقة على نسبة العملين على الأظهر لا على نسبة المالين كما قيل.
(مسألة 580): لا يشترط في استحقاق العامل النفقة تحقق الربح بل ينفق من أصل المال نعم إذا حصل الربح بعد هذا تحسب منه ويعطى المالك تمام رأس ماله ثم يقسم الربح بينهما.
(مسألة 581): إذا مرض العامل في السفر فإن لم يمنعه من شغله فله أخذ النفقة نعم ليس له أخذ ما يحتاج إليه للبرء من المرض وأما إذا منعه عن شغله فليس له أخذ النفقة.
(مسألة 582): إذا فسخ العامل عقد المضاربة في أثناء السفر أو انفسخ فنفقة الرجوع عليه لا على المال المضارب به.
(مسألة 583): إذا اختلف المالك والعامل في أنها مضاربة فاسدة أو قرض ولم يكن هناك دليل معين لأحدهما فقد يكون الاختلاف من جهة أن العامل يدّعي القرض ليكون الربح له والمالك يدعي المضاربة لئلا يكون عليه غير اُجرة المثل ويكون الربح له ففي مثل ذلك يتوجه الحلف على المالك وبعده يحكم بكون الربح للمالك وثبوت اُجرة المثل للعامل. وقد يكون من جهة أن المالك يدّعي القرض لدفع الخسارة عن نفسه أو لعدم اشتغال ذمته للعامل بشيء والعامل يدّعي المضاربة الفاسدة فالأظهر أنّه إذا كانت تجارة العامل لا خاسرة ولا رابحة لا تسمع لا دعواه ولا دعوى المالك بناءً على ماهو الأظهر من عدم استحقاق العامل للاُجرة مع فساد المضاربة إذا لم تكن تجارته رابحة لإقدامه على التبرّع بعمله في هذا الفرض، وأما إذا كانت المعاملة خاسرة فيحلف العامل على عدم القرض لبراءة ذمته عن الخسران والمفروض أنّه لا يدعى على المالك شيئاً. وفي تقديم قول المالك وجه أيضاً لورود النص في تقديم قول المالك المدّعي لكون المال وديعة فالأحوط التصالح.
هذا إذا كان الاختلاف بينهما في كونها مضاربة فاسدة أو قرضاً وأما إذا كان الاختلاف بينهما في أنها مضاربة فاسدة أو بضاعة فالظاهر في هذه الصورة أن يكون الربح تماماً للمالك بعد حلف المالك ولا يكون للعامل اُجرة المثل.
(مسألة 584): يجوز أن يكون المالك واحداً والعامل متعددا سواء أكان المال أيضاً واحداً أو كان متعدداً، وسواء أكان العمال متساوين في مقدار الجعل في العمل أم كانوا متفاضلين. وكذا يجوز أن يكون المالك متعدداً والعامل واحداً.
(مسألة 585): إذا كان المال مشتركاً بين شخصين وقارضاً واحداً واشترطا له النصف وتفاضلا في النصف الآخر بأن جعل لأحدهما أكثر من الآخرمع تساويهما في رأس المال أو تساويا فيه بأن كانت حصة كل منهما مساوية لحصة الآخر مع تفاضلهما في رأس المال فالظاهر بطلان المضاربة إذا لم تكن الزيادة في مقابل عمل.
نعم لو كان المقصود من ذلك النقص على حصة العامل بمعنى أن أحدهما قد جعل للعامل في العمل بماله أقل مما جعله الآخر، مثلا جعل أحدهما له ثلث ربح حصته وجعل الآخر له ثلثي ربح حصته صحت المضاربة.
(مسألة 586): تبطل المضاربة بموت كل من المالك والعامل أما على الأول فلفرض انتقال المال إلى وارثه بعد موته فإبقاء المال بيد العامل يحتاج إلى مضاربة جديدة. وأما على الثاني فلفرض اختصاص الإذن به.
(مسألة 587): لا يجوز للعامل أن يوكل وكيلاً في عمله أو يستأجر شخصاً إلاّ بأذن المالك كما لا يجوز أن يضارب غيره إلاّ بأذنه فلو فعل ذلك بدون إذنه وتلف ضمن.
