كتاب الوقف

وهو تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة.
(مسألة 1100): لا يكفي في تحقق الوقف مجرد النية بل لابد من إنشاء ذلك بمثل: وقفت، وحبست ونحوهما مما يدل على المقصود.

(مسألة 1101): الظاهر وقوعه بالمعاطاة مثل أن يعطي إلى قيم مسجد أو مشهد آلات الإسراج أو يعطيه الفراش أو نحو ذلك. بل ربما يقع بالفعل بلا معاطاة مثل أن يعمر الجدار أو الاُسطوانة الخربة من المسجد أو نحو ذلك فإنه إذا مات من دون إجراء صيغة الوقف لا يرجع ميراثاً إلى ورثته.

(مسألة 1102): الوقف تارة يكون له موقوف عليه يقصد عود المنفعة إليه وتارة لا يكون كذلك، والثاني كوقف المسجد فإن الواقف لم يلحظ في الوقف منفعة خاصة وإنما لاحظ مجرد حفظ العنوان الخاص وهو عنوان المسجدية وهذا القسم لا يكون له موقوف عليه.

(مسألة 1103): إذا لاحظ الواقف منفعة خاصة مثل الصلاة أو الذكر أو الدعاء أو نحوها من أنحاء العبادة فقال: وقفت هذا المكان على المصلين أو الذاكرين أو الداعين أو نحو ذلك لم يصر مسجداً ولم تجر عليه أحكام المسجد وإنما يصير وقفاً على الصلاة أو غيرها مما لاحظه الواقف ويكون من القسم الأول الذي له موقوف عليه وهو الذي لاحظ الواقف فيه المنفعة وهو على أقسام:
الأول: أن يلحظ عود المنفعة إلى الموقوف عليهم بصيرورتها ملكاً لهم كما إذا قال: هذا المكان وقف على أولادي على أن تكون منافعه لهم، أو هذه البستان وقف على أولادي على أن تكون ثمرتها لهم فتكون المنافع والثمرة ملكاً لهم كسائر أملاكهم تجوز المعاوضة منهم عليها ويرثها وارثهم وتضمن لهم عند طروء سبب الضمان وتجب الزكاة على كل واحد منهم عند بلوغ حصته النصاب.
الثاني: أن يلحظ صرف المنافع على الموقوف عليهم من دون تمليك فلا تجوز المعاوضة من أحد الموقوف عليهم على حصته، ولا تجب فيها الزكاة وإن بلغت النصاب ولا يرثها وارث الموقوف عليه إذا مات قبل أن تصرف المنفعة عليه ولكن المنفعة تضمن بطروء سبب الضمان وهذا القسم على نوعين:
1ـ أن يلحظ فيه صرف شخص المنفعة كما إذا قال:
هذه الشجرة وقف على أولادي يأكلون ثمرتها وفي مثله لا يجوز للولي تبديلها والمعاوضة عليها بل يصرف نفس الثمرة عليهم ليأكلوها.
2ـ أن لا يلحظ فيه صرف شخص المنفعة بل يلحظ الأعم منها ومن بدلها كما إذا قال: هذه البستان وقف على أولادي تصرف منفعتها عليهم سواء أكان بتبديلها إلى عين اُخرى بأن يبدل الولي الثمرة بالحنطة أو الدقيق أو الدراهم أم ببذل نفسها لهم.
القسم الثالث: أن يلاحظ الواقف انتفاع الموقوف عليهم مباشرة باستيفاء المنفعة بأنفسهم مثل وقف خانات المسافرين والرباطات والمدارس وكتب العلم والأدعية ونحوها. وهذا القسم كما لا تجوز المعاوضة على منافعه لا من الموقوف عليهم ولا من الولي لا توارث فيه والظاهر ثبوت الضمان فيه أيضاً إذا غصب المنفعة غاصب كالأقسام السابقة. نعم الظاهر عدم الضمان في مثل المساجد التي يكون الوقف فيها تحريراً.

