|
فصل: في بعض أحكام الوقف
(مسألة 1178): إذا تم الوقف لا يجوز للواقف ولا لغيره التبديل والتغيير في الموقوف عليه بنقله منهم إلى غيرهم وإخراج بعضهم منه وإدخال أجنبي عنهم معهم إذا لم يشترط ذلك أما إذا اشترط إدخال من شاء معهم فالظاهر صحته وحينئذ إذا أدخل غيرهم معهم نفذ وإذا لم يدخل أحداً إلى أن مات بقي الوقف على حاله الاُولى وإذا اشترط إخراج بعضهم ففي صحته إشكال.
(مسألة 1179): العين الموقوفة تخرج من ملك الواقف وتدخل في ملك الموقوف عليه ويكون نماؤها له، نعم إذا كان الوقف وقفاً على الصرف لم تدخل العين في ملك الموقوف عليه بل يتعين صرف نمائها في الجهة الموقوف عليها على اختلاف كيفيات الوقف.
(مسألة 1180): إذا اشترط الواقف شرطاً في الموقوف عليه كما إذا وقف المدرسة على الطلبة العدول أو المجتهدين ففقد الشرط خرج عن الوقف وإذا اشترط عليه شرطاً كما إذا وقف على الطلبة واشترط عليهم التهجد في الليل وجب فعل الشرط فإن لم يتهجد فالظاهر أنه يخرج عن الوقف أيضاً.
(مسألة 1181): إذا احتاجت الأملاك الموقوفة إلى التعمير أو الترميم لأجل بقائها وحصول النماء منها فإن عين الواقف لها ما يصرف فيها عمل عليه وإلاّ صرف من نمائها وجوباً مقدماً على حق الموقوف عليهم وإذا احتاج إلى التعمير بحيث لولاه لم يبق للبطون اللاحقة فالظاهر وجوبه وإن أدى إلى حرمان البطن السابق.
(مسألة 1182): الثمر الموجود على النخل أو الشجر حين إجراء صيغة الوقف باق على ملك مالكها ولا يكون للموقوف عليه، وكذا الحمل الموجود حين وقف الدابة واللبن والصوف الموجودان حين وقف الشاة، وكذا ما يتجدد من الثمر أو الحمل أو اللبن أو الصوف ونحوها بعد إنشاء الوقف وقبل القبض فيما يعتبر القبض في صحته هذا فيما إذا كان الثمر قابلاً للاقتطاف ولو عند تمام الوقف وإلاّ فيدخل في الوقف وكذا الحال في الصوف. نعم، له استثناء الثمر والصوف المزبورين من الوقف فيكونان كالحمل المستبان فيما إذا وقف الحيوان.
(مسألة 1183): إذا وقف على مصلحة فبطل رسمها كما إذا وقف على مسجد فخرب أو مدرسة فخربت ولم يمكن تعميرها أو لم يحتاجا إلى مصرف لانقطاع من يصلي في المسجد أو مهاجرة الطلبة أو نحو ذلك فإن كان الوقف على نحو تعدد المطلوب كما هو الغالب صرف نماء الوقف في مسجد أو مدرسة اُخرى إن أمكن وإلاّ ففي وجوه البر الأقرب فالأقرب.
(مسألة 1184): إذا جهل مصرف الوقف فإن كانت المحتملات متصادقة صرف في المتيقن كما إذا لم يدر أن الوقف وقف على العلماء مطلقاً أو على خصوص العدول منهم، أو لم يدر أن الوقف وقف على العلماء أو الفقراء فإنه يصرف في الفرض الأول على العلماء العدول وفي الفرض الثاني على العلماء الفقراء وإن كانت المحتملات متباينة فإن كانت غير محصورة تصدق به إذا كان التصدق من الوجوه المحتملة للوقف وإلاّ صرفه في وجه آخر من الوجوه المحتملة، وإن كانت الوجوه محصورة كما إذا لم يدر أن الوقف وقف على المسجد الفلاني أو على المسجد الآخر أو أنه وقف لزيد أو لعمرو على نحو المصرف أو على نحو التمليك فالأقرب الرجوع إلى القرعة في تعيين الموقوف عليه.
