كتاب الصلح

الصلح هو التسالم بين شخصين على تمليك عين أو منفعة أو إسقاط دين أو حق أو غير ذلك مجاناً، أو بعوض.

(مسألة 905): الصلح عقد مستقل ولا يرجع إلى سائر العقود وإن أفاد فائدتها فيفيد فائدة البيع إذا كان الصلح على عين بعوض، وفائدة الهبة إذا كان على عين بغير عوض وفائدة الإجارة إذا كان على منفعة بعوض، وفائدة الإبراء إذا كان على إسقاط حق أو دين.

(مسألة 906): إذا تعلق الصلح بعين أو منفعة أفاد انتقالهما إلى المتصالح، سواء أكان مع العوض أو بدونه. وكذا إذا تعلق بدين على غير المتصالح أو حق قابل للانتقال، كحقي التحجير والاختصاص، وإذا تعلق بدين على المتصالح. أفاد سقوطه. وكذا الحال إذا تعلق بحق قابل للإسقاط وغير قابل للنقل والانتقال، كحق الشفعة ونحوه. وأما ما لا يقبل الانتفال ولا الإسقاط، فلا يصح الصلح عليه.

(مسألة 907): يصح الصلح على مجرد الانتفاع بعين، كأن يصالح شخصاً على أن يسكن داره أو يلبس ثوبه في مدة، أو على أن يكون جذوع سقفه على حائطه، أو يجري ماءه على سطح داره، أو يكون ميزابه على عرصة داره، أو يكون الممر والمخرج من داره أو بستانه، أو على أن يخرج جناحاً في فضاء ملكه، أو على أن يكون أغصان أشجاره في فضاء أرضه، وغير ذلك. ولا فرق فيه بين أن يكون بلا عوض أو معه.

(مسألة 908): يجري الفضولي في الصلح، كما يجري في البيع ونحوه.

(مسألة 909): لا يعتبر في الصلح العلم بالمصالح به فإذا اختلط مال أحد الشخصين بمال الآخر جاز لهما أن يتصالحا على الشركة بالتساوي أو بالاختلاف كما يجوز لأحدهما أن يصالح الآخر بمال خارجي معين ولا يفرق في ذلك بين ما إذا كان التمييز بين المالين متعذراً وما إذا لم يكن متعذراً.

(مسألة 910): يجوز للمتداعيين أن يتصالحا بشيء من المدعى به أو بشيء آخر، حتى مع إنكار المدعى عليه، ويسقط بهذا الصلح حق الدعوى، وكذا يسقط حق اليمين الذي كان للمدعي على المنكر، فليس للمدعي بعد ذلك تجديد المرافعة، ولكن هذا قطع للنزاع ظاهراً، ولا يحل لغير المحق ما يأخذه بالصلح، وذلك مثل ما إذا ادعى شخص على آخر بدين فأنكره، ثم تصالحا على النصف، فهذا الصلح وإن أثر في سقوط الدعوى، ولكن المدعي لو كان محقاً فقد وصل إليه نصف حقه، ويبقى نصفه الآخر في ذمة المنكر، إلاّ أنه إذا كان المنكر معذوراً في اعتقاده لم يكن عليه إثم. نعم لو رضي المدعي بالصلح عن جميع ما في ذمته، فقد سقط حقه.

(مسألة 911): لو قال المدعى عليه للمدعي صالحني: لم يكن ذلك منه إقراراً بالحق، لما عرفت من أن الصلح يصح مع الإقرار والإنكار. وأما لو قال بعني أو ملكني، كان إقراراً إذا لم تكن قرينة على الخلاف.

(مسألة 912): يعتبر في المتصالحين البلوغ والعقل والاختيار والقصد وعدم الحجر لسفه أو غيره.

(مسألة 913): يتحقق الصلح بكل ما يدل عليه من لفظ أو فعل أو نحو ذلك، ولا تعتبر فيه صيغة خاصة.