(مسألة 1104): الظاهر عدم اعتبار القبول في الوقف بجميع أنواعه وإن كان الاعتبار أحوط ولا سيما في الوقف بلحاظ ملك المنفعة سواء أكان عاماً مثل الوقف على العلماء أم خاصاً مثل الوقف على أولاده فيقبل في الأول الحاكم الشرعي وفي الثاني الموقوف عليهم من الطبقة الاُولى.

(مسألة 1105): الأظهر عدم اعتبار القربة في صحة الوقف ولا سيما في مثل الوقف على الذرية.

(مسألة 1106): يعتبر في صحة الوقف قبض الموقوف عليه أو قبض وكيله أو وليه فإذا مات قبل القبض بطل، ولا يعتبر في القبض الفورية، وفي اعتبار إذن الواقف في القبض إشكال.

(مسألة 1107): يكفي في تحقق القبض في مثل الوقف على الذرية مثلا قبض الطبقة الاُولى.

(مسألة 1108): إذا وقف على أولاده الصغار وأولاد أولاده وكانت العين في يده كفى ذلك في تحقق القبض ولم يحتج إلى قبض آخر وإذا كانت العين في يد غيره فلابد من أخذها منه ليتحقق قبض وليهم.

(مسألة 1109): إذا كانت العين بيد الموقوف عليه كفى ذلك في قبضها ولم يحتج إلى قبض جديد.

(مسألة 1110): يكفي في قبض غير المنقول رفع الواقف يده عنه واستيلاء الموقوف عليهم عليه.

(مسألة 1111): في اعتبار القبض في صحة الوقف على الجهات العامة إشكال ولا يترك الاحتياط ويكفى قبض المتولي وإن كان الأحوط حينئذ الاستيذان من الحاكم الشرعي وتعيّن قبض الحاكم مع عدم المتولي الشرعي.

(مسألة 1112): بناء على اعتبار القبض في الوقف على الجهات العامة فالظاهر عدم الحاجة إلى قبض المتولّي أو الحاكم فإذا وقف مقبرة كفى في تحقق القبض الدفن فيها، وإذا وقف مكاناً للصلاة تكفي الصلاة فيه، وإذا وقف حسينية تكفي إقامة العزاء فيها. وكذا الحكم في مثل وقف الخان على المسافرين والدار على سكنى العلماء والفقراء فإنه يكفي في قبضها السكنى فيها.

(مسألة 1113): إذا وقف حصيراً للمسجد كفى وضعه في المسجد وكذا في مثل آلات المشاهد والمعابد والمساجد ونحوها فإن الظاهر أنه يكفي في قبضها وضعها فيها بقصد استعمالها.

(مسألة 1114): إذا خرب جانب من جدار المسجد أو المشهد أو نحوها فعمره عامر فالظاهر كفاية ذلك في تمامية الوقف وإن لم يقبضه قابض، وإذا مات لم يرجع ميراثاً لوارثه كما عرفت.

(مسألة 1115): إذا وقف على أولاده الكبار فقبض واحد منهم صح القبض في حصته ولم يصح في حصة الباقين.

(مسألة 1116): الوقوف التي تتعارف عند الأعراب بأن يوقفوا شاة على أن يكون الذكر المتولد منها (ذبيحة) أي يذبح ويؤكل، والاُنثى (منيحة) أي تبقى وينتفع بصوفها ولبنها وإذا ولدت ذكراً كان (ذبيحة) وإذا ولدت اُنثى كانت (منيحة) وهكذا، فإذا كان وقفهم معلقاً على شفاء مريض أو ورود مسافر أو سلامة غنمهم من الغزو أو المرض أو نحو ذلك فهي باطلة. وإذا كانت منجزة غير معلقة فالظاهر بطلانها أيضاً; لأن المنيحة إذا كانت ملكاً للواقف فلا يمكن أن يكون نتاجها الذكر ذبيحة; لأن وقف المعدوم باطل وإن خرجت عن ملك الواقف، فلا يمكن أن يكون صوفها ولبنها راجعاً إليه أو إلى ورثته.

(مسألة 1117): لا يجوز في الوقف توقيته بمدة فإذا قال: داري وقف على أولادي سنة أو عشر سنين بطل، والظاهر عدم صحته حبساً.

