|
فصل: في الميراث بالسبب
وهو اثنان: الزوجية والولاء فهنا مبحثان:
الأول: الزوجية
(مسألة 1781): يرث الزوج من الزوجة النصف مع عدم الولد لها، والربع مع الولد وإن نزل، وترث الزوجة من الزوج الربع مع عدم الولد له، والثمن مع الولد وإن نزل.
(مسألة 1782): إذا لم تترك الزوجة وارثاً لها ذا نسب أو سبب إلاّ الإمام فالنصف لزوجها بالفرض والنصف الآخر يرد عليه على الأقوى وإذا لم يترك الزوج وارثاً له ذا نسب أو سبب إلاّ الإمام فلزوجته الربع فرضاً، وهل يرد عليها الباقي مطلقاً أو إذا كان الإمام غائباً أو لا يرد عليها بل يكون الباقي للإمام أقواها الأخير.
(مسألة 1783): إذا كان للميت زوجتان فما زاد اشتركن في الثمن بالسوية مع الولد وفي الربع بالسوية مع عدم الولد.
(مسألة 1784): يشترط في التوارث بين الزوجين دوام العقد فلا ميراث بينهما في الانقطاع كما تقدم ولا يشترط الدخول في التوارث، فلو مات أحدهما قبل الدخول ورثه الآخر زوجاً كان أم زوجة، والمطلقة رجعياً ترثه وتورث بخلاف البائن.
(مسألة 1785): يصح طلاق المريض لزوجته ولكنه مكروه فإذا طلقها في مرضه وماتت الزوجة في العدة الرجعية ورثها. ولا يرثها في غير ذلك. واما إذا مات الزوج فهي ترثه سواء أكان الطلاق رجعياً أم كان بائناً إذا كان موته قبل انتهاء السنة من حين الطلاق ولم يبرأ من مرضه الذي طلق فيه ولم يكن الطلاق بسؤالها ولم يكن خُلعاً ولا مباراة ولم تتزوج بغيره، فلو مات بعد انتهاء السنة ولو بلحظة أو برئ من مرضه فمات لم ترثه، وأما إذا كان الطلاق بسؤالها أو كان الطلاق خُلعاً أو كانت قد تزوجت المرأة بغيره ففيه إشكال والأظهر عدم الإرث.
(مسألة 1786): إذا طلق المريض زوجاته وكن أربعاً وتزوج أربعاً اُخرى ودخل بهن ومات في مرضه قبل انتهاء السنة من الطلاق اشتركت المطلقات مع الزوجات في الربع أو الثمن.
(مسألة 1787): إذا طلق الشخص واحدة من أربع فتزوج اُخرى ثم مات واشتبهت المطلقة في الزوجات الاُولى ففي الرواية ـ وعليها العمل ـ : أنه كان للتي تزوجها أخيراً ربع الثمن وتشترك الأربع المشتبهة فيهن المطلقة بثلاثة أرباعه، هذا إذا كان للميت ولد وإلاّ كان لها الربع وتشترك الأربعة الاُولى في ثلاثة أرباعه، وهل يتعدى إلى كل مورد اشتبهت فيه المطلقة بغيرها أو يعمل بالقرعة قولان ولا يبعد التعدّي.
(مسألة 1788): يرث الزوج من جميع ما تركته الزوجة منقولاً وغيره أرضاً وغيرها وترث الزوجة مما تركه الزوج من المنقولات والسفن والحيوانات ولا ترث من الأرض لا عيناً ولا قيمة وترث مما ثبت فيها من بناء وأشجار وآلات وأخشاب ونحو ذلك ولكن للوارث دفع القيمة إليها ويجب عليها القبول ولا فرق في الأرض بين الخالية والمشغولة بغرس أو بناء أو زرع أو غيرها.
(مسألة 1789): كيفية التقويم أن يفرض البناء ثابتاً من غير اُجرة ثم يقوم على هذا الفرض فتستحق الزوجة الربع أو الثمن من قيمته.
(مسألة 1790): الظاهر أنها تستحق من عين ثمرة النخل والشجر والزرع الموجودة حال موت الزوج وليس للوارث إجبارها على قبول القيمة.
(مسألة 1791): إذا لم يدفع الوارث القيمة لعذر أو لغير عذر سنة أو أكثر كان للزوجة المطالبة باُجرة البناء، وإذا أثمرت الشجرة في تلك المدة كان لها فرضها من الثمرة عيناً فلها المطالبة بها، وهكذا ما دام الوارث لم يدفع القيمة تستحق الحصة من المنافع والثمرة وغيرهما من النماءات.
