|
كتاب الوصية
وهي قسمان:
1 ـ تمليكية: بأن يجعل شيئاً من تركته لزيد أو للفقراء مثلاً بعد وفاته فهي وصية بالملك أو الاختصاص.
2 ـ عهدية: بأن يأمر بالتصرف بشيء يتعلق به من بدن أو مال كأن يأمر بدفنه في مكان معين أو زمان معين أو يأمر بأن يعطى من ماله أحداً أو يستناب عنه في الصوم والصلاة من ماله أو يوقف ماله أو يباع أو نحو ذلك، فإن وجه أمره إلى شخص معين فقد جعله وصياً عنه وجعل له ولاية التصرف، وإن لم يوجه أمره إلى شخص معين ولم تكن قرينة على التعيين كما إذا قال أوصيت بأن يحج عني أو يصام عني أو نحو ذلك فلم يجعل له وصياً معيناً كان تنفيذه من وظائف الحاكم الشرعي. نعم، لا يبعد أن يكون إطلاق كلام الموصي وعدم تعيينه منصرفاً في الغالب إلى تعيين الورثة لتنفيذ أمره.
(مسألة 984): الوصية العهدية لا تحتاج إلى قبول سواء جعل له وصياً أم لم يجعل.
وأما الوصية التمليكية فكما إذا قال: هذا المال لزيد بعد مماتي فالمشهور احتياجه إلى القبول من الموصى له، لكن الأظهر عدمه. نعم، للموصى له ردّ المال فيرجع إلى تركة الموصي.
(مسألة 985): تتضيق الواجبات الموسعة إذا لم يطمئن المكلف بالتمكن من الامتثال مع التأخير كقضاء الصلاة والصيام وأداء الكفارات والنذور ونحوها من الواجبات البدنية وغيرها فتجب المبادرة إلى أدائها.
وإذا ضاق الوقت عن أدائها وجب الإيصاء والإعلام بالواجبات التي لا يعتبر فيها المباشرة، على الأقوى إلاّ أن يعلم بقيام الوارث أو غيره به، وكذا وجب الإيصاء بالصلاة والصوم مما تعتبر فيه المباشرة على الأحوط. وأما أموال الناس من الوديعة والعارية ومال المضاربة ونحوها مما يكون تحت يده فالظاهر عدم وجوب المبادرة إلى أدائه إلاّ إذا خاف عدم أداء الوارث. ويجب الإيصاء به والإشهاد عليه إذا كان يتوقف عليهما الأداء وإلاّ لم يجب، ومثلها الديون التي عليه مع عدم مطالبة الدائن، أما مع مطالبته فتجب المبادرة إلى أدائها وإن لم يخف الموت.
(مسألة 986): يكفي في تحقق الوصية كل ما دل عليها من لفظ صريح أو غير صريح أو فعل وإن كان كتابة أو إشارة بلا فرق بين صورتي الاختيار وعدمه، بل يكفي وجود مكتوب بخطه أو بإمضائه بحيث يظهر منه إرادة العمل به بعد موته، وإذا قيل له هل أوصيت؟ فقال: لا، فقامت البينة على أنه قد أوصى، كان العمل على البينة ولم يعتد بخبره. نعم، إذا كان قد قصد من إنكاره إنشاء العدول عن الوصية صح العدول منه. وكذا الحكم لو قال: نعم، وقامت البينة على عدم الوصية منه فإنه إن قصد الإخبار كان العمل على البينة وإن قصد إنشاء الوصية صح الإنشاء وتحققت الوصية.
(مسألة 987): المشهور أن رد الموصى له الوصية التمليكية مبطل لها إذا كان الرد بعد الموت ولم يسبق بقبوله وهو الأظهر أما إذا سبقه القبول بعد الموت أو في حال الحياة فلا أثر له وكذا الرد حال الحياة.
(مسألة 988): لو أوصى له بشيئين فقبل أحدهما ورد الآخر صحت فيما قبل وبطلت فيما رد على إشكال، وكذا لو أوصى له بشيء واحد فقبل في بعضه ورد في البعض الآخر.
(مسألة 989): لا يجوز للورثة التصرف في العين الموصى بها قبل أن يختار الموصى له أحد الأمرين من الرد والقبول وليس لهم إجباره على الاختيار معجلاً.