(مسألة 914): لو تصالح شخص مع الراعي بأن يسلم نعاجه إليه ليرعاها سنة مثلاً، ويتصرف في لبنها ويعطي مقداراً معيناً من الدهن مثلاً صحت المصالحة، بل لو آجر نعاجه من الراعي سنة على أن يستفيد من لبنها بعوض مقدار معين من دهن أو غيره صحت الإجارة.

(مسألة 915): لا يحتاج إسقاط الحق أو الدين إلى القبول. وأما المصالحة عليه فتحتاج إلى القبول.

(مسألة 916): لو علم المديون بمقدار الدين، ولم يعلم به الدائن وصالحه بأقل منه، لم تبرأ ذمته عن المقدار الزائد إلا أن ينشأ عقد التراضي على الإبراء على كل تقدير.

(مسألة 917): لا تجوز المصالحة على مبادلة مالين من جنس واحد إذا كان مما يكال أو يوزن. مع العلم بالزيادة في أحدهما على الأحوط ولا بأس بها مع احتمال الزيادة.

(مسألة 918): لا بأس بالمصالحة على مبادلة دينين على شخص واحد أو على شخصين فيما إذا لم يكونا من المكيل أو الموزون، أو لم يكونا من جنس واحد، أو كانا متساويين في الكيل أو الوزن. وأما إذا كانا من المكيل أو الموزون ومن جنس واحد، فجواز الصلح على مبادلتهما مع زيادة محل إشكال.

(مسألة 919): يصح الصلح في الدين المؤجل بأقل منه إذا كان الغرض إبراء ذمة المديون من بعض الدين وأخذ الباقي منه نقداً، هذا فيما إذا كان الدين من جنس الذهب أو الفضة أو غيرهما من المكيل أو الموزون وأما في غير ذلك، فيجوز البيع والصلح بالأقل من المديون وغيره. وعليه فيجوز للدائن تنزيل الكمبيالة في المصرف وغيره في عصرنا الحاضر; لأن الدنانير الرائجة ليست مما يوزن أو يكال.

(مسألة 920): عقد الصلح لازم في نفسه حتى فيما إذا كان بلا عوض وكانت فائدته فائدة الهبة ولا ينفسخ إلاّ بتراضي المتصالحين بالفسخ أو بفسخ من جعل له حق الفسخ منهما في ضمن الصلح.

(مسألة 921): لا يجري خيار الحيوان ولا خيار المجلس ولا خيار التأخير في الصلح. نعم لو أخر تسليم المصالح به عن الحد المتعارف، أو اشترط تسليمه نقداً فلم يعمل به، فللآخر أن يفسخ المصالحة. وأما الخيارات الباقية فهي تجري في عقد الصلح.

(مسألة 922): لو ظهر العيب في المصالح به جاز الفسخ. وأما أخذ التفاوت بين قيمتي الصحيح والمعيب ففيه إشكال.

(مسألة 923): لو اشترط في عقد الصلح وقف المال المصالح به على جهة خاصة ترجع إلى المصالح نفسه أو إلى غيره أو جهة عامة في حياة المصالح أو بعد وفاته صح، ولزم الوفاء بالشرط وربما يعالج بهذا الاشتراط في عقد الصلح الفرار عن الوقف على النفس حيث إن القابل بعد انتقال المصالح به إليه يكون وقفه على المصالح من الوقف على الغير.

(مسألة 924): الأثمار والخضر والزرع يجوز الصلح عليها قبل ظهورها في عام واحد من دون ضميمة وإن كان لا يجوز ذلك في البيع على ما مر.

(مسألة 925): إذا كان لأحد الشخصين سلعة تسوى بعشرين درهماً مثلاً وللآخر سلعة تسوى بثلاثين واشتبهتا ولم تتميز إحداهما عن الاُخرى فإن تصالحا على أن يختار أحدهما فلا إشكال وإن تشاجرا بيعت السلعتان وقسم الثمن بينهما بالنسبة فيعطى لصاحب العشرين سهمان وللآخر ثلاثة أسهم، هذا فيما إذا كان المقصود لكل من المالكين المالية وأما إذا كان مقصود كل منهما شخص المال من دون نظر إلى قيمته وماليته كان المرجع في التعيين هو القرعة.

