كتاب الرهن

ولابد فيه من الإيجاب والقبول من أهله ولا يعتبر في الإيجاب والقبول التلفظ بل يتحققان بالفعل أيضاً وفي اشتراط الإقباض إشكال أقواه ذلك.
(مسألة 817): يشترط في الرهن أن يكون المرهون عيناً مملوكة يمكن قبضها ويصح بيعها نعم في بطلان الرهن بالكلّي الثابت على عهدة الغير مع حصول القبض كما هو مقتضى اشتراطه في الرهن وكذا في بطلان رهن المنفعة كما لو استدان من مستأجر داره وجعل منفعتها غير المملوكة للمستأجر رهناً للدين المأخوذ منه تأمّل. وأن يكون الرهن على حق ثابت في الذمة عيناً كان أو منفعة.

(مسألة 818): يتوقف رهن غير المملوك للراهن على إجازة مالكه، ولو ضم مملوك غيره إلى مملوكه فرهنهما، لزم الرهن في ملكه وتوقف في الضميمة على إجازة مالكها.

(مسألة 819): يلزم الرهن من جهة الراهن، وللمرتهن رفع اليد عن حق الرهانة مع بقاء الدين.

(مسألة 820): رهن الحامل ليس رهناً للحمل وإن تجدد.

(مسألة 821): فوائد الرهن للمالك والرهن على أحد الدينين ليس رهناً على الآخر، ولو استدان من الدائن ديناً آخر وجعل الرهن على الأول رهناً عليهما صح.

(مسألة 822): يجوز للولي أن يرهن مال المولى عليه مع مصلحته.

(مسألة 823): المرتهن ممنوع من التصرف بغير إذن الراهن ولا بأس بتصرف الراهن في المرهون تصرفاً لا ينافي حق الرهانة ولا يجوز له التصرف المنافي من دون إذن المرتهن وتقدم حكم بيع الراهن العين المرهونة مع علم المشتري وجهله في شروط العوضين.

(مسألة 824): لو شرط المرتهن في عقد الرهن استيفاء منافع العين في مدة الرهن مجاناً فإن لم يرجع ذلك إلى الاشتراط في القرض أو في تأجيل الدين صح وكذلك ما لو شرط استيفاءها بالاُجرة مدة وإذا صح الشرط لزم العمل به إلى نهاية المدة وإن برئت ذمة الراهن من الدين.

(مسألة 825): لو شرط في عقد الرهن وكالة المرتهن أوغيره في البيع لم ينعزل مادام حياً.

(مسألة 826): لو أوصى الراهن إلى المرتهن أن يبيع العين المرهونة ويستوفي حقه منها لزمت الوصية وليس للوارث إلزامه برد العين واستيفاء دينه من مال آخر.

(مسألة 827): حق الرهانة موروث فإذا مات المرتهن قامت ورثته مقامه.

(مسألة 828): المرتهن أمين لا يضمن بدون التعدي ويضمن معه لمثله إن كان مثلياً وإلاّ فلقيمته يوم التعدي، والقول قوله مع يمينه في قيمته وعدم التفريط وقول الراهن في قدر الدين.

(مسألة 829): المرتهن أحق بالعين المرهونة من باقي الغرماء إذا صار الراهن مفلساً، ولو فضل من الدين شيء شاركهم في الفاضل، ولو فضل من الرهن وله دين بغير رهن تساوى الغرماء فيه وفي جريان الحكم على ما إذا مات الراهن وقصرت تركته عن ديونه تأمّل فلا يترك الاحتياط.

(مسألة 830): لو تصرف المرتهن بدون إذن الراهن ضمن وعليه الاُجرة.

(مسألة 831): لو أذن الراهن في البيع قبل الأجل فباع لم يتصرف في الثمن إلاّ بإذن الراهن حتى بعد الأجل وإذا لم يأذن في الاستيفاء حينئذ جاز للمرتهن الاستيفاء بلا إذن، كما أنه لو لم يأذن في البيع حينئذ وامتنع من وفاء الدين جاز للمرتهن البيع والاستيفاء بلا إذن والأحوط استحباباً مراجعة الحاكم الشرعي ولكن لو ادعى الراهن حينئذ عدم كونه ممتنعاً من أداء دينه فعلى المرتهن إثباته.