(مسألة 1118): إذا وقف على من ينقرض كما إذا وقف على أولاده وأولاد أولاده صح وقفاً فإذا انقرضوا رجع إلى ورثة الواقف حين الموت لاحين الانقراض. فإذا مات الواقف عن ولدين ومات أحدهما قبل الانقراض وترك ولداً ثم انقرض الموقوف عليهم كانت العين الموقوفة مشتركة بين العم وابن أخيه.

(مسألة 1119): لا فرق فيما ذكرناه من صحة الوقف ورجوعه إلى ورثة الواقف بين كون الموقوف عليه مما ينقرض غالباً وبين كونه مما لا ينقرض غالباً فاتفق انقراضه. نعم يستثنى من ذلك ما إذا ظهر من القرائن أن خصوصية الموقوف عليه ملحوظة بنحو تعدد المطلوب بأن كان الواقف قد أنشأ التصدق بالعين وكونه على نحو خاص فإذا بطلت الخصوصية بقي أصل التصدق فإذا قامت القرينة على ذلك وانقرض الموقوف عليه لم يرجع إلى الوارث أو ورثته بل تبقى العين وقفاً وتصرف منافعها في جهة اُخرى الأقرب فالأقرب.

(مسألة 1120): إذا وقف عينا على غيره وشرط عودها إليه عند الحاجة ففي صحّة الوقف قولان والأظهر البطلان.

(مسألة 1121): يشترط في صحة الوقف التنجيز فلو علقه على أمر مستقبل معلوم الحصول أو متوقع الحصول أو أمر حالي محتمل الحصول إذا كان لا يتوقف عليه صحة العقد بطل، فإذا قال: وقفت داري إذا جاء رأس الشهر أو إذا ولد لي ذكر أو إن كان هذا اليوم يوم الجمعة بطل، وإذا علقه على أمر حالي معلوم الحصول أو علقه على أمر مجهول الحصول ولكنه كان يتوقف عليه صحة العقد كما إذا قال زيد: وقفت داري إن كنت زيداً أو وقفت داري إن كانت لي صح.

(مسألة 1122): إذا قال هذا وقف بعد وفاتي بطل إلاّ أن يفهم منه عرفاً أنه أراد الوصية بالوقف فيجب العمل بها عند تحقق شرائطها فيوقف بعده. نعم، إذا قال مثلاً هذا وقف بعد وفاتي على عزاء سيد الشهداء (عليه السلام) فلا يبعد أن يكون المتفاهم العرفي الوصية به لا بوقفه فتنفذ فيما إذا كان بمقدار ثلثه أو مع إجازة الورثة فالمراد بالوقف صرف عائداته على عزائه (عليه السلام) مع بقاء العين في ملكه فلا موجب لإنشاء الوقف عليه بعد مماته.

(مسألة 1123): يشترط في صحة الوقف إخراج الواقف نفسه عن الوقف فإذا وقف على نفسه بطل، وإذا قال: داري وقف عليَّ وعلى أخي مثلاً على نحو التشريك بطل الوقف في نصف الدار، وإذا كان على نحو الترتيب بأن قصد الوقف على نفسه ثم على غيره كان الوقف من المنقطع الأول فيبطل مطلقاً وإن قصد الوقف على غيره ثم على نفسه بطل بالنسبة على نفسه فقط وكان من الوقف المنقطع الآخر، وإن قال: هي وقف على أخي، ثم على نفسي، ثم على شخص آخر بطل الوقف بالنسبة إلى نفسه والشخص الآخر، وكان من الوقف المنقطع الوسط.

(مسألة 1124): إذا وقف على أولاده واشترط عليهم وفاء ديونه من مالهم، عرفية كانت الديون أم شرعية كالزكاة والكفارات المالية صح بل الظاهر صحة الوقف إذا اشترط وفاء ديونه من حاصل الوقف أيضاً.

(مسألة 1125): إذا وقف على جيرانه واشترط عليهم أكل ضيوفه أو القيام بمؤنة أهله وأولاده حتى زوجته صح. وإذا اشترط عليهم نفقة زوجته الواجبة عليه من مالهم صح والظاهر الصحة مع اشتراطها من حاصل الوقف أيضا.

