كتاب الغصب

وهو حرام عقلاً وشرعاً ويتحقق بالاستيلاء على مال الغير ظلماً وإن كان عقاراً ويضمن تمامه بالاستقلال، ولو سكن الدار قهراً مع المالك ضمن النصف لو كانت بينهما بنسبة واحدة ولو اختلفت فبتلك النسبة ويضمن المنفعة إذا كانت مستوفاة، وكذا إذا فاتت تحت يده، ولو غصب الحامل ضمن الحمل.
(مسألة 682): لو منع المالك من إمساك الدابة المرسلة فشردت أو من القعود على بساطه فسرق لم يضمن ما لم يستند الإتلاف إليه وإلاّ فيضمن.

(مسألة 683): لو غصب من الغاصب تخير المالك في الاستيقاء ممن شاء فإن رجع على الاول رجع الاول على الثاني وإن رجع على الثاني لم يرجع على الأول.

(مسألة 684): إذا استولى على حر فتلف عنده فلا ضمان على المستولي وإن كان الحر صغيراً إلاّ أن يكون تلفه مستنداً إليه.

(مسألة 685): إذا منع حراً عن عمله لم يضمن إلاّ إذاكان أجيراً خاصاً لغيره فيضمن لمن استأجره ولو كان أجيراً له لزمته الاُجرة ولو استعمل الحر فعليه اُجرة عمله.

(مسألة 686): لو أزال القيد عن العبد المجنون أو الفرس ضمن جنايتهما وكذا الحكم في كل حيوان جنى على غيره من إنسان أو حيوان أو غيرهما فإن صاحبه يضمن جنايته إذا كان بتفريط منه إما بترك رباطه أوبحله من الرباط إذا كان الحيوان من شأنه أن يربط وقت الجناية للتحفظ منه.

(مسألة 687): لو انهار جدار الجار فوقع على إنسان أو حيوان أو غيرهما فصاحب الدار ضامن إذا كان عالماً بالانهيار فلم يصلحه أو يهدمه وتركه حتى انهدم فأصاب عينا فاتلفها. وكذا لو كان الجدار في الطريق العام فإن صاحب الجدار ضامن للتلف الحاصل من انهدامه إذا لم يبادر إلى قلعه أو إصلاحه، وضمان صاحب الجدار في الفرضين مشروط بجهل التالف بالحال إن كان إنساناً وبجهل مالكه إن كان من الأموال فلو وقف شخص تحت الجدار المنهار أو ربط حيوانه هناك مع علمه بالحال فانهدم الجدار فتلف الإنسان أو الحيوان لم يكن على صاحب الجدار ضمان.

(مسألة 688): ضمان الإنسان يتعلق بذمته في ماله لا على عاقلته.

(مسألة 689): لو فتح باباً فسرق غيره المتاع ضمن السارق.

(مسألة 690): لو أجج ناراً من شأنها السراية إلى مال الغير فسرت إليه ضمنه، وإذا لم يكن من شأنها السراية فاتفقت السراية بتوسط الريح أو غيره لم يضمن.

(مسألة 691): يضمن المسلم للذمي الخمر والخنزير بقيمتهما عندهم مع الاستتار وقيل: يضمن للمسلم حق اختصاصه فيما إذا استولى عليهما لغرض صحيح، وفيه تأمل بل منع فإنّ الخمر القابل للتخليل ملك للمسلم ولكن لا مالية لها شرعاً ليضمن.

(مسألة 692): يجب رد المغصوب فإن تعيب ضمن الأرش فإن تعذر الرد ضمن مثله ولولم يكن مثلياً ضمنه بقيمته يوم الغصب، والأحوط التصالح لو اختلفت القيمة من يوم غصبه إلى أدائه.

(مسألة 693): لو اُعوز المثل في المثلي ضمن قيمة يوم الأداء.

(مسألة 694): لو زادت القيمة للسوق فنقصت لم يضمنها، ولو زادت الصفة فنقصت ضمنها فعليه رد العين وقيمة تلك الزيادة، ولو تجددت صفة لا قيمة لها لم يضمنها.

(مسألة 695): لو زادت القيمة لنقص بعضه مما له مقدر كالجب فعليه دية الجناية، ولو زادت العين زيادة حكمية أو عينية كانت الزيادة للمالك وإن كانت مستندة إلى فعل الغاصب نعم إذا كانت الزيادة ملك الغاصب كما إذا غرس في الأرض المغصوبة شجراً رجع بها وعليه أرش النقصان لو نقصت العين وليس له الرجوع بأرش نقصان عينه.

