الفصل الخامس: أحكام الخيار

الخيار حق من الحقوق فإذا مات من له الخيار انتقل إلى وارثه ويُحرم منه من يحرم من إرث المال بالقتل أو الكفر أو الرق ويحجب عنه ما يحجب عن إرث المال، ولو كان العقد الذي فيه الخيار متعلقاً بمال يحرم منه الوارث كالحبوة المختصة بالذكر الأكبر والأرض التي لا ترث منها الزوجة ففي حرمان ذلك الوارث من إرث الخيار وعدمه أقوال: أقربها عدم حرمانه والخيار لجميع الورثة، فلو باع الميت أرضاً وكان له الخيار أو كان قد اشترى أرضاً وكان له الخيار ورثت منه الزوجة كغيرها من الورثة.
(مسألة 169): إذا تعدد الوارث للخيار فالظاهر أنه لا أثر لفسخ بعضهم بدون انضمام الباقين إليه في تمام المبيع ولا في حصته إلاّ إذا رضي من عليه الخيار فيصح في حصته.

(مسألة 170): إذا فسخ الورثة بيع مورثهم فإن كان عين الثمن موجوداً دفعوه إلى المشتري وإن كان تالفاً أو بحكمه أخرج من تركة الميت كسائر ديونه.

(مسألة 171): لو كان الخيار لأجنبي عن العقد فمات لم ينتقل الخيار إلى وارثه، وكذلك إذا كان الخيار المشروط مقيداً بالفسخ مباشرة أو مادام حياً فإنه لا يورث لعدم كونه مما تركه الميت من مال أو حق.

(مسألة 172): إذا تلف المبيع في زمان الخيار في بيع الحيوان فهو من مال البائع وكذا إذا تلف قبل انتهاء مدة الخيار في خيار الشرط إذا كان الخيار للمشتري، أما إذا كان للبائع أو تلف في زمان خيار المجلس بعد القبض فالأظهر أنه من مال المشتري.

الفصل السادس: ما يدخل في المبيع

من باع شيئا دخل في المبيع ما يقصد المتعاملان دخوله فيه دون غيره، ويعرف قصدهما بما يدل عليه لفظ المبيع وضعاً أو بالقرينة العامة أو الخاصة، فمن باع بستاناً دخل فيه الأرض والشجر والنخل والطوف والبئر والناعور والحضيرة ونحوها مما هو من أجزائها أو توابعها، أما من باع أرضاً فلا يدخل فيها الشجر والنخل الموجودان وكذا لا يدخل الحمل في بيع الاُم ولا الثمرة في بيع الشجرة، نعم إذا باع نخلاً فإن كان التمر مؤبراً فالتمر للبائع، وإن لم يكن مؤبراً فهو للمشتري ويختص هذا الحكم ببيع النخل أما في نقل النخل بغير البيع أو بيع غير النخل من سائر الشجر فالثمر فيه للبائع مطلقاً وإن لم يكن مؤبراً، هذا إذا لم تكن قرينة على دخول الثمر في بيع الشجر أو الشجر في بيع الأرض أو الحمل في بيع الدابة، أما إذا قامت القرينة على ذلك وإن كانت هي التعارف الخارجي عمل عليها وكان جميع ذلك للمشتري.
(مسألة 173): إذا باع الشجر وبقي الثمر للبائع مع اشتراط بقائه واحتاج الشجر إلى السقي جاز للبائع سقيه وليس للمشتري منعه، وإذا لم يحتج إلى السقي لم يجب على البائع سقيه وإن أمره المشتري بذلك، ولو تضرر أحدهما بالسقي والآخر بتركه ففي تقديم حق البائع أو المشتري وجهان بل قولان: أرجحهما الأول إن اشترط الإبقاء وإلاّ فالأرجح الثاني.

(مسألة 174): إذا باع بستاناً واستثنى نخلة مثلاً فله الممر إليها والمخرج منها ومدى جرائدها وعروقها من الأرض وليس للمشتري منع شيء من ذلك.