نعم لا بأس بالاستئجار أو التوكيل في بعض المقدمات على ما هو المتعارف في الخارج المنصرف إليه الإطلاق.
(مسألة 588): يجوز لكل من المالك والعامل أن يشترط على الآخر في ضمن عقد المضاربة مالاً أو عملا كخياطة ثوب أو نحوها أو إيقاع بيع أو صلح أو وكالة أو قرض أو نحو ذلك ويجب الوفاء بهذا الشرط إلاّ مع انفساخ المضاربة أو فسخها سواء أتحقق الربح بينهما أم لم يتحقق. وسواء أكان عدم تحقق الربح من جهة مانع خارجي أم من جهة ترك العامل العمل بالتجارة.
(مسألة 589): مقتضى عقد المضاربة خارجاً ملكية العامل لحصته من حين ظهور الربح ولا تتوقف على الانضاض أو القسمة. نعم لو عرض بعد ذلك خسران أو تلف يجبر به إلى أن تستقر ملكية العامل. وهل يكفي في الاستقرار قسمة تمام الربح والمال بينهما فحسب من دون فسخ المضاربة خارجاً أو لا يكفي؟ وجهان، الظاهر هو الأول لأنها فسخ فعلي. وعليه فلا يكون التلف بعد القسمة محسوباً من الربح.
(مسألة 590): إذا ظهر الربح وتحقق في الخارج فطلب أحدهما قسمته فإن رضي الآخر فلا مانع منها، وإن لم يرض فإن كان هو المالك فليس للعامل إجباره عليها مادام عقد المضاربة باقياً وإن كان هو العامل فالظاهر أن للمالك إجباره عليها.
(مسألة 591): إن اقتسما الربح ثم عرض الخسران فإن حصل بعده ربح جبر به إذا كان بمقداره أو أكثر، وأما إذا كان أقل منه وجب على العامل رد أقل الأمرين من مقدار الخسران وما أخذه من الربح.
(مسألة 592): إذا باع العامل حصته من الربح أو وهبها أو نحو ذلك ثم طرأت الخسارة على مال المضاربة وجب على العامل دفع أقل الأمرين من قيمة ما باعه أو وهبه ومقدار الخسران. ولا يكشف الخسران اللاحق عن بطلان البيع أو الهبة أو نحوهما بل هو في حكم التلف.
(مسألة 593): لا فرق في جبر الخسارة بالربح بين الربح السابق واللاحق ما دام عقد المضاربة باقياً بل الأظهر الجبر وإن كانت الخسارة قبل الشروع في التجارة كما إذا سرق في أثناء سفر التجارة قبل الشروع فيها أو في البلد قبل الشروع في السفر. هذا في تلف البعض، وأما لو تلف الجميع قبل الشروع في التجارة فالظاهر أنه موجب لبطلان المضاربة. هذا في التلف السماوي، واما إذا أتلفه العامل أو الأجنبي فالمضاربة لا تبطل إذا أدى المتلف بدل التالف.
(مسألة 594): فسخ عقد المضاربة أو انفساخه تارة يكون قبل الشروع في العمل، واُخرى بعده وقبل ظهور الربح وعلى كلا التقديرين لا شيء للمالك ولا عليه وكذا العامل من دون فرق بين أن يكون الفسخ من العامل أو المالك.
(مسألة 595): لو كان الفسخ من العامل بعد السفر بإذن المالك وصرف مقدار من رأس المال في نفقته فالاحتياط في هذه الصورة بإرضاء المالك لا يترك.
(مسألة 596): إذا كان الفسخ أو الانفساخ بعد حصول الربح فإن رضي كل من المالك والعامل بالقسمة فلا كلام وإن لم يرضَ أحدهما اُجبر عليها.
(مسألة 597): إذا كانت في مال المضاربة ديون فهل يجب على العامل أخذها بعد الفسخ أو الانفساخ أو لا؟ وجهان، والوجوب إن لم يكن أقوى فهو أحوط.
(مسألة 598): لا يجب على العامل بعد الفسخ إلاّ التخلية بين المالك وبين ماله وأما الإيصال إليه فلا يجب إلاّ إذا أرسله إلى بلد آخر فعندئذ الأظهر وجوب الرد إلى بلده.