كتاب الاقرار

وهو إخبار عن ثبوت حق على المخبر أو نفي حق له على غيره، ولا يختص بلفظ بل يكفي كل لفظ دال على ذلك عرفاً ولولم يكن صريحاً وكذا تكفي الإشارة المعلومة.
(مسألة 926): لا يعتبر في نفوذ الإقرار صدوره من المقر ابتداءً واستفادته من الكلام بالدلالة المطابقية أو التضمنية فلو استفيد من كلام آخر على نحو الدلالة الالتزامية كان نافذاً أيضاً فإذا قال: الدار التي أسكنها اشتريتها من زيد كان ذلك إقرار منه بكونها ملكاً لزيد سابقاً وهو يدعي انتقالها منه إليه، ومن هذا القبيل ما إذا قال أحد المتخاصمين في مال للآخر: بعنيه، فإن ذلك يكون اعترافاً منه بمالكيته له إذا لم تكن قرينة على الخلاف كما تقدّم.

(مسألة 927): يعتبر في المقرّ به أن يكون مما لو كان المقر صادقاً في إخباره كان للمقر له إلزامه ومطالبته به وذلك بأن يكون المقر به مالاً في ذمته أو عيناً خارجية أو منفعة أو عملاً أو حقاً كحق الخيار والشفعة وحق الاستطراق في ملكه أو إجراء الماء في نهره أو نصب الميزاب على سطح داره وما شاكل ذلك وأما إذا أقر بما ليس للمقر له إلزامه به فلا أثر له كما إذا أقر بأن عليه لزيد شيئاً من ثمن خمر أو قمار ونحو ذلك لم ينفذ إقراره.

(مسألة 928): إذا أقر بشيء ثم عقبه بما يضاده وينافيه فإن كان ذلك رجوعاً عن إقراره ينفذ إقراره ولا أثر لرجوعه، فلو قال: لزيد عليَّ عشرون ديناراً ثم قال: لا بل عشرة دنانير اُلزم بالعشرين، وأما إذا لم يكن رجوعاً بل كان قرينة على بيان مراده لم ينفذ الإقرار إلاّ بما يستفاد من مجموع الكلام فلو قال: لزيد عليَّ عشرون ديناراً إلاّ خمسة دنانير كان هذا إقراراً على خمسة عشر ديناراً فقط ولا ينفذ إقراره إلاّ بهذا المقدار.

(مسألة 929): يشترط في المقر التكليف والحرية فلا ينفذ إقرار الصبي والمجنون ولا إقرار العبد بالنسبة إلى ما يتعلق بحق المولى بدون تصديقه مطلقاً ولو كان مما يوجب الجناية على العبد نفساً أو طرفاً. وأما بالنسبة إلى ما يتعلق به نفسه مالاً كان أو جناية فيتبع به بعد عتقه وينفذ إقرار المريض في مرض موته على الأظهر إلاّ إذا كان متهماً وكان اعترافه للغير بالدين أو العين.

(مسألة 930): يشترط في المقرّ له أهلية التملك ولو أقر للعبد فهو له لو قيل بملكه كما هو الظاهر.

(مسألة 931): لو قال: له عليَّ مال، اُلزم به فإن فسره بما لا يملك لم يقبل.

(مسألة 932): لو قال: هذا لفلان بل لفلان كان للأول وغرم القيمة للثاني، وإذا اعترف بنقد أو وزن أو كيل فيرجع في تعيينه إلى عادة البلد ومع التعدد إلى تفسيره.

(مسألة 933): لو أقر بالمظروف لم يدخل الظرف ولو أقر بالدين المؤجل ثبت المؤجل ولم يستحق المقر له المطالبة به قبل الأجل، ولو أقر بالمردد بين الاقل والأكثر ثبت الأقل.

(مسألة 934): لو أبهم المقر له فإن عين قبل، ولو ادعاه الآخر كان هو والمقرّ له خصمين وللآخر على المقر اليمين على عدم العلم إن ادعى عليه العلم.