(مسألة 990): إذا مات الموصى له قبل رده قام وارثه مقامه في ذلك فله الرد إذا لم يرجع الموصي من وصيته هذا إذا مات في حياة الموصي وإلاّ فالمال من تركة الموصى له فتجري عليه أحكام التركة.
(مسألة 991): الظاهر أن الوارث يتلقى المال الموصى به من مورثه الموصى له إذا مات بعد موت الموصي فتخرج منه ديونه ووصاياه، ولا ترث منه الزوجة إذا كان أرضاً وترث قيمته إن كان نخلاً أو بناءً، وأما إذا مات الموصى له قبل الموصي فالظاهر أن ورثة الموصى له يتلقون الموصى به من الموصي نفسه فلا يجري عليه حكم تركة الميت الموصى له وفي كلتا الصورتين المدار على الوارث للموصى له عند موته لا الوارث عند موت الموصي. وأما إذا مات الوارث في حياة الموصي أيضاً ففي انتقال الموصى به إلى ورثته أيضاً إشكال، والانتقال أظهر.
(مسألة 992): إذا أوصى إلى أحد أن يعطي بعض تركته لشخص مثلاً فهل يجري الحكم المذكور من الانتقال إلى الوارث لو مات في حياة الموصي بتمليكه؟ إشكال والجريان أظهر.
(مسألة 993): يشترط في الموصي اُمور:
الأول: البلوغ فلا تصح وصية الصبي إلاّ إذا بلغ عشراً وكان قد عقل وكانت وصيته في وجوه الخير والمعروف لأرحامه وكذا إذا كانت راجعة إلى تجهيزه والحج عنه ونحوهما. وفي نفوذ وصيته لغير أرحامه من الغرباء إشكال.
الثاني: العقل، فلا تصح وصية المجنون والمغمى عليه والسكران حال جنونه وإغمائه وسكره، وإذا أوصى حال عقله ثم جن أو سكر أو اُغمي عليه لم تبطل وصيته. وفي اعتبار الرشد فيه إشكال فلا يترك الاحتياط.
الثالث: الاختيار، فلا تصح وصية المكره.
الرابع: الحرية، فلا تصح وصية المملوك إلاّ أن يجيز مولاه ولا فرق بين أن تكون في ماله وأن تكون في غير ماله كما إذا أوصى أن يدفن في مكان معين، وإذا أوصى ثم انعتق وأجازها صحت وإن لم يُجِزها المولى.
الخامس: أن لا يكون قاتل نفسه فإذا أوصى بعد ما أحدث في نفسه ما يوجب هلاكه من جرح أو شرب سم أو نحو ذلك لم تصح وصيته إذا كانت في ماله، أما إذا كانت في غيره من تجهيز ونحوه صحت، وكذا تصح الوصية إذا فعل ذلك لا عن عمد بل كان خطأ أو سهواً أو كان لا بقصد الموت بل لغرض آخر أو على غير وجه العصيان مثل الجهاد في سبيل اللّه، وكذا إذا عُوفي ثم أوصى، بل الظاهر الصحة أيضا إذا أوصى بعد ما فعل السبب ثم عُوفي ثم مات.
(مسألة 994): إذا أوصى قبل أن يحدث في نفسه ذلك ثم أحدت فيها صحت وصيته وإن كان حين الوصية بانياً على أن يحدث ذلك بعدها.
(مسألة 995): تصح الوصية من كل من الأب والجد بالولاية على الطفل مع فقد الآخر ولا تصح مع وجوده.
(مسألة 996): لا يجوز للحاكم الوصية بالولاية على الطفل بعد موته، بل بعد موته يرجع الأمر إلى حاكم آخر غيره.
(مسألة 997): لو أوصى وصية تمليكية لصغير من أرحامه أو من غيرهم بمال ولكنه جعل أمره إلى غير الأب والجد وغير الحاكم لم يصح هذا الجعل بل يكون أمر ذلك المال للأب والجد مع وجود أحدهما وللحاكم مع فقدهما. نعم، لو أوصى أن يبقى ماله بيد الوصي حتى يبلغوا فيملكهم إياه صح. وكذا إذا أوصى أن يصرف ماله عليهم من دون أن يملكهم إياه.
(مسألة 998): يجوز أن يجعل الأب والجد الولاية والقيمومة على الأطفال لاثنين أو أكثر كما يجوز جعل الناظر على القيم المذكور بمعنى كونه مشرفاً على عمله أو بمعنى كون العمل بنظره وتصويبه كما يأتي في الناظر على الوصي.