(مسألة 175): إذا باع داراً دخل فيها الأرض والبناء الأعلى والأسفل إلاّ أن يكون الأعلى مستقلاً من حيث المدخل والمخرج فيكون ذلك قرينة على عدم دخوله، وكذا يدخل في بيع الدار السراديب والبئر والأبواب والأخشاب الداخلة في البناء وكذا السلم المثبت بل لا يبعد دخول ما فيها من نخل وشجر وأسلاك كهربائية وأنابيب الماء ونحو ذلك مما يعد من توابع الدار حتى مفتاح الغلق فإن ذلك كله داخل في المبيع إلاّ مع الشرط.

(مسألة 176): الأحجار المخلوقة في الارض والمعادن المتكونة فيها تدخل في بيعها إذا كانت تابعة للأرض عرفاً وأما إذا لم تكن تابعة لها كالمعادن المكنونة في جوف الأرض فالظاهر أنها غير مملوكة لأحد ويملكها من يخرجها وكذلك لا تدخل في بيع الأرض الأحجار المدفونة فيها والكنوز المودعة فيها ونحوها.

الفصل السابع: التسليم والقبض

يجب على المتبايعين تسليم العوضين عند انتهاء العقد إذا لم يشترطا التأخير ولا يجوز لواحد منهما التأخير مع الإمكان إلاّ برضى الآخر فإن امتنعا اُجبرا، ولو امتنع أحدهما مع تسليم صاحبه أجبر الممتنع ولو اشترط أحدهما تأخير التسليم إلى مدة معينة جاز، وليس لصاحبه الامتناع عن تسليم ما عنده حينئذ.
(مسألة 177): يجوز أن يشترط البائع لنفسه سكنى الدار أو ركوب الدابة أو زرع الأرض أو نحو ذلك من الانتفاع بالمبيع مدة معينة.

(مسألة 178): التسليم الواجب على المتبايعين في المنقول وغيره هو التخلية برفع المانع عنه والإذن لصاحبه في التصرف.

(مسألة 179): إذا تلف المبيع بآفة سماوية أو أرضية قبل قبض المشتري انفسخ البيع وكان تلفه من مال البائع ورجع الثمن إلى المشتري وكذا إذا تلف الثمن قبل قبض البائع.

(مسألة 180): يكفي في القبض الموجب للخروج عن الضمان التخلية بالمعنى المتقدم في غير المنقولات كالأراضي، وأما في المنقولات فلابد فيها من الاستيلاء عليها خارجاً مثل أخذ الدرهم والدينار واللباس وأخذ لجام الفرس أو ركوبه.

(مسألة 181): في حكم التلف تعذر الوصول إليه كما لو سرق أو غرق أو نهب أو أبق العبد أو أفلت الطائر أو نحو ذلك.

(مسألة 182): لو أمر المشتري البائع بتسليم المبيع إلى شخص معين فقبضه كان بمنزلة قبض المشتري، وكذا لو أمره بإرساله إلى بلده أو غيره فأرسله كان بمنزلة قبضه، ولا فرق بين تعيين المرسل معه وعدمه.

(مسألة 183): إذا أتلف المبيع البائع أو الأجنبي الذي يمكن الرجوع إليه في تدارك خسارته فالأقوى صحة العقد، وللمشتري الرجوع على المتلف بالبدل من مثل أو قيمة وهل له الخيار في فسخ العقد لتعذر التسليم إشكال والأظهر ذلك.

(مسألة 184): إذا حصل للمبيع نماء فتلف الأصل قبل قبض المشتري كان النماء للمشتري.

(مسألة 185): لو حدث في المبيع عيب قبل القبض كان للمشتري الرد، كما تقدم.

(مسألة 186): لو باع جملة فتلف بعضها قبل القبض انفسخ البيع بالنسبة إلى التالف ورجع إليه ما يخصه من الثمن وكان له الخيار في الباقي.

(مسألة 187): يجب على البائع تفريغ المبيع عما فيه من متاع أو غيره حتى أنه لو كان مشغولاً بزرع لم يأت وقت حصاده وجبت إزالته منه، نعم إذا اشترط بقاؤه جاز لمالكه إبقاؤه إلى وقت الحصاد لكن عليه الاُجرة إن لم يشترط الإبقاء مجاناً ولو أزال المالك الزرع وبقيت له عروق تضر بالانتفاع بالأرض أو كانت في الأرض حجارة مدفونة وجب إزالتها وتسوية الأرض هذا فيما إذا كانت الإزالة أو التسوية متعارفة في بيعها أو اشترطت في العقد وإلاّ فلا تجب، ولو كان شيء لا يمكن فراغ المبيع منه إلاّ بتخريب شيء من الأبنية وجب إصلاحه وتعمير البناء.