(مسألة 935): لو أبهم المقر به ثم عين أو عينه من الأول وأنكره المقر له فإن كان المقر به ديناً على ذمة المقر فلا أثر للإقرار ولا يطالب المقر بشيء وإن كان عيناً خارجية، قيل: إن للحاكم انتزاعها من يده ولكن الأظهر عدمه.

(مسألة 936): لو ادعى البائع المواطاة على الإشهاد وأنه لم يقبض الثمن كان عليه إقامة البينة عليها أو إحلاف المشتري على إقباض الثمن.

(مسألة 937): إذا أقر بولد أو أخ أو اُخت أو غير ذلك، نفذ إقراره مع احتمال صدقه في ما عليه من وجوب انفاق أو حرمة نكاح أو مشاركة في إرث ونحو ذلك، وأما بالنسبة إلى غير ما عليه من الأحكام ففيه تفصيل فإن كان الإقرار بالولد فيثبت النسب بإقراره مع احتمال صدقه وعدم المنازع إذا كان الولد صغيراً وكان تحت يده، ولا يشترط فيه تصديق الصغير ولا يلتفت إلى إنكاره بعد بلوغه ويثبت بذلك النسب بينهما وبين أولادهما وسائر الطبقات. وأما في غير الولد الصغير لا أثر للإقرار إلاّ مع تصديق الآخر، فإن لم يصدقه الآخر لم يثبت النسب وإن صدقه ولا وارث غيرهما توارثا، وفي ثبوت التوارث مع الوارث الآخر إشكال، والاحتياط لا يترك وكذلك في تعدي التوارث إلى غيرهما ولا يترك الاحتياط أيضاً فيما لو أقر بولد أو غيره، ثم نفاه بعد ذلك وكذا فيما كان في البين ناف غير منازع.

(مسألة 938): لو أقر الوارث بأولى منه دفع ما في يده إليه ولو كان مساوياً دفع بنسبة نصيبه من الأصل ولو أقر باثنين فتناكرا لم يلتفت إلى تناكرهما فيعمل بالإقرار ولكن تبقى الدعوى قائمة بينهما، ولو أقر بأولى منه في الميراث ثم أقر بأولى من المقر له أولاً كما إذا أقر العم بالأخ ثم أقر بالولد فإن صدقه المقر له أولاً دفع إلى الثاني وإلاّ فإلى الأول ويغرم للثاني.

(مسألة 939): لو أقر الولد بآخر ثم أقر بثالث وأنكر الثالث الثاني كان للثالث النصف وللثاني السدس، ولو كانا معلومي النسب لا يلتفت إلى إنكاره وكذلك الحكم إذا كان للميت ولدان وأقر أحدهما له بثالث وأنكره الآخر فإن نصف التركة حينئذ للمنكر وثلثها للمقر وللمقر له السدس. وإذا كانت للميت زوجة وإخوة مثلاً وأقرت الزوجة بولد له فإن صدقها الإخوة كان ثمن التركة للزوجة والباقي للولد وإن لم يصدقها أخذ الإخوة ثلاثة أرباع التركة وأخذت الزوجة ثمنها والباقي وهو الثمن للمقر له.

(مسألة 940): يثبت النسب بشهادة عدلين ولا يثبت بشهادة رجل وامرأتين ولا بشهادة رجل ويمين، ولو شهد الأخوان بابن للميت وكانا عدلين كان أولى وثبت النسب، ولو كانا فاسقين لم يثبت النسب ويثبت الميراث إذا لم يكن لهما ثالث وإلاّ كان إقرارهما نافذاً في حقهما دون غيرهما.

كتاب الوكالة

ولابد فيها من الإيجاب والقبول بكل ما يدل عليهما من لفظ أو فعل ولا يعتبر فيها اتصال القبول بالإيجاب كما لا يشترط فيها التنجيز فلو علقها على شرط غير حاصل حال العقد أو مجهول الحصول حينه فالظاهر الصحة ويصح تصرف الوكيل حينئذ عند تحقيق الشرط.
(مسألة 941): الوكالة جائزة من الطرفين ولكن يعتبر في عزل الموكل له إعلامه به فلو تصرف قبل علمه به أو بلوغ خبر عزله بوجه معتبر صح تصرفه.