(مسألة 1792): إذا انقلعت الشجرة أو انكسرت أو انهدم البناء فالظاهر عدم جواز إجبارها على أخذ القيمة فيجوز لها المطالبة بحصتها من العين كالمنقول، نعم إذا كان البناء معرضاً للهدم والشجر معرضاً للكسر والقطع جاز إجبارها على أخذ القيمة ما دام لم ينهدم ولم ينكسر وكذا الحكم في الفسيل المعد للقطع، وهل يلحق بذلك الدولاب والمحالة والعريش الذي يكون عليه أغصان الكرم وجهان أقواهما ذلك فللوارث إجبارها على أخذ قيمتها وكذا بيوت القصب.
(مسألة 1793): القنوات والعيون والآبار ترث الزوجة من آلاتها وللوارث إجبارها على أخذ القيمة، وأما الماء الموجود فيها فإنها ترث من عينه وليس للوارث إجبارها على أخذ قيمته. ولو حفر سرداباً أو بئراً قبل أن يصل إلى حد النبع فمات ورثت منها الزوجة وعليها أخذ القيمة.
(مسألة 1794): لو لم يرغب الوارث في دفع القيمة للزوجة عن الشجرة والبناء فدفع لها العين نفسها كانت شريكة فيها كسائر الورثة ولا يجوز لها المطالبة بالقيمة، ولو عدل الوارث عن بذل العين إلى القيمة ففي وجوب قبولها إشكال وإن كان الأظهر العدم.
(مسألة 1795): المدار في القيمة على قيمة يوم الدفع.
(مسألة 1796): قد تقدم في كتاب النكاح أنه لو تزوج المريض ودخل بزوجته ورثته وإذا مات قبل الدخول فنكاحه باطل ولا مهر لها ولا ميراث.
الثاني: الولاء.
وأقسامه ثلاثة:
الأول: ولاء العتق.
(مسألة 1797): يرث المعتق عتيقه بشروط ثلاثة:
الشرط الأول: أن لا يكون عتقه في واجب كالكفارة والنذر، وإلاّ لم يثبت للمعتق الميراث وكذا المكاتب إلاّ إذا شرط المولى عليه الميراث فإنه حينئذ يرثه، نعم إذا شرط عليه الميراث مع وجود القريب لم يصح الشرط.
(مسألة 1798): الظاهر أنه لا فرق في عدم الولاء لمن اعتق عبده عن نذر بين أن يكون قد نذر عتق عبد كلي فاعتق عبداً معيناً وفاءً بنذره وأن يكون قد نذر عتق عبد بعينه فأعتقه وفاءً بنذره.
(مسألة 1799): لو تبرع بالعتق عن غيره ممن كان العتق واجباً عليه لم يرث عتيقه.
الشرط الثاني: أن لا يتبرأ من ضمان جريرته فلو اشترط عليه عدم ضمان جريرته لم يضمنها ولم يرثه ولا يشترط في سقوط الضمان الإشهاد على الأقوى وهل يكفي التبري بعد العتق أو لابد من أن يكون حال العتق؟ وجهان.
الشرط الثالث: أن لا يكون للعتيق قرابة، قريباً كان أو بعيداً فلو كان له قريب كان هو الوارث.
(مسألة 1800): إذا كان للعتيق زوج أو زوجة كان له نصيبه الأعلى والباقي للمعتق.
(مسألة 1801): إذا اشترك جماعة في العتق، اشتركوا في الميراث ذكوراً كانوا أم إناثاً أم ذكوراً وإناثاً وإذا عدم المعتق فإن كان ذكراً انتقل الولاء إلى ورثته الذكور كالأب والبنين دون النساء كالزوجة والاُم والبنات، وإذا كان اُنثى انتقل إلى عصبتها وهم أولاد أبيها دون أولادها ذكوراً وإناثا وفي عدم كون الأب نفسه من العصبة إشكال.
(مسألة 1802): يقوم أولاد الأولاد مقام آبائهم عند عدمهم ويرث كل منهم نصيب من يتقرب به كما تقدم في الميراث بالقرابة.