(مسألة 832): لو كان الرهن على الدين المؤجل وكان مما يفسد قبل الأجل كالأثمار فإن شرط الراهن عدم بيعه قبل الأجل بطل الرهن، وإلاّ لزم بيعه ويجعل ثمنه رهناً، فإن باعه الراهن أو وكليه فهو، وإن امتنع أجبره الحاكم، فإن تعذر باعه الحاكم أو وكيله، ومع فقده باعه المرتهن.

(مسألة 833): لو خاف المرتهن جحود الوارث عند موت الراهن ولا بينة له جاز أن يستوفي من الرهن مما في يده.

(مسألة 834): إذا اختلفا فالقول قول المالك مع ادعائه الوديعة وادعاء الآخر الرهن هذا إذا لم يكن الدين ثابتاً وإلاّ فالقول قول مدعي الرهن.

كتاب الحجر

وأسبابه اُمور:
الأول: الصغر، فالصغير ممنوع من التصرف حتى يبلغ ويعلم بنبت الشعر الخشن على العانة أو الاحتلام أو إكمال خمس عشرة سنة قمرية في الذكر وتسع في الاُنثى، والصغير كما أنه لا ينفذ تصرفه في أمواله لا ينفذ تصرفه في ذمته فلا يصح منه البيع والشراء في الذمة ولا الاقتراض وإن صادف مدة الأداء من البلوغ وكذا لا ينفذ منه التزويج والطلاق ولا إجارة نفسه ولا جعل نفسه عاملاً في المضاربة والمزارعة ونحو ذلك.
الثاني: الجنون، فلا يصح تصرفه إلاّ في أوقات إفاقته.
الثالث: السفه، فيحجر على السفيه في تصرفاته ويختص الحجر بأمواله على المشهور وهو الأظهر ويُعلم الرشد بإصلاح ماله عند اختباره بحيث يسلم من المغابنات وتقع أفعاله على الوجه الملائم ولا يزول الحجر مع فقد الرشد وإن طعن في السن، ويثبت الرشد في الرجال بشهادة أمثالهم، وفي النساء بشهادة الرجال وكذلك بشهادتين على إشكال.
الرابع: الملك، فلا ينعقد تصرف المملوك بدون إذن مولاه ولو ملكه مولاه شيئاً ملكه على الأصح، وكذا غيره إذا كان بإذن المولى.
الخامس: الفلس، ويحجر على المفلس بشروط أربعة: ثبوت ديونه عند الحاكم، وحلولها، وقصور أمواله عنها، ومطالبة أربابها الحجر وإذا حجر عليه الحاكم بطل تصرفه في ماله مع عدم إجازة الديان مادام الحجر باقياً.
(مسألة 835): لو اقترض المفلس بعد الحجر عليه أو اشترى في الذمة لم يشارك المقرض والبائع الغرماء ولو أتلف مال غيره فالأظهر عدم مشاركة صاحبه للغرماء، وكذا لو أقر بدين سابق أو بعين.

(مسألة 836): للمفلس إجازة البيع في جميع الموارد وفي جواز فسخه إشكال.

(مسألة 837): من وجد عين ماله في أموال المفلس كان له أخذها دون نمائها المنفصل، أما المتصل فإن كان كالطول والسمن وبلوغ الثمرة ونحوها مما لا يصلح للانفصال تبعها وما يصلح لذلك كالصوف والثمرة ونحوهما ففيه إشكال، والأظهر عدم التبعية.

(مسألة 838): من وجد عين ماله وقد خلطها المفلس بجنسها فله عين ماله مطلقاً، وإن كان بالأجود وكذا لو خلطها بغير جنسها ما لم تعد من التالف.

(مسألة 839): لا يختص الدائن بعين ماله إذا كانت في مال الميت مع قصور التركة.

(مسألة 840): يخرج الحب والبيض بالزرع والاستفراخ عن الاختصاص.

(مسألة 841): للشفيع أخذ الشقص ويضرب البائع مع الغرماء، وإذا كان في التركة عين زكوية قدمت الزكاة على الديون وكذلك الخمس، وإذا كانا في ذمة الميت كانا كسائر الديون.