(مسألة 1126): إذا وقف عيناً له على وفاء ديونه العرفية والشرعية بعد الموت ففي صحته كما قيل إشكال والأظهر الصحّة في فرض كون المفهوم من كلامه الوصية كما تقدّم في المسألة (1122) وكذا في ما لو وقفها على أداء العبادات عنه بعد الوفاة.

(مسألة 1127): إذا أراد التخلص من إشكال الوقف على النفس فله أن يملك العين لغيره ثم يقفها غيره على النهج الذي يريد من إدرار مؤنته ووفاء ديونه ونحو ذلك. ويجوز له أن يشترط ذلك عليه في ضمن عقد التمليك كما يجوز له أن يؤجرها مدة ويجعل لنفسه خيار الفسخ وبعد الوقف يفسخ الإجارة فترجع المنفعة إليه لا إلى الموقوف عليهم بل لا يبعد صحة وقف العين مع اشتراط بقاء منافعها على ملكه مدة معينة كسنة أو غير معينة مثل مدة حياته.

(مسألة 1128): يجوز انتفاع الواقف بالعين الموقوفة في مثل المساجد والقناطر والمدارس ومنازل المسافرين وكتب العلم والزيارات والأدعية والآبار والعيون ونحوها مما لم تكن المنفعة معنونة بعنوان خاص مضاف إلى الموقوف عليه بل قصد مجرد بذل المنفعة وإباحتها للعنوان العام الشامل للواقف. أما إذا كان الوقف على الأنحاء الاُخر مع كون الموقوف عليه عنواناً كلياً عاما ففي جواز مشاركة الواقف إشكال والأظهر الجواز.

(مسألة 1129): إذا تم الوقف كان لازماً لا يجوز للواقف الرجوع فيه، وإن وقع في مرض الموت لم يجز للورثة رده وإن زاد على الثلث.

فصل في شرائط الواقف

(مسألة 1130): يعتبر في الواقف أن يكون جائز التصرف بالبلوغ والعقل والاختيار، وعدم الحجر لسفه أو رقٍّ أو غيرهما، فلا يصح وقف الصبي وإن بلغ عشراً. نعم، إذا أوصى بأن يوقف ملكه بعد وفاته على وجوه البر والمعروف لأرحامه وكان قد بلغ عشراً وعقل نفذت وصيته كما تقدم، وإذا كان وقف الصبي بإذن الولي وكان ذا مصلحة ففي بطلانه إشكال والأظهر الصحة.

(مسألة 1131): يجوز للواقف جعل الولاية على العين الموقوفة لنفسه ولغيره على وجه الاستقلال والاشتراك كما يجوز له أيضاً جعل الناظر على الولي بمعنى المشرف عليه أو بمعنى أن يكون هو المرجع في النظر والرأي، ولا فرق في المجعول له الولاية والنظارة بين العادل والفاسق. نعم إذا خان الولي ضم إليه الحاكم الشرعي من يمنعه عن الخيانة فإن لم يمكن ذلك عزله.

(مسألة 1132): يجوز للمجعول له الولاية أو النظارة الرد وعدم القبول بل لايبعد جواز الرد بعد القبول أيضاً.

(مسألة 1133): يجوز أن يجعل الواقف للولي والناظر مقداراً معيناً من ثمرة العين الموقوفة أو منفعتها سواء أكان أقل من اُجرة المثل أم أكثر أم مساوياً، فإن لم يجعل له شيئاً كانت له اُجرة المثل إن كانت لعمله اُجرة إلاّ أن يظهر من القرائن أن الواقف قصد المجانية.

(مسألة 1134): إذا لم يجعل الواقف ولياً على الوقف كانت الولاية عليه للحاكم الشرعي. نعم إذا كان الوقف على نحو التمليك وكان خاصاً كانت الولاية عليه للموقوف عليه، فإذا قال: هذه الدار وقف لأولادي ومن بعدهم لأولادهم وهكذا، فالولاية عليها وعلى منافعها تكون للأولاد، وإذا لم يكن الوقف خاصاً أو كان ولم يكن على نحو التمليك بأن كان على نحو الصرف وغيره من الأنواع فالولاية للحاكم الشرعي.