(مسألة 1803): مع فقد الأب والأولاد حتى من نزلوا يكون الولاء للإخوة والأجداد من الأب دون الأخوات والجدات والأجداد من الاُم ومع فقدهم فللأعمام دون الأخوال والعمات والخالات، ومع فقد قرابة المعتق يرثه المعتق له فإن عدم وكان ذكراً ورثه أولاده الذكور وأبوه وأقاربه من الأب دون الاُم وإن كان اُنثى ورثته العصبة.
(مسألة 1804): لا يرث العتيق مولاه بل إذا لم يكن له قريب ولا ضامن جريرة كان ميراثه للإمام.
(مسألة 1805): لا يصح بيع الولاء ولا هبته ولا اشتراطه في بيع.
(مسألة 1806): إذا حملت الأمة المعتقة بعدالعتق من رق فالولد حر وولاؤه لمولى الأمة الذي اعتقها، فإذا اعتق أبوه انجر الولاء من معتق اُمه إلى معتق أبيه، فإن فقد فإلى ورثته الذكور فإن فقدوا فإلى عصبته فإن فقدوا فإلى معتق معتق أبيه ثم إلى ورثته الذكور ثم إلى عصبته ثم إلى معتق معتق معتق أبيه وهكذا، فإن فقد الموالي وعصباتهم فلمولى عصبة موالي الأب ثم إلى عصبات موالي العصبات، فإن فقد الموالي وعصباتهم ومواليهم فإلى ضامن الجريرة فإن لم يكن فإلى الإمام (عليه السلام)ولا يرجع إلى مولى الاُم ولو كان له زوج رد عليه ولم يرثه الإمام، ولو كان زوجة كان الزائد على نصيبها للإمام.
(مسألة 1807): إذا حملت الأمة المعتقة من حر لم يكن لمولى اُمه ولاء، وإذا حملت به قبل العتق فتحرر لا بعتق اُمه فولاؤه لمعتقه.
(مسألة 1808): إذا فقد معتق الاُم كان ولاء الولد لورثته الذكور فإذا فقدوا فلعصبة المعتق ثم إلى معتقه ثم إلى ورثته الذكور فإن فقدوا فلعصبته فإن فقدوا فلمعتقه وهكذا فإن فقد الموالي وعصباتهم وموالي عصباتهم فإلى ضامن الجريرة، فإن فقد فإلى الإمام.
(مسألة 1809): إذا مات المولى عن ابنين ثم مات المعتق بعد موت أحدهما اشترك الابن الحي وورثة الميت الذكور لأن الأقوى كون إرثهم من أجل إرث الولاء.
الثاني: ولاء ضمان الجريرة.
(مسألة 1810): يجوز لأحد الشخصين أن يتولى الآخر على أن يضمن جريرته أي جنايته فيقول له مثلاً: عاقدتك على أن تعقل عني وترثني فيقول الآخر: قبلت. فإذا عقدا العقد المذكور صح وترتب عليه أثره وهو العقل والإرث ويجوز الاقتصار في العقد على العقل وحده من دون ذكر الإرث فيترتب عليه الإرث. وأما الاقتصار على ذكر الإرث ففي صحته وترتب الإرث عليه إشكال فضلاً عن ترتب العقل عليه بل الأظهر العدم فيهما والمراد من العقل الدية فمعنى عقله عنه قيامه بدية جنايته.
(مسألة 1811): يجوز التولي المذكور بين الشخصين على أن يعقل أحدهما بعينه الآخر دون العكس. كما يجوز التولي على أن يعقل كل منهما عن الآخر فيقول مثلاً: عاقدتك على أن تعقل عني واعقل عنك وترثني وأرثك فيقول الآخر: قبلت، فيترتب عليه العقل من الطرفين والإرث كذلك.
(مسألة 1812): لا يصح العقد المذكور إلاّ إذا كان المضمون لا وارث له من النسب ولا مولى معتق، فإن كان الضمان من الطرفين اعتبر عدم الوارث النسبي والمولى المعتق لهما معاً، وإن كان من احد الطرفين اعتبر ذلك في المضمون لا غير، فلو ضمن من له وارث نسبي أو مولى معتق لم يصح ولأجل ذلك لا يرث ضامن الجريرة إلاّ مع فقد القرابة من النسب والمولى المعتق.
(مسألة 1813): إذا وقع الضمان مع من لا وارث له بالقرابة ولا مولى معتق ثم ولد له بعد ذلك فهل يبطل العقد أو يبقى مراعى بفقده؟ وجهان.