(مسألة 842): لو أفلس بثمن اُم الولد بيعت أو أخذها البائع بعد موت الولد وأما قبله ففيه إشكال والجواز أظهر.

(مسألة 843): لا يحل مطالبة المعسر ولا إلزامه بالتكسب إذا لم يكن من عادته وكان عسراً عليه ولا بيع دار سكناه اللائقة بحاله بل الأحوط عدم إلزامه ببيع داره مطلقاً ولا عبد خدمته ولا غيره مما يعسر عليه بيعه كما تقدم في كتاب الدين.

(مسألة 844): لا يحل بالحجر الدين المؤجل ولو مات من عليه الدين حلّ ولا يحل بموت صاحبه.

(مسألة 845): المشهور أنّه ينفق على المفلس من ماله إلى يوم القسمة وعلى عياله ولكن في التحديد إشكال فلا يترك الاحتياط ولو مات قدم الكفن وغيره من واجبات التجهيز.

(مسألة 846): يقسم المال على الديون الحالة بالتقسيط ولو ظهر دين حال بعد القسمة نقضت وشاركهم، ومع إحراز أمواله وضبطهايطلق وإن لم تقسّم ويزول الحجر بالأداء.

(مسألة 847): الولاية في مال الطفل والمجنون والسفيه إذا بلغا كذلك للأب والجد له، فإن فقدا فللوصي إذا كان وصياً في ذلك فإن فقد فللحاكم وفي مال السفيه والمجنون اللذين عرض عليهما السفه والجنون بعد البلوغ فالمشهور أن الولاية للحاكم خاصه وفيه إشكال.

كتاب الضمان

الضمان هو نقل المال عن ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن للمضمون له.
(مسألة 848): يعتبر في الضمان الإيجاب من الضامن، والقبول من المضمون له بكل ما يدل على تعهد الأول بالدين، ورضا الثاني بذلك.

(مسألة 849): الأحوط اعتبار التنجيز في عقد الضمان، فالتعليق لا يخلو عن إشكال. نعم لا يبعد صحة ضمان الدين على نحو ضمان العين الخارجية بمعنى تعهد ما في ذمة الغير كالتعهد في الأعيان المضمونة الراجع إلى قضية تعليقية وأثره اشتغال الذمّة على تقدير عدم وفاء المديون كما أن أثره في ضمان العين الخارجية ذلك على تقدير تلفها فعندئذ للدائن أن يطالب الضامن على تقدير عدم أداء المدين. وهذا ما يسمّى بالضمان العقلاني أو ضمان الأداء مقابل الضمان المصطلح المسمى بالضمان الشرعي.

(مسألة 850): يعتبر في الضامن والمضمون له البلوغ والعقل والاختيار وعدم السفه، وعدم التفليس أيضاً في خصوص المضمون له وأما في المديون فلا يعتبر شيء من ذلك فلو ضمن شخص ما على المجنون أو الصغير من الدين صح.

(مسألة 851): إذا دفع الضامن ما ضمنه إلى المضمون له رجع به إلى المضمون عنه إذا كان الضمان بطلبه وإلاّ لم يرجع.

(مسألة 852): إذا أبرأ المضمون له ذمة الضامن عن تمام الدين برئت ذمته، ولا يجوز له الرجوع إلى المضمون عنه، وإذا أبرأ ذمته عن بعضه برئت عنه، ولا يرجع إلى المضمون عنه بذلك المقدار. وإذا صالح المضمون له الضامن بالمقدار الأقل، فليس للضامن مطالبة المضمون عنه إلاّ بذلك المقدار دون الزائد، وكذا الحال لو ضمن الدين بمقدار أقل من الدين برضا المضمون له.
والضابط أن الضامن لا يطالب المضمون عنه إلاّ بما خسر دون الزائد ومنه يظهر أنه ليس له المطالبة في صورة تبرع أجنبي لأداء الدين.

(مسألة 853): عقد الضمان لازم، فلا يجوز للضامن فسخه ولا للمضمون له.

(مسألة 854): يشكل ثبوت الخيار لكل من الضامن والمضمون له بالاشتراط أو بغيره بل الأظهر عدمه نعم لا يبعد ثبوت الخيار للمضمون له إذا ظهر فقر الضامن حين عقد الضمان.