(مسألة 1185): إذا آجر البطن الأول من الموقوف عليهم العين الموقوفة في الوقف الترتيبي وانقرضوا قبل انقضاء مدة الإجارة لم تصح الإجارة بالنسبة إلى بقية المدة، وكذا الحكم في الوقف التشريكي إذا ولد في أثناء المدة من يشارك الموقوف عليه المؤجر فإنه لا تصح الإجارة بالنسبة إلى حصته والظاهر صحتها بالإجازة من البطن الثاني في الصورة الاُولى، ومن الشريك في الصورة الثانية فيكون للمجيز حصته من الاُجرة ولا يحتاج إلى تجديد الإجارة وإن كان أحوط. نعم، إذا كانت الإجارة من الولي لمصلحة الوقف صحت ونفذت وكذا إذا كانت لمصلحة البطون اللاحقة إذا كانت له ولاية على ذلك فإنها تصح ويكون للبطون اللاحقة حصتهم من الاُجرة.
(مسألة 1186): إذا كانت للعين الموقوفة منافع مختلفة وثمرات متنوعة كان الجميع للموقوف عليه مع إطلاق الوقف فإذا وقف الشجر أو النخل كانت ثمرتهما ومنفعة الاستظلال بهما والسعف والأغصان والأوراق اليابسة وأكمام الطلع والفسيل ونحوها مما هو مبني على الانفصال للموقوف عليه ولا يجوز للمالك ولا لغيره التصرف فيها إلاّ على الوجه الذي اشترطه الواقف.
(مسألة 1187): الفسيل الخارج بعد الوقف إذا نما واستطال حتى صار نخلاً أو قلع من موضعه وغرس في موضع آخر فنما حتى صار مثمراً لا يكون وقفاً بل هو من نماء الوقف فيجوز بيعه وصرفه في الموقوف عليه، وكذا إذا قطع بعض الأغصان الزائدة للإصلاح وغرس فصار شجرة فإنه لا يكون وقفاً بل يجري عليه حكم نماء الوقف من جواز بيعه وصرف ثمنه في مصرف الوقف.
(مسألة 1188): إذا خرب المسجد لم تخرج العرصة عن المسجدية وإن تعذر تعميره، وكذا إذا خربت القرية التي هو فيها حتى بطل الانتفاع به إلى الأبد.
(مسألة 1189): غير المسجد من الأعيان الموقوفة إذا تعذر الانتفاع بها في الجهة المقصودة للواقف لخرابها وزوال منفعتها يجوز بيع بعضها وعمارة الباقي للانتفاع به، فإن لم يمكن ذلك جاز بيعها وتبديلها بمايمكن الانتفاع به وإن لم يمكن ذلك أيضاً صرف ثمنها في الجهة الموقوف عليها.
(مسألة 1190): إذا تعذر الانتفاع بالعين الموقوفة لانتفاء الجهة الموقوف عليها صرفت منافعها فيما هو الأقرب فالأقرب، فإذا كان الوقف وقفاً على إقامة عزاء الحسين (عليه السلام) في بلد خاص ولم يمكن ذلك صرفت منافعه في إقامة عزائه (عليه السلام) في بلد آخر.
(مسألة 1191): إذا تعذر الانتفاع لانقراض الموقوف عليه تبطل وقفيته ويرجع ملكاً للواقف على ما تقدم فإن لم يكن موجوداً كان لورثته.
(مسألة 1192): إذا خرب الوقف ولم تبطل منفعته بل بقيت له منفعة معتد بها قليلة أو كثيرة فإن أمكن تجديده وإن كان بإجارة مدة وصرف الإجارة في العمارة وجب ذلك وإن لم يمكن فالظاهر بقاء الوقفية بحالها وتصرف منافعه في الجهة الموقوف عليها.