(مسألة 696): لو غصب عبداً وجنى عليه بكمال قيمته رده مع القيمة على قول وفيه تأمل.

(مسألة 697): لو امتزج المغصوب بجنسه فإن كان بما يساويه شارك المالك بقدر كميته وإن كان بأجود منه أو بالأدون فله أن يشارك بقدر ماليته وله أن يطالب الغاصب ببدل ماله وكذا لو كان المزج بغير جنسه ولم يتميز كامتزاج الخل بالعسل ونحو ذلك.

(مسألة 698): لو اشترى شيئاً جاهلاً بالغصب رجع بالثمن على الغاصب وبما غرم للمالك عوضاً عما لا نفع له في مقابله أو كان له فيه نفع، ولو كان عالماً فلا رجوع بشيء مما غرم للمالك.

(مسألة 699): لو غصب أرضاً فزرع فيها زرعاً كان الزرع له وعليه الاُجرة للمالك والقول قول الغاصب في مقدار القيمة مع اليمين وتعذر البينة.

(مسألة 700): يجوز لمالك العين المغصوبة انتزاعها من الغاصب ولو قهراً وإذا انحصر استنقاذ الحق بمراجعة الحاكم الجائر جاز ذلك ولا يجوز له مطالبة الغاصب بما صرفه في سبيل أخذ الحق.

(مسألة 701): إذا كان له دين على آخر وامتنع من أدائه وصرف مالاً في سبيل تحصيله لا يجوز له أن يأخذه من المدين إلاّ إذا اشترط عليه ذلك في ضمن معاملة لازمة.

(مسألة 702): إذا وقع في يده مال الغاصب جاز أخذه مقاصة ولا يتوقف على إذن الحاكم الشرعي، كما لا يتوقف ذلك على تعذر الاستيفاء بواسطة الحاكم الشرعي.

(مسألة 703): لا فرق في مال الغاصب المأخوذ مقاصة بين أن يكون من جنس المغصوب وغيره كما لا فرق بين أن يكون وديعة عنده وغيره.

(مسألة 704): إذا كان مال الغاصب أكثر قيمة من ماله أخذ منه حصة تساوي ماله وكان بها استيفاء حقه ولا يبعد جواز بيعها أجمع واستيفاء دينه من الثمن، والأحوط أن يكون ذلك بإجازة الحاكم الشرعي ويرد الباقي من الثمن إلى الغاصب.

(مسألة 705): لو كان المغصوب منه قد استحلف الغاصب فحلف على عدم الغصب لم تجز المقاصة منه.

كتاب إحياء الموات

المراد بالموات: الأرض المتروكة التي لا ينتفع بها إما لعدم المقتضي لإحيائها، وإما لوجود المانع عنه كانقطاع الماء عنها أو استيلاء المياه أو الرمال أو الأحجار أو السبخ عليها أو نحو ذلك.
(مسألة 706): الموات على نوعين:
1 ـ الموات بالأصل وهو مالم يعلم بعروض الحياة عليه أو علم عدمه كأكثر البراري والمفاوز والبوادي وسفوح الجبال ونحو ذلك.
2 ـ الموات بالعارض وهو ما عرض عليه الخراب والموتان بعد الحياة والعمران.

(مسألة 707): يجوز لكل أحد إحياء الموات بالأصل، والظاهر أن يملك به من دون فرق بين كون المحيي مسلماً أو كافراً.