(مسألة 1814): إذا وجد الزوج أو الزوجة مع ضامن الجريرة كان له نصيبه الأعلى وكان الباقي للضامن.
(مسألة 1815): إذا مات الضامن لم ينتقل الولاء إلى ورثته.
الثالث: ولاء الإمامة.
(مسألة 1816): إذا فقد الوارث المناسب والمولى المعتق وضامن الجريرة كان الميراث للإمام إلاّ إذا كان له زوج فإنه يأخذ النصف بالفرض ويرد الباقي عليه، وإذا كانت له زوجة كان لها الربع والباقي يكون للإمام كما تقدم.
(مسألة 1817): إذا كان الإمام ظاهراً كان الميراث له يعمل به ما يشاء وكان علي (عليه السلام) يعطيه لفقراء بلده، وإن كان غائباً كان المرجع فيه الحاكم الشرعي وسبيله سبيل سهمه (عليه السلام) من الخمس يصرف في مصارفه كما تقدم في كتاب الخمس.
(مسألة 1818): إذا أوصى من لا وارث له إلاّ الإمام بجميع ماله في الفقراء والمساكين وابن السبيل، ففي نفوذ وصيته في جميع المال ـ كما عن ظاهر بعضهم وتدل عليه بعض الروايات ـ أو لا ـ كما هو ظاهر الأصحاب ـ إشكال، ولو أوصى بجميع ماله في غير الاُمور المذكورة فالأظهر عدم نفوذ الوصية واللّه سبحانه العالم.
فصل: في ميراث ولد الملاعنة والزنا والحمل والمفقود
(مسألة 1819): ولد الملاعنة ترثه اُمه ومن يتقرب بها من إخوة وأخوال والزوج والزوجة ولا يرثه الأب ولا من يتقرب به وحده فإن ترك اُمه منفردة كان لها الثلث فرضاً والباقي يرد عليها على الأقوى، وإن ترك مع الاُم أولاداً كان لها السدس والباقي لهم للذكر مثل حظ الاُنثيين إلاّ إذا كان الولد بنتاً فلها النصف ويرد الباقي أرباعاً عليها وعلى الاُم، وإذا ترك زوجاً أو زوجة كان له نصيبه كغيره وتجري الأحكام السابقة في مراتب الميراث جميعاً، ولا فرق بينه وبين غيره من الأموات إلاّ في عدم إرث الأب ومن يتقرب به وحده كالأعمام والأجداد وإخوة للأب، ولو ترك إخوة من الأبوين قسم المال بينهم جميعاً بالسوية وإن كانوا ذكوراً وإناثاً.
(مسألة 1820): يرث ولد الملاعنة اُمه وقرابتها ولا يرث أباه إلاّ أن يعترف به الأب بعد اللعان ولا يرث هو من يتقرب بالأب إذا لم يعترف به، وهل يرثهم إذا اعترف به الأب؟ قولان أقواهما العدم.
(مسألة 1821): إذا تبرأ الأب من جريرة ولده ومن ميراثه ثم مات الولد قيل كان ميراثه لعصبة أبيه دون أبيه، وقيل لا أثر للتبري المذكور في نفي التوارث وهو الأقوى.
(مسألة 1822): ولد الزنا لا يرثه أبوه الزاني ولا من يتقرب به ولا يرثهم هو، وفي عدم إرث اُمه الزانية ومن يتقرب بها إشكال ولا يبعد عدم الإرث ويرثه ولده وزوجه أو زوجته ويرثهم هو، وإذا مات مع عدم الوارث فإرثه للمولى المعتق ثم الضامن ثم الإمام.
وإذا كان له زوج أو زوجة حينئذ كان له نصيبه الأعلى ولا يرد على الزوجة إذا لم يكن له وارث إلاّ الإمام بل يكون له ما زاد على نصيبها نعم يرد على الزوج على ما سبق.
(مسألة 1823): الحمل وإن كان نطفة حال موت المورث يرث إذا سقط حياً وإن لم يكن كاملاً ولابد من إثبات ذلك وإن كان بشهادة النساء، وإذا مات بعد أن سقط حياً كان ميراثه لوارثه وإن لم يكن مستقر الحياة وإذا سقط ميتاً لم يرث، وإن علم أنه كان حياً حال كونه حملاً أو تحرك بعد ما انفصل إذا لم تكن حركته حركة حياة.