(مسألة 855): إذا كان الدين حالاً وضمنه الضامن مؤجلاً، فيكون الأجل للضمان لا للدين، فلو أسقط الضامن الأجل وأدى الدين حالاً، فله مطالبة المضمون عنه كذلك، وكذا إذا مات الضامن قبل انقضاء الأجل المذكور.

(مسألة 856): إذا كان الدين مؤجلاً وضمنه شخص كذلك، ثم أسقط الأجل وأدى الدين حالاً، فليس له مطالبة المضمون عنه قبل حلول الأجل. وكذلك الحال إذا مات الضامن في الأثناء، فإن المضمون له يأخذ المال المضمون من تركته حالاًّ ولكن ليس لورثته مطالبة المضمون عنه قبل حلول الأجل.

(مسألة 857): إذا كان الدين مؤجلاً وضمنه شخص حالاًّ بإذن المضمون عنه، وأدى الدين، فالظاهر جواز الرجوع إليه بعد أداء الدين، لأنه المتفاهم العرفي من إذنه بذلك.

(مسألة 858): إذا كان الدين مؤجلاً وضمنه بأقل من أجله، كما إذا كان أجله ثلاثة أشهر مثلاً، وضمنه بمدة شهر وأداه بعد هذه المدة، وقبل حلول الأجل، فليس له مطالبة المضمون عنه بذلك قبل انقضاء الأجل الأول، وهو أجل الدين وإذا ضمنه بأكثر من أجله، ثم أسقط الزائد وأداه، فله مطالبة المضمون عنه بذلك، وكذا الحال إذا مات الضامن بعد انقضاء أجل الدين وقبل انقضاء المدة الزائدة.

(مسألة 859): إذا احتسب المضمون له ما على ذمة الضامن خمساً بإجازة من الحاكم الشرعي أو زكاة، أو صدقة، فالظاهر أن للضامن أن يطالب المضمون عنه بذلك، وكذا الحال إذا أخذه منه ثم رده إليه بعنوان الهبة أو نحوها، وهكذا إذا مات المضمون له وورث الضامن ما في ذمته.

(مسألة 860): يجوز الضمان بشرط الرهانة من المضمون عنه.

(مسألة 861): إذا كان على الدين الثابت في ذمة المضمون عنه رهن فهو ينفك بالضمان.

(مسألة 862): إذا ضمن شخصان مثلاً عن واحد، فلا يخلو من أن يكون إما بنحو العموم المجموعي أو بنحو العموم الاستغراقي، فعلى الأول يقسط الدين عليهما، وعلى الثاني قيل يكون كل واحد منهما ضامناً على نحو تعاقب الأيدي. وعليه فإذا أبرأ المضمون له أحدهما بخصوصه برئت ذمته دون الآخر وفيه إشكال بل الأظهر البطلان.

(مسألة 863): إذا كان مديوناً لشخصين، صح ضمان شخص لهما أو لأحدهما المعين، ولا يصح ضمانه لأحدهما لا على التعيين وكذا الحال إذا كان شخصان مديونين لواحد، فضمن عنهما شخص، فإن كان ضمانه عنهما أو عن أحدهما المعين صح، وإن كان عن أحدهما لا على التعيين لم يصح.

(مسألة 864): إذا كان المديون فقيراً لم يصح أن يضمن شخص عنه بالوفاء من الخمس أو الزكاة أو المظالم. ولا فرق في ذلك بين أن تكون ذمة الضامن مشغولة بها فعلا أم لا.

(مسألة 865): إذا كان الدين الثابت على ذمة المدين خمساً أو زكاة صح أن يضمن عنه شخص للحاكم الشرعي أو وكيله.

(مسألة 866): إذا ضمن شخص في مرض موته صح الضمان، ويخرج المال المضمون من أصل تركته، سواء أكان الضمان بإذن المضمون عنه أم لا.

(مسألة 867): يصح أن يضمن شخص للمرأة نفقاتها الماضية. وأما ضمانه لنفقاتها الآتية، ففي صحته إشكال. وأما نفقة الأقارب فلا يصح ضمانها بلا إشكال.