(مسألة 1193): إذا وقف بستاناً لصرف نمائها في جهة خاصة فانقطع عنها الماء حتى يبس شجرها أو انقلع شجرها وبقيت عرصة فإن أمكن إيجارها وجب ذلك وصرفت الاُجرة في الجهة الموقوف عليها، نعم إذا فهم من القرائن أن الوقفية قائمة بعنوان البستان كما إذا وقفها للتنزه أو للاستظلال فإن أمكن بيعها وشراء بستان اُخرى تعين ذلك وإلاّ بطلت الوقفية بذهاب عنوان البستان وترجع ملكاً للواقف.
(مسألة 1194): يجوز وقف البستان واستثناء نخلة منها ويجوز له حينئذ الدخول إليها بمقدار الحاجة كما أن له إبقاءها مجاناً وليس للموقوف عليهم قلعها وإذا انقلعت لم يبق له حق في الأرض فلا يجوز له غرس نخلة اُخرى مكانها وكذا يجوز في وقف الدار استثناء غرفة منها ولكن إذا خربت بقيت له الأرض لأن الأرض جزء الغرفة وأما إذا استثنى البناء (لا الغرفة) فالحكم فيه كما في الشجرة.
(مسألة 1195): إذا كانت العين مشتركة بين الوقف والملك الطلق جازت قسمتها بتمييز الوقف عن الملك الطلق ويتولى القسمة المالك للطلق ومتولي الوقف، بل الأقوى جواز القسمة إذا تعدد الواقف والموقوف عليه كما إذا كانت دار مشتركة بين شخصين فوقف كل منهما نصفه المشاع على أولاده وكذا إذا اتحد الواقف مع تعدد الموقوف عليه كما إذا وقف مالك الدار نصفها على مسجد ونصفها على مشهد وكذا إذا اتحد الواقف والموقوف عليه إذا لم تكن القسمة منافية للوقف كما إذا وقف أرضاً على أولاده وكانوا أربعة فإنه يجوز لهم اقتسامها أرباعاً، فإذا صار له ولد آخر بطلت القسمة وجاز اقتسامها أخماساً، فإذا مات اثنان منهم بطلت القسمة وجاز اقتسامها أثلاثاً، وهكذا.
(مسألة 1196): لا يجوز تغيير العين الموقوفة إذا علم من الواقف إرادة بقاء عنوانها سواء فهم ذلك من كيفية الوقف كما إذا وقف داره على السكنى فلا يجوز تغييرها إلى الدكاكين أم فهم من قرينة خارجية بل إذا احتمل ذلك ولم يكن إطلاق في إنشاء الوقف لم يجز ذلك، نعم إذا كان إطلاق في إنشاء الوقف جاز للولي التغيير فيبدل الدار إلى دكاكين والدكاكين إلى دار وهكذا، وقد يعلم من حال الوقف إرادة بقاء العنوان ما دام له دخل في كثرة المنفعة فحينئذ لا يجوز التغيير مادام الحال كذلك، فإذا قلت المنفعة جاز التغيير.
(مسألة 1197): إذا انقلعت نخلة من البستان الموقوفة فإن كان وقفها للانتفاع بثمرها جاز بيعها وصرف ثمنها في البستان إن احتاج إليه وإلاّ ففي الجهة الموقوف عليها وإذا وقفها للانتفاع بأي وجه كان فإن أمكن الانتفاع بها في جعلها سقفاً أو عمداً أو نحو ذلك لم يجز بيعها وإن بطل الانتفاع بها على حالها جاز بيعها وصرف ثمنها في البستان مع الحاجة ومع عدمها في الجهة الموقوف عليها.