(مسألة 942): تبطل الوكالة بالموت وتلف متعلقها وفعل الموكل نفسه كما أنها تبطل بجنون الموكل وبإغمائه حال جنونه وإغمائه، وفي بطلانها مطلقاً حتى بعد رجوع العقل والإفاقة إشكال.

(مسألة 943): تصح الوكالة فيما لا يتعلق غرض الشارع بإيقاعه مباشرة ويعلم ذلك ببناء العرف والمتشرعة عليه.

(مسألة 944): الوكيل المأذون لا يجوز له التعدي حتى في تخصيص السوق إلاّ إذا علم أنه ذكره من باب أحد الأفراد.

(مسألة 945): لو عمم الموكل التصرف صح تصرف الوكيل مع المصلحة مطلقاً إلاّ في الإقرار نعم إذا قال أنت وكيلي في أن تقر عليَّ بكذا لزيد مثلاً كان هذا إقراراً منه لزيد به بلا فرق بين أن يقر الوكيل به أم لا.

(مسألة 946): الإطلاق في الوكالة يقتضي البيع حالاًّ بثمن المثل بنقد البلد وابتياع الصحيح وتسليم المبيع وتسليم الثمن بالشراء والرد بالعيب.

(مسألة 947): وكالة الخصومة عند القاضي لا تقتضي الوكالة في القبض وكذلك العكس.

(مسألة 948): يشترط أهلية التصرف في الوكيل والموكل، فيصح توكيل الصغير فيما جاز له مباشرته كالوصية إذا بلغ عشراً، ويجوز أن يكون الصغير وكيلاً ولو بدون إذن وليه.

(مسألة 949): لو وكل العبد بإذن مولاه صح.

(مسألة 950): ليس للوكيل أن يوكل غيره بغير إذن الموكل.

(مسألة 951): للحاكم التوكيل عن السُفهاء والبُلْه.

(مسألة 952): يستحب لذوي المروءات التوكيل في مهماتهم.

(مسألة 953): لا يتوكل الذمي على المسلم على المشهور ولكن الأظهر الجواز.

(مسألة 954): لا يضمن الوكيل إلاّ بتعد أو تفريط، ولا تبطل وكالته به.

(مسألة 955): القول قول الوكيل مع اليمين وعدم البينة في عدم التعدي والتفريط. وكذلك في العزل والعلم به والتصرف، وفي قبول قوله في الرد إشكال والأظهر العدم.

(مسألة 956): لو ادعى الوكيل التلف فالقول قوله إلاّ إذا كان متهماً فيطالب بالبينة.

(مسألة 957): القول قول منكر الوكالة، وقول الموكل لو ادعى الوكيل الإذن في البيع بثمن معيّن بل وكذا لو ادعى الوكيل الإذن في البيع مطلقاً وقال المالك: أذنتُ في البيع بثمن معيّن فإن وجدت العين استُعيدت، وإن فقدت أو تعذرت فالمثل أو القيمة إن لم يكن مثلياً.

(مسألة 958): لو زوجه فأنكر الموكل الوكالة حلف وعلى الوكيل نصف المهر لها وعلى الموكل إن كان كاذباً في إنكاره الزوجية طلاقها ولو لم يفعل وقد علمت الزوجة بكذبه فعليها إرضاؤه بالطلاق ولو على نحو التعليق أي على تقدير كونها زوجة، وفي جواز تصدي الحاكم لطلاقها بعد أمره الزوج بالإنفاق عليها وامتناعه إشكال.

(مسألة 959): لو وكل اثنين لم يكن لأحدهما الانفراد بالتصرف إلاّ إذا كانت هناك دلالة على توكيل كل منهما على الاستقلال.