(مسألة 868): يصح ضمان الأعيان الخارجية، بمعنى كون العين في عهدة الضامن فعلاً، وأثر ذلك وجوب ردها مع بقاء العين المضمونة ورد بدلها من المثل أو القيمة عند تلفها. ومن هذا القبيل ضمان شخص عهدة الثمن للمشتري إذا ظهر المبيع مستحقاً للغير أو ظهر بطلان البيع من جهة اُخرى. والضابط أن الضمان في الأعيان الخارجية بمعنى التعهد لا بمعنى الثبوت في الذمة، فهو قسم آخر من الضمان.

(مسألة 869): في صحة ضمان ما يحدثه المشتري في الأرض المشتراة من بناء أو غرس أو نحو ذلك إذا ظهر كونها مستحقة للغير إشكال.

(مسألة 870): إذا قال شخص لآخر إلق متاعك في البحر وعليَّ ضمانه، فألقاه ضمنه، سواء أكان لخوف غرق السفينة أو لمصلحة اُخرى من خفتها أو نحوها، وهكذا إذا أمره بإعطاء دينار مثلاً لفقير أو أمره بعمل لآخر أو لنفسه، فإنه يضمن إذا لم يقصد المأمور المجانية.

(مسألة 871): إذا اختلف الدائن والمدين في أصل الضمان، كما إذا ادعى المديون الضمان وأنكره الدائن، فالقول قول الدائن، وهكذا إذا ادعى المديون الضمان في تمام الدين، وأنكره المضمون له في بعضه.

(مسألة 872): إذا ادعى الدائن على أحد الضمان فأنكره فالقول قول المنكر ولكن لا يجوز للدائن حينئذ المراجعة إلى المدين لاعترافه ببراءة ذمته من دينه وإذا اعترف بالضمان واختلفا في مقداره أو في اشتراط التعجيل إذا كان الدين مؤجلاً، فالقول قول الضامن، وإذا اختلفا في اشتراط التأجيل مع كون الدين حالاً، أو في وفائه للدين، أو في إبراء المضمون له قدم قول المضمون له.

(مسألة 873): إذا اختلف الضامن والمضمون عنه في الإذن وعدمه أو في وفاء الضامن للدين، أو في مقدار الدين المضمون، أو في اشتراط شيء على المضمون عنه، قدم قول المضمون عنه.

(مسألة 874): إذا أنكر المدعى عليه الضمان، ولكن استوفى المضمون له الحق منه بإقامة بينة، فليس له مطالبة المضمون عنه، لاعترافه بأن المضمون له أخذ المال منه ظلماً.

(مسألة 875): إذا ادعى الضامن الوفاء. وأنكر المضمون له وحلف، فليس للضامن الرجوع إلى المضمون عنه إذا لم يصدقه في ذلك.

(مسألة 876): يجوز الترامي في الضمان بأن يضمن زيد دين عمرو، ويضمن بكر عن زيد وهكذا فتبرأ ذمة غير الضامن الأخير وتشتغل ذمته للدائن فإذا أدّاه رجع به إلى سابقه وهو إلى سابقه وهكذا إلى أن ينتهي إلى المدين الأول هذا إذا كان الضمان بإذن المضمون عنه وإلاّ فلا رجوع عليه فلو كان ضمان زيد بغير إذن عمرو وكان ضمان بكر بإذن زيد وأدى بكر الدين رجع به إلى زيد ولا يرجع زيد إلى عمرو.

كتاب الحوالة

الحوالة هي تحويل المدين مافي ذمته من الدين إلى ذمة غيره بإحالة الدائن عليه.
(مسألة 877): يعتبر في الحوالة الإيجاب من المحيل والقبول من المحال بكل ما يدل عليهما من لفظ أو فعل أو كتابة.

(مسألة 878): يشترط في المحيل والمحال البلوغ والعقل والرشد، كما يعتبر فيهما عدم التفليس إلاّ في الحوالة على البريء، فإنه يجوز فيها أن يكون المحيل مفلساً أو سفيهاً، ويعتبر في المحيل والمحال الاختيار، وفي اعتباره في المحال عليه إشكال. والأظهر عدم الاعتبار إلاّ في الحوالة على البريء أو بغير الجنس، فيعتبر عندئذ قبول المحال عليه برضاه واختياره.