(مسألة 708): الموات بالعارض على أقسام:
الأول: ما لا يكون له مالك وذلك كالأراضي الدارسة المتروكة والقرى أو البلاد الخربة والقنوات الطامسة التي كانت للاُمم الماضية الذين لم يبق منهم أحد بل ولا اسم ولا رسم أو أنها تنسب إلى طائفة لم يعرف عنهم سوى الاسم.
الثاني: ما يكون له مالك مجهول لم يعرف شخصه.
الثالث: ما يكون له مالك معلوم.
أما القسم الأول فحاله حال الموات بالأصل ولا يجري عليه حكم مجهول المالك.
وأما القسم الثاني ففي جواز إحيائه والقيام بعمارته وعدمه وجهان: المشهور هو الأول ولكن الأحوط الأولى فيه الفحص عن صاحبه وبعد اليأس عنه يعامل معه معاملة مجهول المالك فإما أن يشتري عينه من الحاكم الشرعي أو وكيله المأذون ويصرف ثمنه على الفقراء، وإما أن يستأجره منه باُجرة معينة أو يقدر ما هو اُجرة مثله ويتصدق بها على الفقراء هذا فيما إذا لم يعلم بإعراض مالكه عنه، وأما إذا علم به جاز إحياؤه وتملكه بلا حاجة إلى الإذن أصلاً.
وأما القسم الثالث فإن أعرض عنه صاحبه جاز لكل أحد إحياؤه وإن لم يعرض عنه فإن أبقاه مواتاً للانتفاع به على تلك الحال من حشيشه أو قصبه أو جعله مرعى لدوابه وأنعامه أو أنه كان عازماً على إحيائه وإنما أخّر ذلك لانتظار وقت صالح له أو لعدم توفر الآلات والأسباب المتوقف عليها الإحياء ونحو ذلك فلا إشكال في جميع ذلك في عدم جواز إحيائه لأحد والتصرف فيه بدون إذن مالكه.
وأما إذا علم أن إبقاءه من جهة عدم الاعتناء به وأنه غير قاصد لإحيائه فالظاهر جواز إحيائه لغيره إذا كان سبب ملك المالك الأول الإحياء وليس له على الأحوط انتزاعه من يد المحيي كما أنّ الأحوط أنه لو رجع إليه المالك الأول أن يعطي حقه إليه ولا يتصرف فيه بدون إذنه. وأما إذا كان سبب ملكه غير الإحياء من الشراء أو الإرث فالأحوط عدم جواز إحيائه لغيره والتصرف فيه بدون إذنه ولو تصرف فيه بزرع أو نحوه فعليه اُجرته لمالكه على الأحوط.

(مسألة 709): كما يجوز إحياء البلاد القديمة الخربة والقرى الدارسة التي باد أهلها كذلك يجوز حيازة موادها وأجزائها الباقية من الأخشاب والأحجار والآجر وما شاكل ذلك ويملكها الحائز إذا أخذها بقصد التملك.

(مسألة 710): الأراضي الموقوفة التي طرأ عليها الموتان والخراب على أقسام:
1 ـ ما لا يعلم كيفية وقفها أصلاً وأنها وقف خاص أو عام أو أنها وقف على الجهات.
2 ـ ما علم أنها وقف على قوم ولم يبق منهم أثر أو على طائفة لم يعرف منهم سوى الاسم خاصة.
3 ـ ما علم أنها وقف على جهة من الجهات ولكن تلك الجهة غير معلومة أنها مسجد أو مدرسة أو مشهد أو مقبرة أو غير ذلك.
4 ـ ما علم أنها وقف على أشخاص ولكنهم غير معلومين بأشخاصهم وأعيانهم كما إذا علم أن مالكها وقفها على ذريته مع العلم بوجودهم فعلاً.
5 ـ ما علم أنها وقف على جهة معينة أو أشخاص معلومين بأعيانهم.
6 ـ ما علم إجمالاً بأن مالكها قد وقفها ولكن لا يدري أنه وقفها على جهة كمدرسته المعينة أو أنه وقفها على ذريته المعلومين بأعيانهم ولم يكن طريق شرعي لإثبات وقفها على أحد الأمرين.
أما القسم الأول والثاني الظاهر أنه لا إشكال في جواز إحيائهما لكل أحد ويملكهما المحيي فحالهما من هذه الناحية حال سائر الأراضي الموات.
وأما القسم الثالث فالمشهور جواز إحيائه ولكنه لا يخلو من إشكال فالأحوط لمن يقوم بإحيائه وعمارته بزرع أو نحوه أن يراجع الحاكم الشرعي أو وكيله ويدفع اُجرة مثله إليه أو يصرفها في وجوه البر وله أن يشتريه منه أو يستأجره باُجرة معينة وكذلك الحال في القسم الرابع.
وأما القسم الخامس فيجب على من أحياه وعمره اُجرة مثله ويصرفها في الجهة المعينة إذا كان الوقف عليها، ويدفعها إلى الموقوف عليهم المعينين إذا كان الوقف عليهم، ويجب أن يكون التصرف بإجازة المتولي أو الموقوف عليهم.
وأما السادس فيجب على من يقوم بعمارته وإحيائه اُجرة مثله ويجب صرفها في الجهة المعينة بإجازة من الذرية كما أنه يجب عليه أن يستأذن في تصرفه فيه منهم ومن المتولي لتلك الجهة إن كان وإلاّ فمن الحاكم الشرعي أو وكيله وإذا لم تُجز الذرية الصرف في تلك الجهة فينتهي الأمر إلى القرعة في تعيين الموقوف عليه كما يأتي.