(مسألة 1824): إذا خرج نصفه واستهل صائحاً ثم مات فانفصل ميتاً لم يرث ولم يورث.
(مسألة 1825): يترك للحمل قبل الولادة نصيب ذكرين احتياطاً ويعطى أصحاب الفرائض سهامهم من الباقي فإن ولد حياً وكان ذكرين فهو وإن كان ذكراً واُنثى أو ذكراً واحداً أو اُنثيين أو اُنثى واحدة قسم الزائد على أصحاب الفرائض بنسبة سهامهم هذا إذا رضي الورثة بذلك وإلاّ يترك له سهم ذكر واحد ويقسم الباقي مع الوثوق بحفظ السهم الزائد للحمل وإمكان أخذه له ولو بعد التقسيم على تقدير سقوطه حياً.
(مسألة 1826): دية الجنين يرثها من يرث الدية على ما تقدم.
(مسألة 1827): المفقود خبره والمجهول حاله يتربص بماله وفي مدة التربص أقوال والأقوى أنها أربع سنين يفحص عنه فيها فإذا جهل خبره قسم ماله بين ورثته الذين يرثونه لو مات حين انتهاء مدة التربص ولا يرثه الذين يرثونه لو مات بعد انتهاء مدة التربص ويرث هو مورثه إذا مات قبل ذلك ولا يرثه إذا مات بعد ذلك والأظهر جواز التقسيم بعد مضي عشر سنوات بلا حاجة إلى الفحص فيؤخذ بذلك في موارد عدم إمكان الفحص بل مطلقاً على الأحوط.
(مسألة 1828): إذا تعارف اثنان بالنسب وتصادقا عليه توارثا إذا لم يكن وارث آخر وإلاّ ففيه إشكال كما تقدم في كتاب الإقرار.
فصل في ميراث الخُنثى
(مسألة 1829): الخنثى ـ وهو من له فرج الرجال وفرج النساء ـ إن علم أنه من الرجال أو النساء عمل به وإلاّ رجع إلى الأمارات، فمنها: البول من أحدهما بعينه فإن كان يبول من فرج الرجال فهو رجل وإن كان يبول من فرج النساء فهو امرأة وإن كان يبول من كل منهما كان المدار على ما سبق البول منه، فإن تساويا في السبق قيل المدار على ما ينقطع عنه البول أخيراً ولا يخلو من إشكال، وعلى كل حال إذا لم تكن أمارة على أحد الأمرين اُعطي نصف سهم رجل ونصف سهم امرأة، فإذا خلف الميت ولدين ذكراً وخنثى فرضتهما ذكرين تارة ثم ذكراً واُنثى اُخرى وضربت إحدى الفريضتين في الاُخرى فالفريضة على الفرض الأول اثنان وعلى الفرض الثاني ثلاثة فإذا ضرب الاثنان في الثلاثة كان حاصل الضرب ستة، فإذا ضرب في مخرج النصف وهو اثنان صار اثني عشر، سبعة منها للذكر وخمسة للخنثى، وإذا خلف ذكرين وخنثى فرضتها ذكراً فالفريضة ثلاثة للثلاثة ذكور، وفرضتها اُنثى فالفريضة خمسة للذكرين أربعة، وللاُْنثى واحد فإذا ضرب الثلاثة في الخمسة كان خمسة عشر، فإذا ضربت في الاثنين صارت ثلاثين يعطى منها للخنثى ثمانية ولكل من الذكرين أحد عشر وإن شئت قلت في الفرض الأول لو كانت اُنثى كان سهمها أربعة من اثني عشر ولو كانت ذكراً كان سهمها ستة فيعطى الخنثى نصف الأربعة ونصف الستة وهوخمسة، وفي الفرض الثاني لو كانت ذكراً كان سهمها عشرة ولو كانت اُنثى سهمها ستة فيعطى الخنثى نصف العشرة ونصف الستة.
(مسألة 1830): من له رأسان أو بدنان على حقو واحد فإن انتبها معاً فهما واحد وإلاّ فاثنان والظاهر التعدي عن الميراث إلى سائر الأحكام.
(مسألة 1831): من جهل حاله ولم يعلم أنه ذكر أو اُنثى لغرق ونحوه يورث بالقرعة وكذا من ليس له فرج الرجال ولا فرج النساء يكتب على سهم (عبداللّه) وعلى سهم آخر (أمة اللّه) ثم يقول المقرع: «اللهم أنت اللّه لا إله إلاّ أنت عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون بيّن لنا هذا المولود حتى يورث ما فرضت له في الكتاب» ثم يطرح السهمان في سهام مبهمة وتشوش السهام ثم يجال السهم على ما خرج ويورث عليه والظاهر أن الدعاء مستحب وإن كان ظاهر جماعة الوجوب.