(مسألة 879): يعتبر في الحوالة أن يكون الدين ثابتاً في ذمة المحيل فلا تصح الحوالة بما سيستقرضه.

(مسألة 880): يشترط في الحوالة أن يكون المال المحال به معيناً، فإذا كان شخص مديناً لآخر بمن من الحنطة ودينار، لم يصح أن يحيله بأحدهما من غير تعيين.

(مسألة 881): يكفي في صحة الحوالة تعين الدين واقعاً، وإن لم يعلم المحيل والمحال بجنسه أو مقداره حين الحوالة فإذا كان الدين مسجلاً في الدفتر، فحوله المدين على شخص قبل مراجعته فراجعه، وأخبر المحال بجنسه ومقداره صحت الحوالة.

(مسألة 882): للمحال أن لا يقبل الحوالة وإن لم يكن المحال عليه فقيراً ولا مماطلاً في أداء الحوالة.

(مسألة 883): لا يجوز للمحال عليه البريء مطالبة المال المحال به من المحيل قبل أدائه إلى المحال، وإذا تصالح المحال مع المحال عليه على أقل من الدين، لم يجز أن يأخذ من المحيل إلاّ الأقل.

(مسألة 884): لا فرق في المال المحال به بين أن يكون عيناً في ذمة المحيل، أو منفعة أو عملاً لا يعتبر فيه المباشرة، كخياطة ثوب ونحوها، بل ولو مثل الصلاة والصوم والحج والزيارة والقراءة وغير ذلك، ولا فرق في ذلك بين أن تكون الحوالة على البريء أو على المشغول ذمته، كما لا فرق بين أن يكون المال المحال به مثلياً أو قيمياً.

(مسألة 885): الحوالة عقد لازم، فليس للمحيل والمحال فسخه. نعم لو كان المحال عليه معسراً حين الحوالة، وكان المحال جاهلاً به، جاز له الفسخ بعد علمه بالحال وإن صار غنياً فعلاً. وأما إذا كان حين الحوالة موسراً أو كان المحال عالماً بإعساره، فليس له الفسخ.

(مسألة 886): يجوز جعل الخيار لكل من المحيل والمحال والمحال عليه.

(مسألة 887): لو أدى المحيل نفسه الدين، فإذا كان بطلب من المحال عليه وكان مديناً، فله أن يطالب المحال عليه بما أداه. وأما إذا لم يكن بطلبه، أو لم يكن مديناً له، فليس له ذلك نعم له حينئذ الرجوع إلى المحال إن أدّاه بقصد أداء ما عليه.

(مسألة 888): إذا تبرع أجنبي عن المحال عليه برئت ذمته، وكذا إذا ضمن شخص عنه برضا المحال.

(مسألة 889): إذا طالب المحال عليه المحيل بما أداه، وأدعى المحيل أن له عليه مالاً وأنكره المحال عليه، فالقول قوله مع عدم البينة، فيحلف على براءته.

(مسألة 890): تصح الحوالة بمال الكتابة المشروطة أو المطلقة من السيد على مكاتبه، سواء أكانت قبل حلول النجم أو بعده، وبها يتحرر المكاتب لبراءة ذمته لمولاه، وتشتغل ذمته للمحال، ولا يتوقف تحرره على قبوله الحوالة، لفرض أنه مدين لمولاه.

(مسألة 891): إذا كان للمكاتب دين على أجنبي. فأحال المكاتب سيده عليه بمال الكتابة، فقبلها صحت الحوالة. وينعتق المكاتب، سواء أدى المحال عليه المال للسيد أم لا.

(مسألة 892): إذا اختلف الدائن والمدين في أن العقد الواقع بينهما كان حوالة أو وكالة. فمع عدم قيام البينة يقدم قول منكر الحوالة. سواء أكان هو الدائن أم المدين.

(مسألة 893): إذا كان له على زيد دنانير وعليه لعمرو دراهم فأحال عمراً على زيد بالدنانير فإن كان المراد بذلك تحويل ما بذمته من الدراهم بالدنانير برضا عمرو به ثم إحالة عمرو على زيد بالدنانير فلا إشكال، وإن كان المراد إحالته على زيد ليحتسب الدنانير بقيمة الدراهم من دون تحويل في الذمة لم يجب على زيد قبول الحوالة كما أنه إذا أحاله عليه بالدراهم مع بقاء اشتغال ذمته عليه بالدنانير لم يجب القبول بل هو من قبيل الحوالة على البريء.