(مسألة 1198): الأموال التي تجمع لعزاء سيد الشهداء (عليه السلام) من صنف خاص لإقامة مأتمهم أو من أهل بلد لإقامة مأتم فيها أو للأنصار الذين يذهبون في زيارة الأربعين إلى (كربلاء) الظاهر أنها من قسم الصدقات المشروط صرفها في جهة معينة وليست باقية على ملك مالكها ولا يجوز لمالكها الرجوع فيها، وإذا مات قبل صرفها لا يجوز لوارثه المطالبة بها، وكذا إذا أفلس لا يجوز لغرمائه المطالبة بها وإذا تعذر صرفها في الجهة المعينة فالأحوط صرفها فيما هو الأقرب فالأقرب إلى الجهة الخاصة نعم إذا كان الدافع للمال غير معرض عنه ويرى أن الآخذ للمال بمنزلة الوكيل عنه لم يخرج حينئذ عن ملك الدافع وجاز له ولورثته ولغرمائه المطالبة به بل يجب إرجاعه إليه عند مطالبته وإلى وارثه عند موته وإلى غرمائه عند تفليسه، وإذا تعذر صرفه في الجهة الخاصة واحتمل عدم إذنه في التصرف فيه في غيرها وجبت مراجعته في ذلك.
(مسألة 1199): لا يجوز بيع العين الموقوفة إلاّ في موارد ذكرناها في كتاب البيع.
(مسألة 1200): إذا كان غرض الواقف من الوقف حصول شيء فبان عدم حصوله لا يكون ذلك موجباً لبطلان الوقف، فإذا علم أن غرض الواقف من الوقف على أولاده أن يستعينوا به على طلب العلم أو الإقامة بالمشهد الفلاني أو نحو ذلك فلم يترتب الغرض المذكور عليه لم يكن ذلك موجب لبطلان الوقف وهكذا الحال في جميع الأغراض والدواعي التي تدعو إلى إيقاع المعاملات أو الإيقاعات، فإذا كان غرض المشتري الربح فلم يربح لم يكن ذلك موجباً لبطلان الشراء أو التسلط على الفسخ.
(مسألة 1201): الشرائط التي يشترطها الواقف تصح ويجب العمل عليها إذا كانت مشروعة، فإذا اشترط أن لا يؤجر الوقف أكثر من سنة أو لا يؤجر على غير أهل العلم لا تصح إجارته سنتين ولا على غير أهل العلم.
(مسألة 1202): تثبت الوقفية بالعلم ـ وان حصل من الشياع ـ وبالبينة الشرعية وبإقرار ذي اليد وإن لم تكن اليد مستقلة كما إذا كان جماعة في دار فأخبر بعضهم بأنها وقف حكم بها في حصته وإن لم يعترف غيره بها.
(مسألة 1203): إذا كان كتاب أو إناء قد كتب عليه: «أنه وقف» فالظاهر الحكم بوقفيته هذا مع إحراز أنها كتابة من كانت العين بيده سابقاً وإلاّ فلا أثر للكتابة. نعم، إذا كان بيد شخص وادعى ملكيته واعتذر عن الكتابة بعذر مقبول قيل صُدِّق وحكم بملكيته له فيجوز حينئذ الشراء منه والتصرف بإذنه وغير ذلك من أحكام الملك لكنه لا يخلو عن إشكال.
(مسألة 1204): إذا وجدت ورقة في تركة الميت قد كتب عليها إن الشيء الفلاني وقف فإن كان عليه أمارة الاعتراف بالوقفية من توقيعه في ذيلها ووضعها في ظرف مكتوب عليه هذه ورقة الوقف الفلاني أو نحو ذلك مما يكون ظاهراً في الاعتراف بالوقفية حكم بالوقفية، وإلاّ فلا يحكم بها وإن علم أنها بخط المالك.