(مسألة 1135): إذا جعل الواقف ولياً أو ناظراً على الولي فليس له عزله. نعم إذا فقد شرط الواقف كما إذا جعل الولاية للعدل ففسق أو جعلها للأرشد فصار غيره أرشد، أو نحو ذلك انعزل بذلك بلا حاجة إلى عزل.

(مسألة 1136): يجوز للواقف أن يفوض تعيين الولي على الوقف إلى شخص بعينه وأن يجعل الولاية لشخص ويفوض إليه تعيين من بعده.

(مسألة 1137): إذا عين الواقف للولي (المجعول له الولاية) جهة خاصة اختصت ولايته بتلك الجهة وكان المرجع في بقية الجهات الحاكم الشرعي وإن أطلق له الولاية كانت الجهات كلها تحت ولايته فله الإجارة والتعمير وأخذ العوض ودفع الخراج وجمع الحاصل وقسمته على الموقوف عليهم وغير ذلك مما يكون تحت ولاية الولي، نعم إذا كان في الخارج تعارف تنصرف إليه الولاية اختصت الولاية بذلك المتعارف.

(مسألة 1138): لا يشترط في الواقف الإسلام فيصح وقف الكافر إذا كان واجداً لسائر الشرائط على الأقوى.

فصل: في شرائط العين الموقوفة

(مسألة 1139): يعتبر في العين الموقوفة أن تكون عيناً موجودة فلا يصح وقف الدين ولا وقف الكلي ولا وقف المنفعة فإذا قال: وقفت ما هو لي في ذمة زيد من فرش أو إناء أو نحوهما، أو قال: وقفت فرساً أو عبداً من دون تعيين أو قال: وقفت منفعة داري لم يصح في الجميع.

(مسألة 1140): يعتبر أن تكون العين مملوكة أو بحكمها فلا يصح وقف الحر والمباحات الأصلية قبل حيازتها ويجوز وقف إبل الصدقة وغنمها وبقرها إذا كان الواقف مالك العين الزكوية أو الحاكم الشرعي.

(مسألة 1141): يعتبر في العين الموقوفة أن تكون مما يمكن الانتفاع بها مع بقائها فلا يصح وقف الأطعمة والخضر والفواكه مما لا نفع فيه إلاّ بإتلاف عينه كما يعتبر أن يكون الانتفاع بها محللاً فلا يصح وقف آلات اللهو وآلات القمار والصلبان ونحوها مما يحرم الانتفاع به، ويعتبر أن تكون المنفعة المقصودة بالوقف محللة فلا يصح وقف الدابة لحمل الخمر والخنزير.

(مسألة 1142): لا يعتبر في إنشاء الوقف أن تكون العين مما يمكن قبضه حال الوقف فإذا وقف العبد الآبق أو الجمل الشارد أو الطير الطائر وتحقق القبض بعده صح الوقف.

(مسألة 1143): لا إشكال في صحة وقف الثياب والأواني والفرش والدور والبساتين والأراضي الزراعية والكتب والسلاح والحيوانات إذا كان ينتفع بها في الركوب أو الحمل أو اللبن أو الوبر والشعر والصوف أو غير ذلك وكذا غيرها مما له منفعة محللة ويجوز وقف الدراهم والدنانير إذا كان ينتفع بها في التزيين، وأما وقفها لحفظ الاعتبار ففيه إشكال. نعم، لا يبعد صحّة وقفها لحفظ الاعتبار مع شرط الصرف فيما إذا اتفق اضطرار خاص للموقوف عليهم أو لبعضهم.

(مسألة 1144): المراد من المنفعة أعم من المنفعة العينية مثل الثمر واللبن ونحوهما والمنفعة الفعلية مثل الركوب والحرث والسكنى وغيرها.