(مسألة 711): من أحيا أرضاً مواتاً تبعها حريمها بعد الإحياء وحريم كل شيء مقدار ما يتوقف عليه الانتفاع به ولا يجوز لأحد أن يحيي هذا المقدار بدون رضا صاحبه.

(مسألة 712): حريم الدار عبارة عن مسلك الدخول إليها والخروج منها في الجهة التي يفتح إليها باب الدار ومطرح ترابها ورمادها ومصب مائها وثلوجها وما شاكل ذلك.

(مسألة 713): حريم حائط البستان ونحوه مقدار مطرح ترابه والآلات والطين والجص إذا احتاج إلى الترميم والبناء.

(مسألة 714): حريم النهر مقدار مطرح ترابه وطينه إذا احتاج إلى الإصلاح والتنقية والمجاز على حافتيه للمواظبة عليه.

(مسألة 715): حريم البئر موضوع وقوف النازح إذا كان الاستقاء منها باليد وموضع تردد البهيمة والدولاب والموضع الذي يجتمع فيه الماء للزرع أو نحوه ومصبه ومطرح ما يخرج منها من الطين عند الحاجة ونحو ذلك.

(مسألة 716): حريم العين ما تحتاج إليه في الانتفاع منها على نحو ما مر في غيرها.

(مسألة 717): حريم القرية ما تحتاج إليه في حفظ مصالحها ومصالح أهلها من مجمع ترابها وكناستها ومطرح سمادها ورمادها ومجمع أهاليها لمصالحهم ومسيل مائها والطرق المسلوكة منهاوإليها ومدفن موتاهم ومرعى ماشيتهم ومحتطبهم وما شاكل ذلك كل ذلك بمقدار حاجة أهل القرية بحيث لو زاحم مزاحم لوقعوا في ضيق وحرج وهي تختلف باختلاف سعة القرية وضيقها وكثرة أهليها وقلتهم وكثرة مواشيها ودوابها وقلتها وهكذا وليس لذلك ضابط غير ذلك وليس لأحد أن يزاحم أهاليها في هذه المواضع.

(مسألة 718): حريم المزرعة ما يتوقف عليه الانتفاع منها ويكون من مرافقها كمسالك الدخول إليها والخروج منها ومحل بيادرها وحظائرها ومجتمع سمادها ونحو ذلك.

(مسألة 719): الأراضي المنسوبة إلى قرى طوائف العرب والعجم وغيرهم أو بلادهم لمجاورتها لبيوتهم ومساكنهم من دون تملكهم لها بالاحياء باقية على إباحتها الأصلية فلا يجوز لهم منع غيرهم من الانتفاع بها ولا يجوز لهم أخذ الاُجرة ممن ينتفع بها وإذا قسموها فيما بينهم لرفع التشاجر والنزاع لا تكون القسمة صحيحة فيجوز لكل من المتقاسمين التصرف فيما يختص بالآخر بحسب القسمة. نعم إذا كانوا يحتاجون إليها لرعي الحيوان أو نحو ذلك كانت من حريم أملاكهم ولا يجوز لغيرهم مزاحمتهم وتعطيل حوائجهم.

(مسألة 720): للبئر حريم آخر وهو أن يكون الفصل بين بئر وبئر اُخرى بمقدار لا يكون في إحداث البئر الثانية ضرر على الاُولى من جذب مائها تماماً أو بعضاً أو منع جريانه من عروقها وهذا هو الضابط الكلي في جميع أقسامها.