(مسألة 599): إذا اختلف المالك والعامل في مقدار رأس المال الذي أعطاه للعامل بأن ادعى المالك الزيادة وأنكرها العامل قدم قول العامل مع يمينه إذا لم تكن للمالك بينة عليها. ولا فرق في ذلك بين كون رأس المال موجوداً أو تالفاً مع ضمان العامل.
(مسألة 600): إذا اختلفا في مقدار نصيب العامل بأن يدعي المالك الأقل والعامل يدعي الأكثر فالقول قول المالك.
(مسألة 601): إذا ادعى المالك على العامل الخيانة والتفريط فالقول قول العامل.
(مسألة 602): لو ادعى المالك على العامل أنه شرط عليه بأن لا يشتري الجنس الفلاني أو لا يبيع من فلان أو نحو ذلك والعامل ينكره فالقول قول المالك فإن الشك يرجع إلى أن المالك هل أذن فيما يدعيه العامل أم لا؟ فالأصل عدمه.
(مسألة 603): لو ادعى العامل التلف وأنكره المالك قدم قول العامل، وكذا الحال إذا ادعى الخسارة أو عدم الربح أو عدم حصول المطالبات مع فرض كونه مأذوناً في المعاملات النسيئة.
(مسألة 604): لا فرق في سماع قول العامل في هذه الفروض بين أن تكون الدعوى قبل فسخ المضاربة أو بعده بل الأظهر سماع قوله حتى فيما إذا ادعى بعد الفسخ التلف بعده.
(مسألة 605): إذا مات العامل وكان عنده مال المضاربة فإن كان معلوماً بعينه فلا كلام، وإن علم بوجوده في التركة الموجودة في يد الورثة من غير تعيين فيأخذ المالك مقدار ماله منها ولو بالتصالح مع الورثة أو القرعة ولا يكون المالك شريكاً مع الورثة بالنسبة على الأظهر الأقوى، وأما إذا علم ببقاء مال المضاربة في يد الميت إلى ما بعد موته ولم يعلم أنه في تركته الموجودة في يد الورثة بأن احتمل أنّ الميّت كان قد دفنه في مكان غير معلوم أو أودعه عند شخص آخر لا يعرفونه و نحو ذلك فالأظهر أنه لا يجب على الورثة إعطاء المقدار مما بأيديهم حيث إن قاعدة يد الميت بالنسبة إلى ما انتقل إلى الورثة مقتضاها كونه بتمامه للميت فينتقل إليهم بالإرث. ودعوى أنه لا يجوز للورثة التصرّف فيما بأيديهم حتى يتخلصوا من مال المضاربة للعلم الإجمالي بكون بعض ما كان في يد الميّت إلى موته، مال الغير وهذا العلم قد أسقط اعتبارها في جميع أطرافه بالإضافة إلى القدر المعلوم. لا يمكن المساعدة عليها فإن هذا العلم الإجمالي بالإضافة إلى قبل موت المورّث لا أثر له لعدم جواز تصرّف الوارث في شيء ممّا بيده لعدم الإذن كان ملكه أو ملك غيره فلا مورد لجريان القاعدة وبعد موته لا تجري القاعدة فيما هو خارج عن يد الورثة إمّا لعدم وجوده أو لكونه مال الغير يعني مال المضاربة فتجرى فيما بأيديهم بلا معارضة. ودعوى ضمان الميّت بالإضافة إلى ذلك المال فيجب على الورثة أداء ضمانه تختص بصورة إحراز التفريط ولو بترك الوصية ولا تعمّ صورة الموت فجأة أو صورة نسيانه عند موته أنّ عنده مال المضاربة.
(مسألة 606): إذا كان رأس المال مشتركاً بين شخصين فضاربا واحداً ثم فسخ أحد الشريكين دون الآخر فالظاهر بقاء عقد المضاربة بالإضافة إلى حصة الآخر.
(مسألة 607): إذا أخذ العامل مال المضاربة وأبقاه عنده ولم يتجر به إلى مدة قليلة أو كثيرة لم يستحق المالك عليه غير أصل المال، وإن كان عاصياً في تعطيل مال الغير.
(مسألة 608): إذا اشترط العامل على المالك في عقد المضاربة عدم كون الربح جابراً للخسران المتقدم على الربح أو المتأخر عنه فالظاهر الصحة.
|
|