(مسألة 1205): لا فرق في حجية إخبار ذي اليد بين أن يكون إخباراً بأصل الوقف وأن يكون إخباراً بكيفيته من كونه ترتيبياً أو تشريكياً وكونه على الذكور فقط أو على الذكور والإناث وأنه على نحو التساوي أو على نحو الاختلاف كما أنه لا فرق في الإخبار بين أن يكون بالقول وأن يكون بالفعل كما إذا كان يتصرف فيه على نحو الوقف أو يتصرف فيه على نحو الوقف الترتيبي أو التشريكي أو للذكور والإناث أو للذكور دون الإناث وهكذا، فإن تصرفه إذا كان ظاهراً في الإخبار عن حاله كان حجة كخبره القولي.
(مسألة 1206): إذا كانت العين الموقوفة من الأعيان الزكوية كالغنم والبقر والإبل لم تجب الزكاة فيها وإن اجتمعت فيها شرائط الزكاة وأما إذا كان نماؤها زكوياً كما إذا وقف بستاناً فإن كان الوقف على نحو التمليك لأشخاص الموقوف عليهم كما إذا قال: وقفت البستان لأولادي فإن بلغت حصة واحد منهم النصاب وجبت عليه الزكاة وإلاّ لم تجب، وإن كان الوقف على نحو التمليك للعنوان كما إذا قال: وقفت البستان على فقراء البلد غير قاصد لاستيعابهم، لم تجب الزكاة على واحد منهم إلاّ إذا أعطى الولي واحداً منهم بعض النماء قبل زمان تعلق الزكاة وكان يبلغ النصاب فإنه تجب الزكاة على من ملك منهم واحداً كان أو أكثر وكذلك لا تجب الزكاة على حاصل الوقف إذا كان على نحو المصرف كما إذا قال: وقفت البستان على تزويج أولادي أو على إطعام الفقراء وكسوتهم ونحو ذلك.
إلحاق فيه بابان
الباب الأول في الحبس وأخواته
(مسألة 1207): يجوز للمالك أن يحبس ملكه على جهة معينة يجوز الوقف عليها على أن يصرف نماؤه فيها ولا يخرج بذلك عن ملكه، فإن كان الحابس قد قصد القربة بحبسه وكان حبسه مطلقاً أو مقيداً بالدوام لزم ما دامت العين ولم يجز له الرجوع فيه، وإن كان مقيداً بمدة معينة لم يجز له الرجوع قبل انقضاء المدة، وإذا انتهت المدة انتهى التحبيس فإذا قال: فرسي محبس على نقل الحجاج أو عبدي محبس على خدمة العلماء لزمت ما دامت العين باقية وإذا جعل المدة عشر سنين مثلا لزم في العشر وانتهى بانقضائها.
(مسألة 1208): ذكر جماعة كثيرة أنه لا يصح التحبيس إلاّ بعد القبض ولا يخلو من إشكال، ولكنه شرط في اللزوم فيجوز للمالك الرجوع فيه قبل القبض.
(مسألة 1209): إذا حبس ملكه على شخص فإن عين مدة كعشر سنين أو مدة حياة ذلك الشخص لزم الحبس في تلك المدة وبعدها يرجع إلى الحابس، وإذا مات الحابس قبل انقضاء المدة بقي الحبس على حاله إلى أن تنتهي المدة فيرجع ميراثاً، وإذا حبس عليه مدة حياة نفسه يعني الحابس لم يجز له الرجوع ما دام حياً فإذا مات رجع ميراثاً، وإذا حبسه على شخص ولم يذكر مدة معينة ولا مدة حياة نفسه ولا حياة المحبس عليه ففي لزومه إلى موت الحابس وبعد موته يرجع ميراثاً وجوازه فيجوز له الرجوع فيه متى شاء بعد تحقق مسمّى الحبس عليه قولان أقربهما الثاني.
(مسألة 1210): يلحق بالحبس السكنى والعمرى والرقبى والاُولى تختص بالمسكن والأخيرتان تجريان فيه وفي غيره من العقار والحيوانات والأثاث ونحوها مما لا يتحقق فيه الإسكان فإن كان المجعول الإسكان قيل له: «سكنى» فإن قيد بعمر المالك أو الساكن قيل له أيضاً: «عمرى» وإن قيده بمدة معينة قيل له: «رقبى» وإذا كان المجعول غير الإسكان كما في الأثاث ونحوه مما لا يتحقق فيه السكنى لا يقال له سكنى بل قيل: «عمرى» إن قيد بعمر أحدهما: و«رقبى» إن قيد بمدة معينة.