(مسألة 721): للعين والقناة أيضاً حريم آخر وهو أن يكون الفصل بين عين وعين اُخرى وقناة وقناة ثانية في الأرض الصلبة خمسمئة ذراع وفي الأرض الرخوة ألف ذراع. ولكن الظاهر أن هذا التحديد غالبي حيث إن الغالب يندفع الضرر بهذا المقدار من البعد وليس تعبدياً. وعليه فلو فرض أن العين الثانية تضر بالاُولى وينقص ماؤها مع هذا البعد فالظاهر عدم جواز إحداثها ولابد من زيادة البعد بما يندفع به الضرر أو يرضى به مالك الاُولى كما أنه لو فرض عدم لزوم الضرر عليها في إحداث قناة اُخرى في أقل من هذا البعد فالظاهر جوازه بلا حاجة إلى الإذن من صاحب القناة الاُولى. ولا فرق في ذلك بين إحداث قناة في الموات وبين إحداثها في ملكه فكما يعتبر في الأول أن لا يكون مضراً بالاُولى فكذلك في الثاني وأما حفر البئر في ملكه فلا بأس بذلك فيما إذا كان أمراً متعارفاً كما هو الحال في حفر الآبار في الأراضي الزراعية. كما أن الأمر كذلك في الآبار والأنهار التي تكون مجاري للماء فيجوز إحداث بئر يجري فيها الماء من منبعها قرب بئر اُخرى كذلك. وكذلك إحداث نهر قرب آخر وليس لمالك الأول منعه إلاّ إذا استلزم ضرراً فعندئذ يجوز منعه.

(مسألة 722): يجوز إحياء الموات التي في أطراف القنوات والآبار في غير المقدار الذي يتوقف عليه الانتفاع منها فإن اعتبار البعد المذكور في القنوات والآبار إنما هو بالإضافة إلى إحداث قناة أو بئر اُخرى فقط.

(مسألة 723): إذا لم تكن الموات من حريم العامر ومرافقه على النحو المتقدم جاز إحياؤها لكل أحد وإن كانت بقرب العامر ولا تختص بمن يملك العامر ولا أولوية له.

(مسألة 724): الظاهر أن الحريم مطلقاً ليس ملكاً لمالك ما له الحريم سواء أكان حريم قناة أو بئر أو قرية أو بستان أو دار أو نهر أو غير ذلك وإنما لا يجوز لغيره مزاحمته فيه باعتبار أنه من متعلقات حقه.

(مسألة 725): لا حريم للأملاك المتجاورة مثلاً لو بنى المالكان المتجاوران حائطاً في البين لم يكن له حريم من الجانبين وكذا لو بنى أحدهما في نهاية ملكه حائطاً أو غيره لم يكن له حريم في ملك الآخر.

(مسألة 726): يجوز لكل مالك أن يتصرف في ملكه بما شاء ما لم يستلزم ضرراً على جاره وإلاّ فالظاهر عدم جوازه كما إذا تصرف في ملكه على نحو يوجب خللاً في حيطان دار جاره أو حبس ماء في ملكه بحيث تسري الرطوبة إلى بناء جاره أو أحدث بالوعة أو كنيفاً بقرب بئر الجار فأوجب فساد مائها، وأما حفر بئر بقرب بئر جاره توجب نقصان مائها فقد تقدم أنه لا بأس به فيما إذا كان أمراً متعارفاً. والظاهر عدم الفرق بين أن يكون النقص مستنداً إلى جذب البئر الثانية ماء الاُولى وأن يكون مستنداً إلى كون الثانية أعمق من الاُولى. نعم، لا مانع من تعلية البناء وإن كانت مانعة عن الاستفادة من الشمس أو الهواء.

(مسألة 727): إذا لزم من تصرفه في ملكه ضرر معتد به على جاره ولم يكن مثل هذا الضرر أمراً متعارفاً فيما بين الجيران لم يجز له التصرف فيه ولو تصرف وجب عليه رفعه. هذا إذا لم يكن في ترك التصرف ضرر على المالك، وأما إذا كان في تركه ضرر عليه ففي جواز تصرفه عندئذ وعدمه وجهان والاحتياط في ترك التصرف لا يترك. كما أن الأحوط إن لم يكن أقوى ضمانه للضرر الوارد على جاره إذا كان مستنداً إليه عرفاً مثلاً لو حفر بالوعة في داره تضر ببئر جاره وجب عليه طمّها إلاّ إذا كان فيه ضرر على المالك وعندئذ ففي وجوب طمها وعدمه إشكال والاحتياط لا يترك. نعم، الظاهر عدم جريان هذا الحكم لو كان حفر البئر متأخراً عن حفر البالوعة.