(مسألة 999): إذا قال الموصي لشخص: أنت ولي وقيم على أولادي القاصرين وأولاد ولدي ولم يقيد الولاية بجهة بعينها جاز له التصرف في جميع الشؤون المتعلقة بهم من حفظ نفوسهم وتربيتهم وحفظ أموالهم والإنفاق عليهم واستيفاء ديونهم ووفاء ما عليهم من نفقات أو ضمانات أو غير ذلك من الجهات.
(مسألة 1000): إذا قيد الموصي الولاية بجهة دون جهة وجب على الولي الاقتصار على محل الإذن ودون غيره من الجهات وكان المرجع في الجهات الاُخرى الحاكم الشرعي.
(مسألة 1001): يجوز للقيم على اليتيم أن يأخذ اُجرة مثل عمله إذا كانت له اُجرة وكان فقيراً أما إذا كان غنياً ففيه إشكال والأحوط الترك.
فصل في الموصى به
(مسألة 1002): يشترط في الموصى به أن يكون مما له نفع محلل معتد به سواء أكان عيناً موجودة أم معدومة إذا كانت متوقعة الوجود كما إذا أوصى بما تحمله الجارية أو الدابة أو منفعة لعين موجودة أو معدومة متوقعة الوجود أو حق من الحقوق القابلة للنقل مثل حق التحجير ونحوه لا مثل حق القذف ونحوه مما لا يقبل الانتقال إلى الموصى له.
(مسألة 1003): إذا أوصى لزيد بالخمر القابلة للتخليل أو التي ينتفع بها في غير الشرب أو أوصى بآلات اللهو إذا كان ينتفع بها إذا كسرت صح.
(مسألة 1004): يشترط في الموصى به أن لا يكون زائداً على الثلث فإذا أوصى بما زاد عليه بطل الإيصاء في الزائد إلاّ مع إجازة الوارث. وإذا أجاز بعضهم دون بعض نفذ في حصة المجيز دون الآخر، وإذا أجازوا في بعض الموصى به وردوا في غيره صح فيما أجازوه وبطل في غيره، هذا فيما إذا كان له وارث وأما مع عدم الوارث فتنفذ وصيته بجميع ماله في المعروف ووجوه البر على الأظهر.
(مسألة 1005): لا إشكال في الاجتزاء بالإجازة بعد الوفاة وفي الاجتزاء بها حال الحياة قولان أقواهما الأول.
(مسألة 1006): ليس للمجيز الرجوع عن إجازته حال حياة الموصي ولا بعد وفاته كما لا أثر للرد إذا لحقته الإجازة.
(مسألة 1007): لا فرق بين وقوع الوصية حال مرض الموصي وحال صحته، ولا بين كون الوارث غنياً وفقيراً.
(مسألة 1008): لا يشترط في نفوذ الوصية قصد الموصي أنها من الثلث الذي جعله الشارع له فإذا أوصى بعين غير ملتفت إلى ذلك وكانت بقدره أو أقل صح.
(مسألة 1009): إذا أوصى بثلث ما تركه ثم أوصى بشيء وقصد كونه من ثلثي الورثة فإن أجازوا صحت الثانية أيضاً وإلاّ بطلت.
(مسألة 1010): إذا أوصى بعين وقصد كونها من الأصل نفذت الوصية في ثلثها وتوقفت في ثلثيها على إجازة الورثة كما إذا قال: فرسي لزيد، وثلثي من باقي التركة لعمرو فإنه تصح وصيته لعمرو، وأما وصيته لزيد فتصح إذا رضي الورثة وإلاّ صحت في ثلث الفرس وكان الثلثان للورثة.
(مسألة 1011): إذا أوصى بعين ولم يوص بالثلث فإن لم تكن الوصية زائدة على الثلث نفذت، وإن زادت على الثلث توقف نفوذها في الزائد على إجازة الورثة.
(مسألة 1012): إذا أوصى بعين معينة أو بمقدار كلي من المال كألف دينار، يلاحظ في كونه بمقدار الثلث أو أقل أو أكثر بالإضافة إلى أموال الموصي حين الموت لا حين الوصية. فإذا أوصى لزيد بعين كانت بقدر نصف أمواله حين الوصية وصارت حين الموت بمقدار الثلث إما لنزول قيمتها أو لارتفاع قيمة غيرها أو لحدوث مال له لم يكن حين الوصية صحت الوصية في تمامها.