(مسألة 960): لا تثبت الوكالة عند الاختلاف إلاّ بشاهدين عدلين.

(مسألة 961): لو أخّر الوكيل التسليم مع القدرة والمطالبة ضمن.

(مسألة 962): الوكيل المفوض إليه المعاملة بحكم المالك يرجع عليه البائع بالثمن ويرجع عليه المشتري بالمثمن وترد عليه العين بالفسخ بعيب ونحوه ويؤخذ منه العوض.

(مسألة 963): يجوز التوكيل فيما لا يتمكن الموكل منه فعلاً شرعاً إذا كان تابعاً لما يتمكن منه كما إذا وكله في شراء دار له وبيعها أو وكله في شراء عبد وعتقه أو في تزويج امرأة وطلاقها ونحو ذلك وأما التوكيل فيه استقلالاً بأن يوكله في بيع دار يملكها بعد ذلك أو في تزويج امرأة معتدة بعد انقضاء عدتها أو في طلاق امرأة يتزوجها بعد حين ونحو ذلك ففي صحته إشكال والأقرب الصحة. ويجوز التوكيل في القبض والإقباض في موارد لزومهما كما في القرض والرهن وبيع الصرف وفي موارد عدم لزومهما كما إذا باع داره من زيد ووكل عمراً في قبض الثمن فإن قبض الوكيل في جميع هذه الموارد بمنزلة قبض الموكل ولا يعتبر في صحة التوكيل حينئذ قدرة الموكل على القبض خارجاً فيجوز لمن لا يقدر على أخذ ماله من غاصب أن يوكل من يقدر على أخذه منه فيكون أخذه بمنزلة أخذ الموكل.

(مسألة 964): تصح الوكالة في حيازة المباحات فإذا وكل أحداً في حيازتها وقد حازها الوكيل لموكله كان المال المحوز ملكاً للموكل دون الوكيل.

(مسألة 965): إذا وكل شخصاً لاستيفاء حق له على غيره فجحد من عليه الحق لم يكن للوكيل مخاصمته والمرافعة معه لإثبات الحق عليه إلاّ إذا كان وكيلاً في ذلك أيضاً.

(مسألة 966): لا بأس بجعل جعل للوكيل ولكنه إنما يستحق الجعل بالإتيان بالعمل الموكل فيه فلو وكله في البيع أو الشراء وجعل له جعلاً لم يكن للوكيل أن يطالب به إلاّ بعد إتمام العمل، نعم له المطالبة به قبل حصول القبض والإقباض.

(مسألة 967): لو وكله في قبض ماله على شخص من دين فمات المدين قبل الأداء بطلت الوكالة وليس للوكيل مطالبة الورثة، نعم إذا كانت الوكالة عامة وشاملة لاخذ الدين ولو من الورثة لم تبطل الوكالة وكان حينئذ للوكيل مطالبة الورثة بذلك.

كتاب الهبة

وهي تمليك عين مجاناً من دون عوض، وكذا تمليك منفعة أو حق قابل للنقل الاختياري كالتحجير، وهي عقد يحتاج إلى إيجاب وقبول ويكفي في الإيجاب كل ما دل على التمليك المذكور من لفظ أو فعل أو إشارة ولا تعتبر فيه صيغة خاصة ولا العربية ويكفي في القبول كل ما دل على الرضا بالإيجاب من لفظ أو نحو ذلك.
(مسألة 968): يعتبر في الواهب البلوغ والعقل والقصد والاختيار وعدم الحجر عليه بسفه أو فلس أو ملك ولا يعتبر في الموهوب له البلوغ ولا عدم الحجر لسفه أو فلس فتصح الهبة للصغير والقبول منه نعم يعتبر في تمامها أخذ وليّه المال الموهوب.

(مسألة 969): تصح الهبة من المريض في مرض الموت وإن زاد عن الثلث كما تصح سائر تصرفاته من بيع أو صلح أو نحو ذلك.

(مسألة 970): تصح الهبة في الأعيان المملوكة وإن كانت مشاعة، ولا تبعد أيضاً صحة هبة ما في الذمة لغير من هو عليه ويكون قبضه بقبض مصداقه ولو وهبه ما في ذمته كان إبراءً.