كتاب الكفالة

الكفالة هي التعهد بإحضار المدين وتسليمه إلى الدائن عند طلبه ذلك.
(مسألة 894): تصح الكفالة بالإيجاب من الكفيل بكل ما يدل على تعهده والتزامه والقبول من الدائن بكل ما يدل على رضاه بذلك.

(مسألة 895): يعتبر في الكفيل العقل والبلوغ والاختيار، وعدم السفه، والقدرة على إحضار المدين ولا يبعد كفاية احتمال قدرته على إحضاره مع تمكنه من أداء ما على ذمّة المكفول ولا يشترط في الدائن البلوغ والرشد والعقل والاختيار، فتصح الكفالة للصبي والسفيه والمجنون إذا قبلها الولي.

(مسألة 896): تصح الكفالة باحضار المكفول إذا كان عليه حق مالي، ولا يشترط العلم بمبلغ ذلك المال وكذا لا يبعد صحّة كفالة كل من يستحق عليه الحضور إلى مجلس الحكم بأن تكون عليه دعوى مسموعة وإن لم تقم البيّنة عليه بالحق ولا تصحّ كفالة من عليه عقوبة من حدّ أو تعزير.

(مسألة 897): إذا كان المال ثابتاً في الذمة، فلا شبهة في صحة الكفالة. وأما إذا لم يكن ثابتاً في الذمة فعلاً، ولكن وجد سببه كالجعل في عقد الجعالة وكالعوض في عقد السبق والرماية وما شاكل ذلك، ففي صحة الكفالة في هذه الموارد إشكال، والصحة أقرب.

(مسألة 898): الكفالة عقد لازم لا يجوز فسخه من طرف الكفيل إلاّ بالاقالة، أو بجعل الخيار له.

(مسألة 899): إذا لم يحضر الكفيل المكفول، فأخذ المكفول له المال من الكفيل فإن لم يأذن المكفول لا في الكفالة ولا في الأداء، فليس للكفيل الرجوع عليه والمطالبة بما أداه. وإذا أذن في الكفالة والأداء أو أذن في الأداء فحسب، كان له أن يرجع عليه، وإن أذن له في الكفالة دون الأداء، فالظاهر عدم رجوعه عليه بما أداه. نعم إذا أخذ المكفول له المال من الكفيل وكان غير متمكن من إحضار المكفول عند طلب المكفول له فلا يبعد الضمان مع كون الكفالة بإذنه.

(مسألة 900): يجب على الكفيل التوسل بكل وسيلة مشروعة لإحضار المكفول إذا لم يؤدّ دين المكفول سواء كان الأداء مع الضمان كما لو أذن المكفول أو بدونه فإذا احتاج إلى الاستعانة بشخص قاهر، ولم تكن فيها مفسدة دينية وجبت الاستعانة به.

(مسألة 901): إذا كان المكفول غائباً احتاج حمله إلى مؤنة، فالظاهر أنها على الكفيل، إلاّ إذا كان صرفها بإذن من المكفول.

(مسألة 902): إذا نقل المكفول له حقه الثابت على المكفول إلى غيره ببيع أو صلح أو حوالة، أو هبة ولو قبل قبض المتهب، انتهت الكفالة.

(مسألة 903): إذا أخرج أحد من يد الغريم مديونه قهراً أو حيلة بحيث لا يظفر به ليأخذ منه دينه، فهو بحكم الكفيل يجب عليه إحضاره لديه، وإلاّ فيضمن عنه دينه، ويجب عليه تأديته له.

(مسألة 904): ينحل عقد الكفالة باُمور:
الأول: أن يسلم الكفيل المكفول إلى المكفول له.
الثاني: أن يؤدي دينه.
الثالث: ما إذا أبرأ المكفول له ذمة المدين.
الرابع: ما إذا مات المدين.
الخامس: ما إذا رفع المكفول له يده عن الكفالة.