فصل في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم
(مسألة 1832): يرث الغرقى بعضهم من بعض وكذلك المهدوم عليهم بشروط ثلاثة:
الأول: أن يكون لهم أو لأحدهم مال.
الثاني: أن يكون بينهم نسب أو سبب يوجب الإرث من دون مانع.
الثالث: أن يجهل المتقدم والمتأخر فمع اجتماع الشرائط المذكورة يرث كل واحد منهما من صاحبه من ماله الذي مات عنه لا مما ورثه منه فيفرض كل منهما حياً حال موت الآخر فما يرثه منه يرثه إذا غرقا. مثلاً إذا غرق الزوجان واشتبه المتقدم والمتأخر وليس لهما ولد ورث الزوج النصف من تركة الزوجة وورثت الزوجة ربع ما تركه زوجها فيدفع النصف الموروث للزوج إلى ورثته مع ثلاثة أرباع تركته الباقية بعد إخراج ربع الزوجة، ويدفع ربع الموروث للزوجة مع نصف تركتها الباقي بعد نصف الزوج إلى ورثتها. هذا حكم توارثهما فيما بينهما. أما حكم إرث الحي غيرهما من أحدهما من ماله الأصلي فهو أنه يفرض الموروث سابقاً في الموت ويورث الثالث الحي منه ولا يفرض لاحقاً في الموت، مثلاً إذا غرقت الزوجة وبنتها فالزوج يرث من زوجته الربع وإن لم يكن للزوجة ولد غير البنت ولا يرث النصف، وكذا إرث البنت فإنها تفرض سابقة فيكون لاُمها التي غرقت معها الثلث ولأبيها الثلثان، وإذا غرق الأب وبنته التي ليس له ولد سواها كان لزوجته الثمن ولا يفرض موته بعد البنت. وأما حكم إرث غيرهما الحي لأحدهما من ماله الذي ورثه من صاحبه الذي غرق معه فهو أنه يفرض المورث لاحقاً لصاحبه في الموت فيرثه وإرثه على هذا التقدير ولا يلاحظ فيه احتمال تقدم موته عكس ما سبق في إرث ماله الأصلي، وإذا كان الموتى ثلاثة فما زاد، فرض موت كل واحد منهم وحياة الآخرين فيرثان منه كغيرهما من الأحياء.
(مسألة 1833): إذا ماتا بسبب غير الغرق والهدم كالحرق والقتل في معركة قتال أو افتراس سبع أو نحو ذلك ففي الحكم بالتوارث من الطرفين كما في الغرق والهدم قولان أقواهما ذلك، بل الظاهر عموم الحكم لما إذا ماتا حتف أنفهما بلا سبب.
(مسألة 1834): إذا كان الغرقى والمهدوم عليهم يتوارث بعضهم من بعض دون بعض آخر إلاّ على تقدير غير معلوم كما إذا غرق الأب وولداه فإن الولدين لا يتوارثان إلاّ مع فقد الأب ففي الحكم بالتوارث إشكال بل الأظهر العدم.
(مسألة 1835): المشهور اعتبار صلاحية التوارث من الطرفين فلو انتفت من أحدهما لم يحكم بالإرث من أحد الطرفين كما إذا غرق أخوان لأحدهما ولد دون الآخر وقيل لا يعتبر ذلك ويحكم بالإرث من أحد الطرفين وهو قوي.
فصل في ميراث المجوس
(مسألة 1836): لا إشكال في أن المجوس يتوارثون بالنسب والسبب الصحيحين وهل يتوارثون بالنسب والسبب الفاسدين كما إذا تزوج من يحرم عليه نكاحها عندنا فأولدها قيل نعم فإذا تزوج اُخته فأولدها ومات ورثت اُخته نصيب الزوجة وورث ولدها نصيب الولد وقيل لا، ففي المثال لا ترثه اُخته الزوجة ولا ولدها وقيل بالتفصيل بين النسب والسبب فيرثه في المثال المذكور الولد ولا ترثه الزوجة، والأقوال المذكورة كلها مشهورة وأقواها الأول للنص ولولاه لكان الأخير هو الأقوى.