(مسألة 728): قيل: من سبق من المؤمنين إلى أرض ذات أشجار وقابلة للانتفاع بها ملكها ولا يتحقق السبق إليها إلاّ بالاستيلاء عليها وصيرورتها تحت سلطانه وخروجها من إمكان استيلاء غيره عليها ولكن حصول الملك في مثل الغابات محل تأمل بل منع. وإنما الثابت تملك الموات بالإحياء.

(مسألة 729): قد حُثَّ في الروايات الكثيرة على رعاية الجار وحسن المعاشرة مع الجيران وكف الأذى عنهم وحرمة إيذائهم، وقد ورد في بعض الروايات أن الجار كالنفس وأن حرمته كحرمة اُمه، وفي بعضها الآخر أن حسن الجوار يزيد في الرزق ويعمر الديار ويزيد في الأعمار، وفي الثالث: من كف أذاه عن جاره أقال اللّه عثرته يوم القيامة، وفي الرابع: ليس منا من لم يحسن مجاورة من جاوره، وغيرها مما قد أكد الوصية بالجار وتشديد الأمر فيه.

(مسألة 730): يستحب للجار الإذن في وضع خشب جاره على حائطه مع الحاجة ولو أذن جاز له الرجوع قبل البناء عليه وكذا بعد البناء إذا لم يضر الرفع بل لا يبعد الجواز مع الإضرار ايضاً نعم لو كان الإذن في ضمن إنشاء الصلح ولو بلا عوض فلا يجوز له الرجوع مطلقاً.

(مسألة 731): لو تداعيا جداراً لا يد لأحدهما عليه فهو للحالف منهما مع نكول الآخر ولو حلفا أو نكلا فهو لهما ولو اتصل ببناء أحدهما دون الآخر أو كان له عليه طرح فهو له مع اليمين.

(مسألة 732): إذا اختلف مالك العلو ومالك السفل كان القول قول مالك السفل في جدران البيت وقول مالك العلو في جدران الغرفة والدرجة وفي اختصاص أصل السقف من البيت بمالك العلو تأمل خصوصاً فيما كان بنحو الأرج ولا يبعد أن يكون قولهما فيه من قبيل دعوى كل من الشخصين في مال بيدهما وأما المخزن تحت الدرجة فلا يبعد كونه لمالك السفل وطريق العلو في الصحن بينهما والباقي للأسفل.

(مسألة 733): يجوز للجار عطف أغصان شجر جاره عن ملكه إذا تدلت عليه فإن تعذر عطفها قطعها بإذن مالكها فإن امتنع أجبره الحاكم الشرعي، هذا فيما إذا ادّعى أن له الحق في تدلّي الأغصان وإلاّ فالأظهر جواز قطع الجار مع عدم إمكان عطفها وامتناع المالك عن قطعها كما هو الفرض لعدم احترامها للجار.

(مسألة 734): راكب الدابة أولى بها من قابض لجامها والمراد بالأولى اعتباره منكراً في مقام المنازعة ومالكاً في غيره فيجوز شراؤها منه ومالك الأسفل أولى بالغرفة المفتوح بابها إلى الجار من الجار مع التنازع واليمين وعدم البينة.

(مسألة 735): يعتبر في تملك الموات أن لا تكون مسبوقة بالتحجير من غيره ولو أحياها بدون إذن المحجر لم يملكها ويتحقق التحجير بكل ما يدل على إرادة الإحياء كوضع الأحجار في أطرافها أو حفر أساس أو حفر بئر من آبار القناة الدارسة الخربة فإنه تحجير بالإضافة إلى بقية آبار القناة بل هو تحجير أيضاً بالإضافة إلى الأراضي الموات التي تسقى بمائها بعد جريانه فلا يجوز لغيره إحياؤها.

(مسألة 736): لو حفر بئراً في الموات بالأصل لإحداث قناة فيها فالظاهر أنه تحجير بالإضافة إلى أصل القناة وبالإضافة إلى الأراضي الموات التي يصل إليها ماؤها بعد تمامها وليس لغيره إحياء تلك الأراضي.

(مسألة 737): الأظهر أنّ حق التحجير كحق السرقفلية نوع حق قابل للنقل إلى الغير ويتعلّق بالأرض المحجرة.