(مسألة 971): يشترط في صحة الهبة القبض ولابد فيه من إذن الواهب إلاّ أن يهبه ما في يده فلا حاجة حينئذ إلى قبض جديد ولا تعتبر الفورية في القبض ولا كونه في مجلس العقد فيجوز فيه التراخي عن العقد بزمان كثير، ومتى تحقق القبض صحت الهبة من حينه فإذا كان للموهوب نماء سابق على القبض قد حصل بعد الهبة كان للواهب دون الموهوب له وإذا وهبه شيئين فقبض الموهوب له أحدهما دون الآخر صحت الهبة في المقبوض دون غيره.

(مسألة 972): للأب والجد ولاية القبول والقبض وعن الصغير والمجنون إذا بلغ مجنوناً. أما لوجن بعد البلوغ فولاية القبول والقبض للحاكم على المشهور وفيه إشكال، ولو وهب الولي أحدهما وكانت العين الموهوبة بيد الولي لم يحتج إلى قبض جديد.

(مسألة 973): يتحقق القبض في غير المنقول بالتخلية ورفع الواهب يده عن الموهوب وجعله تحت استيلاء الموهوب له وسلطانه، ويتحقق في المنقول بوضعه تحت يد الموهوب له.

(مسألة 974): ليس للواهب الرجوع بعد الإقباض إن كانت لذي رحم أو بعد التلف أو مع التعويض وفي جواز الرجوع مع التصرف خلاف، والأقوى جوازه إذا كان الموهوب باقياً بعينه، فلو صبغ الثوب أو قطعه أو خاطه أو نقله إلى غيره لم يجز له الرجوع، وله الرجوع في غير ذلك فإن عاب فلا أرش وإن زادت زيادة منفصلة فهي للموهوب له وإن كانت متصلة فإن كانت غير قابلة للانفصال كالطول والسمن وبلوغ الثمرة ونحوها فهي تتبع الموهوب وإن كانت قابلة للانفصال كالصوف والثمرة ونحوهما ففي التبعية إشكال والأظهر عدمها، وإن الزيادة للموهوب له بعد رجوع الواهب أيضاً.

(مسألة 975): الأحوط إلحاق الزوج أوالزوجة بذي الرحم في لزوم الهبة.

(مسألة 976): لو مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض بطلت الهبة وانتقل الموهوب إلى ورثة الواهب أو يبقى في ملكه.

(مسألة 977): لو مات الواهب أو الموهوب له بعد القبض لزمت الهبة فليس للواهب الرجوع إلى ورثة الموهوب له كما أنه ليس لورثة الواهب الرجوع إلى الموهوب له.

(مسألة 978): لا يعتبر في صحة الرجوع علم الموهوب فيصح الرجوع مع جهله أيضاً.

(مسألة 979): في الهبة المشروطة يجب على الموهوب له العمل بالشرط فإذا وهبه شيئاً بشرط أن يهبه شيئاً وجب على الموهوب له العمل بالشرط فإذا تعذر أو امتنع المتهب من العمل بالشرط جاز للواهب الرجوع في الهبة بل الظاهر جواز الرجوع في الهبة المشروطة قبل العمل بالشرط.

(مسألة 980): في الهبة المطلقة لا يجب التعويض على الأقوى لكن لو عوض المتهب لزمت الهبة ولم يجز للواهب الرجوع.

(مسألة 981): لو بذل المتهب العوض ولم يقبل الواهب لم يكن تعويضاً.

(مسألة 982): العوض المشروط إن كان معيناً تعين، وإن كان مطلقاً أجزأ اليسير إلاّ إذا كانت قرينة من عادة أو غيرها على إرادة المساوي.

(مسألة 983): لا يشترط في العوض أن يكون عيناً بل يجوز أن يكون عقداً أو إيقاعاً كبيع شيء على الواهب أو إبراء ذمته من دين له عليه أو نحو ذلك.