(مسألة 1145): لا يشترط في المنفعة أن تكون موجودة حال الوقف فيكفي أن تكون متوقعة الوجود في المستقبل مثل وقف الشجرة قبل أن تثمر ووقف الدابة الصغيرة قبل أن تقوى على الركوب أو الحمل عليها.

فصل: في شرائط الموقوف عليه

(مسألة 1146): يشترط في الموقوف عليه اُمور:
الأول: التعيين، فإذا وقف على المردد بين شيئين أو أشياء مثل أحد المسجدين أو أحد المشهدين أو أحد الولدين لم يصح نعم إذا وقف على الجامع بين أمرين أو اُمور صح.
الثاني: أن يكون الموقوف عليه إذا كان خاصاً موجوداً حال الوقف فلا يصح الوقف على المعدوم حاله سواء أكان موجوداً قبل ذلك كما إذا وقف على زيد الذي مات أو يوجد بعد الوقف مثل أن يقف على ولده الذي سيولد وأما إذا كان حملاً لم ينفصل حين الوقف ففي بطلان الوقف تأمل، والأظهر الصحّة بشرط أن يولد حياً وإلاّ انكشف بطلان الوقف. نعم، إذا وقف على المعدوم تبعاً للموجود كما إذا وقف على أولاده ثم على أولادهم ثم على أولاد أولادهم وهكذا صح.

(مسألة 1147): إذا وقف على أولاده الموجودين ثم على من سيوجد على أن يكون بعد وجوده مقدماً على الموجودين فالظاهر الصحة.
الشرط الثالث: أن لا يكون الوقف عليه على نحو الصرف في المعصية كالصرف في الزنا وشرب الخمر ونسخ كتب الضلال ونشرها وتدريسها وشراء آلات الملاهي ونحو ذلك.

(مسألة 1148): يجوز وقف المسلم على الكافر في الجهات المحللة.

(مسألة 1149): يجوز الوقف على المملوك قِناً كان أم غيره كان الوقف على نحو التمليك أم الصرف.

(مسألة 1150): إذا وقف على ما لا يصح الوقف عليه وما يصح على نحو التشريك بطل بالنسبة إلى حصة الأول وصح بالنسبة إلى حصة الثاني، وإن كان على نحو الترتيب فإن كان الأول مقدماً فالأقوى بطلانه رأساً وإن كان مؤخراً كان من المنقطع الآخر فيصح فيما يصح الوقف عليه ويبطل فيما بعده.

(مسألة 1151): إذا وقف على ما يصح الوقف عليه ثم على ما لا يصح الوقف عليه ثم على ما يصح الوقف عليه كان من المنقطع الوسط فيصح في الأول ويبطل فيما بعده مطلقاً حتى في الأخير.

(مسألة 1152): إذا وقف على الزائرين أو الحجاج أو عالم البلد أو نحو ذلك من العناوين العامة التي توجد لها أفراد في وقت ولا توجد في وقت آخر صح وإن لم يكن له فرد حين الوقف.

فصل: في بيان المراد من بعض عبارات الواقف

(مسألة 1153): إذا وقف مسلم على الفقراء أو فقراء البلد فالمراد فقراء المسلمين، وإذا كان الواقف من الشيعة فالمتيقن فقراء الشيعة، وإذا كان كافرا فالمراد فقراء أهل دينه، فإن كان يهودياً فالمراد فقراء اليهود، وإن كان نصرانياً فالمراد فقراء النصارى وهكذا، وكذا إذا كان سنياً فالمراد فقراء السنة وإذا كان السنيون على مذاهب بحيث لا يعطف بعضهم على بعض اختص بفقراء مذهب الواقف.

(مسألة 1154): إذا وقف على الفقراء أو فقراء البلد أو فقراء بني فلان أو الحجاج أو الزوار أو العلماء أو مجالس عزاء سيد الشهداء (عليه السلام) أو خصوص مجالس البلد فالظاهر منه المصرف فلا يجب الاستيعاب وإن كانت الأفراد محصورة. نعم، إذا وقف على جميعهم وجب الاستيعاب فإن لم يمكن لتفرقهم عزل حصة من لم يتمكن من إيصال حصته إليه إلى زمان التمكن، وإذا شك في عددهم اقتصر على الأقل المعلوم والأحوط له التفتيش والفحص.