(مسألة 1211): قد تقدّم الإشكال في اعتبار القبض في صحّة الحبس فكذا في اعتباره في صحة أخواته ولكنه شرط في اللزوم كالحبس.
(مسألة 1212): إذا أسكنه مدة معينة كعشر سنين أو مدة عمر المالك أو مدة عمر الساكن لم يجز الرجوع قبل انقضاء المدة فإن انقضت المدة في الصور الثلاث رجع المسكن إلى المالك أو ورثته.
(مسألة 1213): إذا قال له: أسكنتك هذه الدار لك ولعقبك لم يجز له الرجوع في هذه السكنى ما دام الساكن موجوداً أو عقبه فإذا انقرض هو وعقبه انتهت السكنى.
(مسألة 1214): إذا قال له: أسكنتك هذه الدار مدة عمري فمات الساكن في حال حياة المالك فإن كان المقصود السكنى بنفسه وتوابعه كما يقتضيه إطلاق السكنى انتقلت السكنى بموته إلى المالك قبل وفاته على إشكال، وإن كان المقصود تمليك السكنى له انتقلت السكنى إلى وارثه ما دام المالك حياً، فإذا مات انتقلت من ورثة الساكن إلى ورثة المالك وكذا الحكم لو عين مدة معينة فمات الساكن في أثنائها.
(مسألة 1215): إذا جعل السكنى له مدة حياته كما إذا قال له: أسكنتك هذه الدار مدة حياتك، فمات المالك قبل الساكن لم يَجُز لورثة المالك منع الساكن بل تبقى السكنى على حالها إلى أن يموت الساكن.
(مسألة 1216): إذا جعل له السكنى ولم يذكر له مدة ولا عمر أحدهما لزم بالقبض ووجب على المالك إسكانه وقتاً ما وجاز له الرجوع بعد ذلك أي وقت شاء، ولا يجري ذلك في الرقبى والعمرى لاختصاص الاُولى بالمدة المعينة والثانية بمدة عمر أحدهما والمفروض انتفاء ذلك كله.
(مسألة 1217): إطلاق السكنى كما تقدم يقتضي أن يسكن هو وأهله وسائر توابعه من أولاده وخدمه وعبيده وضيوفه بل دوابه إن كان فيها موضع معد لذلك وله اقتناء ما جرت العادة فيه لمثله من غلة وأوان وأمتعة والمدار على ماجرت به العادة من توابعه وليس له إجارته ولا إعارته لغيره فلو آجره ففي صحة الإجارة بإجازة المالك وكون الاُجرة له حينئذ إشكال.
(مسألة 1218): الظاهر أن السكنى والعمرى والرقبى من العقود المحتاجة في وجودها الاعتباري إلى إيجاب وقبول، ويعتبر فيها ما يعتبر في العقود كما يعتبر في المتعاقدين هنا ما يعتبر في المتعاقدين في غيره وقد تقدم ذلك في كتاب البيع. وأما الحبس فالظاهر اعتبار القبول فيه في الحبس على الشخص وعدم اعتباره في الحبس على الصرف في جهة معينة.
(مسألة 1219): الظاهر جواز بيع المحبس قبل انتهاء أجل التحبيس فتنتقل العين إلى المشتري على النحو الذي كانت عليه عند البائع فيكون للمحبس عليهم الانتفاع بالعين حسب ما يقتضيه التحبيس ويجوز للمشتري المصالحة معهم على نحو لا تجوز لهم مزاحمته في الانتفاع بالعين مدة التحبيس بأن يعطيهم مالاً على أن لا ينتفعوا بالعين، أما المصالحة معهم على إسقاط حق الانتفاع بها أو المعاوضة على حق الانتفاع بها ففيه إشكال.