(مسألة 1837): إذا اجتمع للوارث سببان ورث بهما معاً كما إذا تزوج المجوسي اُمه فمات ورثته اُمه نصيب الاُم ونصيب الزوجة، وكذا إذا تزوج بنته فإنها ترثه نصيب الزوجة ونصيب البنت. وإذا اجتمع سببان أحدهما يمنع الآخر ورث من جهة المانع دون الممنوع كما إذا تزوج اُمه فأولدها فإن الولد أخوه من اُمه فهو يرث من حيث كونه ولداً ولا يرث من حيث كونه أخاً، وكما إذا تزوج بنته فأولدها فإن ولدها ولد له وابن بنته فيرث من السبب الأول ولا يرث من السبب الثاني.
(مسألة 1838): المسلم لا يرث بالسبب الفاسد ويرث بالنسب الفاسد ما لم يكن زنا، فولد الشبهة يرث ويورث، وإذا كانت الشبهة من طرف واحد اختص التوارث به دون الآخر واللّه سبحانه العالم.
خاتمة
مخارج السهام المفروضة في الكتاب العزيز خمسة الاثنان مخرج النصف والثلاثة مخرج الثلث والثلثين، والأربعة مخرج الربع، والستة مخرج السدس والثمانية مخرج الثمن.
(مسألة 1839): لو كان في الفريضة كسران فإن كانا متداخلين بأن كان مخرج أحدهما يفني مخرج الآخر إذا سقط منه مكرراً كالنصف والربع فإن مخرج النصف وهو الاثنان يفني مخرج الربع وهو الأربعة وكالنصف والثمن والثلث والسدس، فإذا كان الأمر كذلك كانت الفريضة مطابقة للأكثر، فإذا اجتمع النصف والربع كانت الفريضة أربعة، وإذا اجتمع النصف والسدس كانت ستة، وإذا اجتمع النصف والثمن كانت ثمانية وإن كان الكسران متوافقين بأن كان مخرج أحدهما لا يفني مخرج الآخر إذا سقط منه مكرراً ولكن يفني مخرجيهما عدد ثالث إذا سقط مكرراً من كل منهما كالربع والسدس فإن مخرج الربع أربعة ومخرج السدس ستة والأربعة لا تفني الستة ولكن الاثنين يفني كلاً منهما وكسر ذلك العدد وفق بينهما، فإذا كان الأمر كذلك ضرب أحد المخرجين في وفق الآخر وتكون الفريضة مطابقة لحاصل الضرب، فإذا اجتمع الربع والسدس ضربت نصف الأربعة في الستة أو نصف الستة في الأربعة وكان الحاصل هو عدد الفريضة وهو اثنا عشر وإذا اجتمع السدس والثمن كانت الفريضة أربعة وعشرين حاصلة من ضرب نصف مخرج السدس، وهو ثلاثة في الثمانية أو نصف مخرج الثمن وهو الأربعة في الستة.
وإن كان الكسران متباينين بأن كان مخرج أحدهما لا يفني مخرج الآخر ولا يفنيهما عدد ثالث غير الواحد كالثلث والثمن ضرب مخرج أحدهما في مخرج الآخر وكان المتحصل هو عدد الفريضة. ففي المثال المذكور تكون الفريضة أربعة وعشرين حاصلة من ضرب الثلاثة في الثمانية. وإذا اجتمع الثلث والربع كانت الفريضة اثنتي عشرة حاصلة من ضرب الأربعة في الثلاثة.
(مسألة 1840): إذا تعدد أصحاب الفرض الواحد كانت الفريضة حاصلة من ضرب عددهم في مخرج الفرض، كما إذا ترك أربع زوجات وولداً، فإن الفريضة تكون من اثنين وثلاثين حاصلة من ضرب الأربعة (عدد الزوجات) في الثمانية مخرج الثمن.
وإذا ترك أبوين وأربع زوجات كانت الفريضة من ثمانية وأربعين حاصلة من ضرب الثلاث التي هي مخرج الثلث في الأربع التي هي مخرج الربع فتكون اثنتي عشرة، فتضرب في الأربع (عدد الزوجات) ويكون الحاصل ثمانية وأربعين. وهكذا تتضاعف الفريضة بعدد من ينكسر عليه السهم. والحمد للّه رب العالمين وصلى اللّه على محمد وآله الطاهرين.
|
|