(مسألة 738): يعتبر في كون التحجير مانعاً تمكن المحجر من القيام بعمارته وإحيائه فإن لم يتمكن من إحياء ما حجره لمانع من الموانع كالفقر أو العجز عن تهيئة الأسباب المتوقف عليها الإحياء جاز لغيره إحياؤه، هذا فيما عدّ ترك عمارة الأرض تعطيلاً لها من استثمارها كالأراضي الصالحة للزراعة وغرس الأشجار وأما لولم تكن الأرض صالحة إلاّ لبناء المسكن فالتحجير ولو لاحتمال تمكّنه من إحيائها مستقبلاً لسكناه كاف في ثبوت الحق له على الأظهر.

(مسألة 739): لو حجر زائداً على ما يقدر على إحيائه لا أثر لتحجيره بالإضافة إلى المقدار الزائد.

(مسألة 740): لو حجر الموات من كان عاجزاً عن إحيائها ليس له نقلها إلى غيره بصلح أو هبة أو بيع أو نحو ذلك.

(مسألة 741): لا يعتبر في التحجير أن يكون بالمباشرة بل يجوز أن يكون بالتوكيل والاستيجار وعليه فالحق الحاصل بسبب عملهما للموكل والمستأجر لا للوكيل والأجير.

(مسألة 742): إذا وقع التحجير عن شخص نيابة عن غيره ثم أجاز النيابة فهل يثبت الحق للمنوب عنه أو لا وجهان لا يبعد عدم الثبوت.

(مسألة 743): إذا انمحت آثار التحجير فإن كان من جهة إهمال المحجر بطل حقه وجاز لغيره إحياؤه وإذا لم يكن من جهة إهماله وتسامحه وكان زوالها بدون اختياره كما إذا أزالها عاصف ونحوه فلا يبطل حقه.

(مسألة 744): اللازم على المحجر أن يشتغل بالعمارة والإحياء عقيب التحجير فلو أهمل وترك الإحياء وطالت المدة ففي جواز إحيائه لغيره بدون إذنه إشكال فالأحوط أن يرفع أمره إلى الحاكم الشرعي مع بسط يده أو وكيله فيلزم المحجر بأحد أمرين إما الإحياء أو رفع اليد عنه. نعم، إذا أبدى عذراً مقبولاً يمهل بمقدار زوال عذره فإذا اشتغل بعده بالتعمير ونحوه فهو وإلاّ بطل حقه وجاز لغيره إحياؤه، وإذا لم يكن الحاكم موجوداً فالظاهر سقوط حق المحجر إذا أهمل بمقدار يعد عرفاً تعطيلاً له والأحوط الأولى مراعاة حقه إلى ثلاث سنين.

(مسألة 745): الظاهر أنه لا يعتبر في التملك بالإحياء قصد التملك بل يكفي قصد الإحياء والانتفاع به بنفسه أومن هو بمنزلته فلو حفر بئراً في مفازة بقصد أن يقضي منها حاجته ملكها ولكن إذا ارتحل وأعرض عنها فهي مباحة للجميع.

(مسألة 746): لابد في صدق إحياء الموات من العمل فيه إلى حد يصدق عليه أحد العناوين العامرة كالدار والبستان والمزرعة والحظيرة والبئر والقناة والنهر وما شاكل ذلك ولذلك يختلف ما اعتبر في الإحياء باختلاف العمارة فما اعتبر في إحياء البستان والمزرعة ونحوهما غير ما معتبر في إحياء الدار وما شاكلها، وعليه فحصول الملك تابع لصدق أحد هذه العناوين ويدور مداره وجوداً وعدماً وعند الشك في حصوله يحكم بعدمه.

(مسألة 747): الإعراض عن الملك لا يوجب زوال ملكيته، نعم إذا سبق إليه من تملكه ملكه وإلاّ فهو يبقى على ملك مالكه فإذا مات فهو لوارثه، ولا يجوز التصرف فيه إلاّ باذنه أو إعراضه عنه هذا في المنقولات، وأما غيرها كالآبار والأراضي والبساتين فلا يدخل بعد إعراض المالك في ملك أحد بالسبق إليه وإنما يكون للسابق حق السبق فلا يجوز مزاحمته نعم إذا صارت الأرض مواتاً فيملكها من أحياها كسائر الأراضي الموات.