(مسألة 1013): إذا كانت العين حين الوصية بمقدار الثلث فصارت أكثر من الثلث حال الموت إما لزيادة قيمتها أو لنقصان قيمة غيرها أو لخروج بعض أمواله عن ملكه نفذت الوصية بما يساوي الثلث وبطلت في الزائد إلاّ إذا أجاز الورثة.
(مسألة 1014): إذا أوصى بكسر مشاع كالثلث فإن كان حين الوفاة مساوياً له حين الوصية فلا إشكال في صحة الوصية بتمامه، وكذا إذا كان أقل فتصح فيه بتمامه حين الوفاة. أما إذا كان حين الوفاة أكثر منه حين الوصية كما لو تجدد له مال فهل يجب إخراج ثلث الزيادة المتجددة أيضاً أو يقتصر على ثلث المقدار الموجود حين الوصية فهو لا يخلو من إشكال وإن كان الأقوى الأول إلاّ أن تقوم القرينة على إرادة الوصية بثلث الأعيان الموجودة حين الوصية لا غير فإذا تبدلت أعيانها لم يجب إخراج شيء أو تقوم القرينة على إرادة الوصية بمقدار ثلث الموجود حينها، وإن تبدلت أعيانها فلا يجب إخراج الزائد. وكذا إذا كان كلامه محفوفاً بما يوجب إجمال المراد فإنه يقتصر حينئذ على القدر المتيقن وهو الأقل.
(مسألة 1015): يحسب من التركة ما يملكه الميت بعد الموت كالدية في الخطأ وكذا في العمد إذا صالح عليها أولياء الميت وكما إذا نصب شبكة في حياته فوقع فيها شيء بعد وفاته فيخرج من جميع ذلك الثلث إذا كان قد أوصى به.
(مسألة 1016): إذا أوصى بعين تزيد على ثلثه في حياته وبضم الدية ونحوها تساوي الثلث نفذت وصيته فيها بتمامها.
(مسألة 1017): إنما يحسب الثلث بعد استثناء ما يخرج من الأصل من الديون المالية فإذا أخرج جميع الديون المالية من مجموع التركة كان ثلث الباقي هو مورد العمل بالوصية.
(مسألة 1018): إذا كان عليه دين فأبرأه الدائن بعد وفاته أو تبرع متبرع في أدائه بعد وفاته لم يكن مستثنى من التركة وكان بمنزلة عدمه.
(مسألة 1019): لابد في إجازة الوارث الوصية الزائدة على الثلث من إمضاء الوصية وتنفيذها ولا يكفي فيها مجرد الرضا النفساني.
(مسألة 1020): إذا عين الموصي ثلثه في عين مخصوصة تعين وإذا فوض التعيين إلى الوصي فعينه في عين مخصوصة تعين أيضاً بلا حاجة إلى رضا الوارث. وإذا لم يحصل منه شيء من ذلك كان ثلثه مشاعاً في التركة ولا يتعين في عين بعينها بتعيين الوصي إلاّ مع رضا الورثة.
(مسألة 1021): الواجبات المالية تخرج من الأصل وإن لم يوصِ بها الموصي وهي الأموال التي اشتغلت بها ذمته مثل المال الذي اقترضه والمبيع الذي باعه سلفاً وثمن ما اشتراه نسيئة وعوض المضمونات واُروش الجنايات ونحوها ومنها الخمس والزكاة والمظالم، وأما الكفارات والنذور ونحوها فالظاهر أنها لا تخرج من الأصل.
(مسألة 1022): إذا تلف من التركة شيء بعد موت الموصي وجب إخراج الواجبات المالية من الباقي وإن استوعبه وكذا إذا غصب بعض التركة.
(مسألة 1023): إذا تمرد بعض الورثة عن وفاء الدين لم يسقط من الدين ما يلزم في حصته بل يجب على غيره وفاء الجميع كما يجب عليه. ثم إذا وفّى غيره تمام الدين فإن كان بإذن الحاكم الشرعي رجع على المتمرد بالمقدار الذي يلزم في حصته وإذا كان بغير إذن الحاكم الشرعي ففي رجوعه عليه بذلك المقدار إشكال وإن كان الأظهر الجواز هذا إذا أدّى الدين من غير ما بيده من التركة وإلاّ فلا إشكال في جواز رجوعه فيما أدّاه من الدين.