(مسألة 1155): إذا قال: هذا وقف على أولادي أو ذريتي أو أصهاري أو أرحامي أو تلامذتي أو مشايخي أو جيراني، فالظاهر منه العموم فيجب فيه الاستيعاب.

(مسألة 1156): إذا وقف على المسلمين كان لمن يعتقد الواقف إسلامه، فلا يدخل في الموقوف عليهم من يعتقد الواقف كفره وإن أقر بالشهادتين ويعم الوقف المسلمين جميعاً الذكور والإناث والكبار والصغار.

(مسألة 1157): إذا وقف على المؤمنين اختص الوقف بمن كان مؤمناً في اعتقاد الواقف فإذا كان الواقف اثني عشرياً اختص الوقف بالاثني عشرية من الإمامية ولا فرق بين الرجال والنساء والأطفال والمستضعفين، ولا بين العدول والفساق وكذا إذا وقف على الشيعة، نعم إذا كان الواقف على الشيعة من بعض الفرق الاُخر من الشيعة فالظاهر من الشيعة العموم للاثني عشرية وغيرهم ممن يعتقد الخلافة لعلي (عليه السلام)بلا فصل.

(مسألة 1158): إذا وقف في سبيل اللّه تعالى أو في وجوه البر فالمراد منه ما يكون قربة وطاعة.

(مسألة 1159): إذا وقف على أرحامه أو أقاربه فالمرجع فيه العرف وإذا وقف على الأقرب فالأقرب كان على كيفية الإرث.

(مسألة 1160): إذا وقف على أولاده اشترك الذكر والاُنثى والخنثى، نعم إذا كان المفهوم في العرف الخاص لبعض البلاد خصوص الذكر اختص به دون الاُنثى وكذا الحال إذا وقف على أولاده وأولاد أولاده.

(مسألة 1161): إذا وقف على إخوته اشترك الإخوة للأبوين والإخوة للأب فقط والإخوة للاُم فقط بالسوية، وكذا إذا وقف على أجداده اشترك الأجداد لأبيه والأجداد لاُمه . . . وكذا إذا وقف على الأعمام أو الأخوال فإنه يعم الأعمام للأبوين وللأب وللاُم وكذلك الأخوال ولا يشمل الوقف على الإخوة أولادهم ولا الأخوات ولا الوقف على الأعمام والأخوال أعمام الأب والاُم وأخوالهما والعمات مطلقا والخالات كذلك.

(مسألة 1162): إذا وقف على أبنائه لم تدخل البنات وإذا وقف على ذريته دخل الذكر والاُنثى والصلبي وغيره.

(مسألة 1163): إذا قال: هذا وقف على أولادي ما تعاقبوا وتناسلوا فالظاهر منه التشريك، وإذا قال: وقف على أولادي الأعلى فالأعلى فالظاهر منه الترتيب، وإذا قال: وقف على أولادي نسلاً بعد نسل أو طبقة بعد طبقة أو طبقة فطبقة، ففي كونه للترتيب أو للتشريك قولان والأظهر الأول.

(مسألة 1164): إذا تردد الموقوف عليه بين عنوانين أو شخصين فالمرجع في تعيينه القرعة، وإذا شك في الوقف أنه ترتيبي أو تشريكي فإن كان هناك اطلاق في عبارة الواقف كان مقتضاه التشريك وإن لم يكن فيها إطلاق اُعطي أهل المرتبة المحتملة التقدم حصتهم واُقرع في الحصة المرددة بينهم وبين من بعدهم فيعطى من خرجت القرعة باسمه.

(مسألة 1165): إذا وقف على العلماء فالظاهر منه علماء الشريعة فلا يشمل علماء الطب والنجوم والهندسة والجغرافيا ونحوهم. وإذا وقف على أهل بلد اختص بالمواطنين والمجاورين منهم ولا يشمل المسافرين وإن نووا إقامة مدة فيه.