الباب الثاني
في الصدقة التي تواترت الروايات في الحث عليها والترغيب فيها وقد ورد: أنها دواء المريض وبها يدفع البلاء وقد اُبرم إبراما، وبها يستنزل الرزق، وأنها تقع في يد الرب قبل أن تقع في يد العبد، وأنها تخلف البركة وبها يقضى الدين وأنها تزيد في المال وأنها تدفع ميتة السوء والداء والدبيلة والحرق والغرق والجذام والجنون إلى أن عد سبعين باباً من السوء ويستحب التبكير بها فإنه يدفع شر ذلك اليوم وفي أول الليل فإنه يدفع شر الليل.
(مسألة 1220): المشهور كون الصدقة من العقود فيعتبر فيها الإيجاب والقبول ولكن الأظهر كونها الإحسان بالمال على وجه القربة فإن كان الإحسان بالتمليك إحتاج إلى إيجاب وقبول وإن كان بالإبراء كفى الإيجاب بمثل: أبرأت ذمتك وإن كان بالبذل كفى الإذن في التصرف وهكذا فيختلف حكمها من هذه الجهة باختلاف مواردها.
(مسألة 1221): المشهور اعتبار القبض فيها مطلقاً ولكن الظاهر أنه لا يعتبر فيها كلية وإنما يعتبر فيها إذا كان العنوان المنطبق عليه مما يتوقف على القبض فإذا كان التصدق بالهبة أو بالوقف اعتبر القبض وإذا كان التصدق بالإبراء أو البذل لم يعتبر، وهكذا.
(مسألة 1222): يعتبر في الصدقة القربة فإذا وهب أو أبرأ أو وقف بلا قصد القربة كان هبة وإبراء ووقفاً ولا يكون صدقة.
(مسألة 1223): تحل صدقة الهاشمي على الهاشمي وعلى غيره حتى زكاة المال وزكاة الفطرة، وأما صدقة غير الهاشمي، فإن كانت زكاة المال أو زكاة الفطرة فهي حرام على الهاشمي ولا تحل للمتصدق عليه ولا تفرغ ذمة المتصدق بها عنها، وإن كانت غيرهما فالأقوى جوازها سواء أكانت واجبة كرد المظالم والكفارات وفدية الصوم أم مندوبة إلاّ إذا كانت من قبيل ما يتعارف من دفع المال القليل لدفع البلاء ونحو ذلك مما كان من مراسم الذل والهوان ففي جواز مثل ذلك إشكال إلاّ أن يكون الآخذ سائلاً بالكف فالأظهر جوازه.
(مسألة 1224): لا يجوز الرجوع في الصدقة إذا كانت هبة مقبوضة وإن كانت لأجنبي على الأصح.
(مسألة 1225): تجوز الصدقة المندوبة على الغني والمخالف والكافر الذمي.
(مسألة 1226): الصدقة المندوبة سراً أفضل إلاّ إذا كان الإجهار بها بقصد رفع التهمة أو الترغيب أو نحو ذلك مما يتوقف على الإجهار، أما الصدقة الواجبة ففي بعض الروايات أن الأفضل إظهارها وقيل الأفضل الإسرار بها، والأظهر اختلاف الحكم باختلاف الموارد في الجهات المقتضية للإسرار والإجهار.
(مسألة 1227): التوسعة على العيال أفضل من الصدقة على غيرهم والصدقة على القريب المحتاج أفضل من الصدقة على غيره وأفضل منها الصدقة على الرحم الكاشح يعني المعادي ويستحب التوسط في إيصالها إلى المسكين ففي الخبر: لو جرى المعروف على ثمانين كفاً لاُوجروا كلهم فيه من غير أن ينقص صاحبه من أجره شيئاً، واللّه سبحانه العالم والموفق.
|
|