(مسألة 1024): الحج الواجب بالاستطاعة من قبيل الدين يخرج من الأصل وأما الحج النذري فيخرج من الثلث على الأظهر.
(مسألة 1025): إذا أوصى بوصايا متعددة متضادة كان العمل على الثانية وتكون ناسخة للاُولى، فإذا أوصى بعين شخصية لزيد ثم أوصى بها لعمرو اُعطيت لعمرو، وكذا إذا أوصى بثلثه لزيد ثم أوصى به لعمرو.
(مسألة 1026): إذا أوصى بثلثه لزيد ثم أوصى بنصف ثلثه لعمرو كان الثلث بينهما على السوية.
(مسألة 1027): إذا أوصى بعين شخصية لزيد ثم أوصى بنصفها لعمرو كانت الثانية ناسخة للاُولى بمقدارها.
(مسألة 1028): إذا أوصى بوصايا متعددة غير متضادة وكانت كلها مما يخرج من الأصل وجب إخراجها من الأصل وإن زادت على الثلث.
(مسألة 1029): إذا كانت الوصايا كلها واجبات لا تخرج من الأصل كالواجبات البدنية والكفارات والنذور أخرجت من الثلث فإن زادت على الثلث وأجاز الورثة اُخرجت جميعها وإن لم يُجِز الورثة ورد النقص على الجميع بالنسبة سواء أكانت مرتبة بأن ذكرت في كلام الموصي واحدة بعد اُخرى كما إذا قال: اعطوا عني صوم عشرين شهراً وصلاة عشرين سنة أم كانت غير مرتبة بأن ذكرت جملة واحدة كما إذا قال: اقضوا عني عباداتي مدة عمري صلاتي وصومي.
فإذا كانت تساوي قيمتها نصف التركة فإن أجاز الورثة نفذت في الجميع وإن لم يُجِز الورثة ينقص من وصية الصلاة الثلث ومن وصية الصوم الثلث. وكذا الحكم إذا كانت كلها تبرعية غير واجبة فإنها إن زادت على الثلث وأجاز الورثة وجب إخراج الجميع وإن لم يُجِز الورثة ورد النقص على الجميع بالنسبة.
(مسألة 1030): إذا كانت الوصايا المتعددة مختلفة بعضها واجب يخرج من الأصل وبعضها واجب لا يخرج من الأصل كما إذا قال: أعطوا عني ستين ديناراً: عشرين ديناراً زكاة وعشرين ديناراً صلاة وعشرين ديناراً صوماً، فإن وسعها الثلث اُخرج الجميع وكذلك إن لم يسعها وأجاز الورثة. أما إذا لم يسعها ولم يُجِز الورثة فيقسم الثلث على الجميع وما يجب إخراجه من أصل التركة يلزم تتميمه منها.
فإن كان الميت قد ترك مئة دينار يخرج من أصل تركته عشرة دنانير للزكاة، ثم يخرج ثلثه ثلاثون ديناراً فيوزع على الزكاة والصلاة والصوم. وكذا الحال فيما إذا تعددت الوصايا وكان بعضها واجباً يخرج من الأصل وبعضها تبرعية. نعم إذا لم يكن التتميم من التركة تعين التتميم من الثلث في كلتا الصورتين.
(مسألة 1031): إذا تعددت الوصايا وكان بعضها واجباً لا يخرج من الأصل وبعضها تبرعية ولم يف الثلث بالجميع ولم يُجِزها الورثة ففي تقديم الواجب على غيره إشكال وكلام. والأظهر هو التقديم.
(مسألة 1032): المراد من الوصية التبرعية الوصية بما لا يكون واجباً عليه في حياته سواء أكانت تمليكية كما إذا قال: فرسي لزيد بعد وفاتي، أم عهدية كما إذا قال: تصدقوا بفرسي بعد وفاتي.
(مسألة 1033): إذا أوصى بثلثه لزيد من دون تعيينه في عين شخصية يكون الموصى له شريكاً مع الورثة فله الثلث ولهم الثلثان فإن تلف من التركة شيء كان التلف على الجميع وإن حصل لتركته نماء كان النماء مشتركاً بين الجميع.