(مسألة 1166): إذا وقف على مسجد أو مشهد صرف نماؤه في مصالحه من تعمير وفرش وسراج وكنس ونحو ذلك من مصالحه، وفي جواز إعطاء شيء من النماء لإمام الجماعة إشكال إلاّ أن تكون هناك قرينة على إرادة ما يشمل ذلك فيعطى منه حينئذ.

(مسألة 1167): إذا وقف على الحسين (عليه السلام) صرف في إقامة عزائه مع بذل الطعام فيه وبدونه والأحوط إهداء ثواب ذلك إليه (عليه السلام) ولا فرق بين إقامة مجلس للعزاء وأن يعطى الذاكر لعزائه (عليه السلام) في المسجد أو الحرم أو الصحن أو غير ذلك.

(مسألة 1168): إذا وقف على أن يصرف على ميت أو أموات صرف في مصالحهم الاُخروية من الصدقات عنهم وفعل الخيرات لهم، وإذا احتمل اشتغال ذمتهم بالديون صرف أيضاً في إفراغ ذمتهم.

(مسألة 1169): إذا وقف على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) صرف في إقامة المجالس لذكر فضائلهم ومناقبهم ووفياتهم وبيان ظلاماتهم ونحو ذلك مما يوجب التبصر بمقامهم الرفيع والأحوط إهداء ثواب ذلك إليهم (عليهم السلام) ولا فرق بين إمام العصر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وآبائه الطاهرين.

(مسألة 1170): إذا وقف على أولاده فالأقوى العموم لأولاد أولاده وأولادهم وإن سفلوا.

(مسألة 1171): إذا قال: هذا وقف على أولادي فإذا انقرض أولادي وأولاد أولادي فهو على الفقراء، فالأقوى أنه وقف على أولاده الصلبيين وغيرهم على التشريك، وكذا إذا قال: وقف على أولادي فإذا انقرضوا وانقرض أولاد أولادي فهو على الفقراء على الأقوى.

(مسألة 1172): إذا قال: هذا وقف على سكنى أولادي فالظاهر أنه لا يجوز أن يؤجروها ويقتسموا الاُجرة بل يتعين عليهم السكنى فيها فإن أمكن سكنى الجميع سكنوا جميعا وإن تشاحوا في تعيين المسكن فالمرجع نظر الولي فإن تعدد الأولياء واختلف نظرهم فالمرجع الحاكم الشرعي، وإذا اختلف حكام الشرع فالمرجع القرعة وإذا امتنع بعضهم عن السكنى حينئذ جاز للآخر الاستقلال فيها وليس عليه شيء لصاحبه، وإن تعذر سكنى الجميع اقتسموها بينهم يوماً فيوماً أو شهراً فشهراً أو سنة فسنة، وإن اختلفوا في ذلك وتشاحوا فالحكم كما سبق وليس لبعضهم ترك السكنى وعدم الرضا بالمهاياة والمطالبة بالاُجرة حينئذ بالنسبة إلى حصته.

(مسألة 1173): إذا قال هذا وقف على الذكور من أولادي أو ذكور أولادي نسلاً بعد نسل أو طبقة بعد طبقة اختص بالذكور من الذكور ولا يشمل الذكور من الإناث.

(مسألة 1174): إذا قال وقف على إخوتي نسلاً بعد نسل فالظاهر العموم لأولادهم الذكور والإناث.

(مسألة 1175): إذا قال: هذا وقف على أولادي ثم أولاد أولادي كان الترتيب بين أولاده الصلبيين وأولادهم ولا يكون بين أولاد أولاده وأولادهم ترتيب بل الحكم بينهم على نحو التشريك.

(مسألة 1176): إذا وقف على زيد والفقراء فالظاهر التنصيف، وكذا إذا قال وقف على زيد وأولاد عمرو أو قال وقف على أولاد زيد وأولاد عمرو أو قال وقف على العلماء والفقراء.

(مسألة 1177): إذا وقف على الزوار فالظاهر الاختصاص بغير أهل المشهد ممن يأتي من الخارج للزيارة وفي كونه كذلك إذا قال: وقف على من يزور المشهد إشكال.