(مسألة 1034): إذا أوصى بصرف ثلثه في مصلحته من طاعات وقربات يكون الثلث باقياً على ملكه فإن تلف من التركة شيء كان التلف موزعاً عليه وعلى بقية الورثة وإن حصل النماء كان له منه الثلث.
(مسألة 1035): إذا عين ثلثه في عين معينة تعين كما عرفت فإذا حصل منها نماء كان النماء له وحده، وإن تلف بعضها أو تمامها اختص التلف به ولم يشاركه فيه بقية الورثة.
(مسألة 1036): إذا أوصى بثلثه مشاعاً ثم أوصى بشيء آخر معيناً كما إذا قال: أنفقوا عليَّ ثلثي وأعطوا فرسي لزيد وجب إخراج ثلثه من غير الفرس وتصح وصيته بثلث الفرس لزيد. وأما وصيته بالثلثين الآخرين من الفرس لزيد فصحتها موقوفة على إجازة الورثة فإن لم يُجيزوا بطلت كما تقدم. وإذا كان الشيء الآخر غير معين كما إذا قال: أنفقوا علي ثلثي وأعطوا زيداً مئة دينار، توقفت الوصية بالمئة على إجازة الورثة فإن أجازوها في الكل صحت في تمامها، وإن أجازوها في البعض صحت في بعضها وإن لم يُجيزوا منها شيئاً بطلت في جميعها، ونحوه إذا قال: أعطوا ثلثي لزيد وأعطوا ثلثا آخر من مالي لعمرو فإنه تصح وصيته لزيد ولا تصح وصيته لعمرو إلاّ بإجازة الورثة. أما إذا قال: أعطوا ثلثي لزيد ثم قال: أعطوا ثلثي لعمرو كانت الثانية ناسخة للاُولى كما عرفت، والمدار على ما يفهم من الكلام.
(مسألة 1037): لا تصح الوصية في المعصية فإذا أوصى بصرف مال في معونة الظالم أو في ترويج الباطل كتعمير الكنائس والبيع ونشر كتب الضلال بطلت الوصية.
(مسألة 1038): إذا كان ما أوصى به جائزاً عند الموصي باجتهاده أو تقليده وليس بجائز عند الوصي كذلك لم يَجُز للوصي تنفيذ الوصية، وإذا كان الأمر بالعكس وجب على الوصي العمل بها.
(مسألة 1039): إذا أوصى بحرمان بعض الورثة من الميراث فلم يُجِز ذلك البعض لم يصح. نعم، إذا لم يكن قد أوصى بالثلث وأوصى بذلك وجب العمل بالوصية بالنسبة إلى الثلث لغيره فإذا كان له ولدان وكانت التركة ستة فأوصى بحرمان ولده زيد من الميراث اُعطي زيد اثنين واُعطي الآخر أربعة. وإذا أوصى بسدس ماله لأخيه وأوصى بحرمان ولده زيد من الميراث اُعطي أخوه السدس، واُعطي زيد الثلث، واعطي ولده الآخر النصف.
(مسألة 1040): إذا أوصى بمال زيد بعد وفاة نفسه لم يصح وإن أجازها زيد، وإذا أوصى بمال زيد بعد وفاة زيد فأجازها زيد صح.
(مسألة 1041): قد عرفت أنه إذا أوصى بعين من تركته لزيد ثم أوصى بها لعمرو كانت الثانية ناسخة ووجب دفع العين لعمرو، فإذا اشتبه المتقدم والمتأخر تعين الرجوع إلى القرعة في تعيينه.
(مسألة 1042): إذا دفع إنسان إلى آخر مالاً وقال له إذا مت فأنفقه عني ولم يعلم أنه أكثر من الثلث أو أقل أو مساو له أو علم أنه أكثر واحتمل أنه مأذون من الورثة في هذه الوصية، أو علم أنه غير مأذون من الورثة لكن احتمل له كان له ملزم شرعي يقتضي إخراجه من الأصل فهل يجب على الوصي العمل بالوصية حتى يثبت بطلانها فيه إشكال ولا سيما في الفرضين الأخيرين.
(مسألة 1043): إذا أوصى بشيء لزيد وتردد بين الأقل والأكثر اقتصر على الأقل وإذا تردد بين المتباينين عين بالقرعة.
|
|