(مسألة 188): من اشترى شيئاً ولم يقبضه فإن كان مما لا يكال ولا يوزن جاز له بيعه قبل قبضه، وكذا إذا كان مما يكال أو يوزن وكان البيع برأس المال أما لو كان بربح ففيه قولان: أظهرهما المنع.

الفصل الثامن: النقد والنسيئة

من باع ولم يشترط تأجيل الثمن كان الثمن حالاً فللبائع المطالبة به بعد انتهاء العقد، كما يجب عليه أخذه إذا دفعه إليه المشتري وليس له الامتناع من أخذه.
(مسألة 189): إذا اشترط تأجيل الثمن يكون نسيئة لا يجب على المشتري دفعه قبل الأجل وإن طالبه به البائع ولكن يجب على البائع أخذه إذا دفعه إليه المشتري قبله إلاّ أن تكون قرينة على كون التأجيل حقاً للبائع أيضاً.

(مسألة 190): يجب أن يكون الأجل معيناً لا يتردد فيه بين الزيادة والنقصان فلو جعل الأجل قدوم زيد أو الدياس أو الحصاد أو جذاذ الثمر أو نحو ذلك بطل العقد.

(مسألة 191): لو كانت معرفة الأجل محتاجة إلى الحساب مثل أول الحمل أو الميزان فقيل بالبطلان وفيه تأمّل ولو كان الأجل أول الشهر القابل مع التردد في الشهر الحالي بين الكمال والنقصان فالظاهر الصحة.

(مسألة 192): لو باع شيئاً بثمن نقداً وبأكثر منه مؤجلاً بأن قال: بعتك الفرس بعشرة نقداً وبعشرين إلى سنة فقبل المشتري فالمشهور البطلان وهو الأظهر.

(مسألة 193): لا يجوز تأجيل الثمن الحال بل مطلق الدين بأزيد منه بأن يزيد فيه مقدارا ليؤخره إلى أجل وكذا لا يجوز أن يزيد في الثمن المؤجل ليزيد في الأجل ويجوز عكس ذلك بأن يعجل المؤجل بنقصان منه على وجه الإبراء بل على وجه المعاوضة أيضاً في غير المكيل والموزون.

(مسألة 194): يجوز بيع الأكثر المؤجل بالأقل الحال في غير ما يكال ويوزن وأما فيهما فلا يجوز لأنه ربا، ولا يجوز للدائن في الدين المؤجل أن يزيد في الأجل على أن ينقد المدين بعضه قبل حلول الأجل، نعم لو انعكس الأمر ونقد المدين بعض الدين قبل حلول الأجل بشرط أن يزيد الدائن في الأجل جاز ذلك.

(مسألة 195): إذا اشترى شيئاً نسيئة جاز شراؤه منه قبل حلول الأجل أو بعده بجنس الثمن أو بغيره مساوياً له أو زائداً عليه أو ناقصاً عنه، حالاًّ كان البيع الثاني أو مؤجلاً. نعم، إذا اشترط البائع على المشتري في البيع الأول أن يبيعه عليه بعد شرائه بأقل مما اشتراه به أو شرط المشتري على البائع في البيع الأول أن يشتريه منه بأكثر مما اشتراه منه فإن المشهور فيه البطلان وهو الأظهر.

إلحاق: في المساومة والمرابحة والمواضعة والتولية

التعامل بين البائع والمشتري تارة يكون بملاحظة رأس المال الذي اشترى به البائع السلعة، واُخرى لا يكون كذلك، والثاني يسمى مساومة وهذا هو الغالب المتعارف، والأول تارة يكون بزيادة على رأس المال والاُخرى بنقيصة عنه وثالثة بلا زيادة ولا نقيصة، والأول يسمى مرابحة، والثاني مواضعة، والثالث يسمى تولية.
(مسألة 196): لابد في جميع الأقسام الثلاثة غير المساومة من ذكر الثمن تفصيلاً فلو قال بعتك هذه السلعة برأس مالها وزيادة درهم أو بنقيصة درهم أو بلا زيادة ولا نقيصة لم يصح حتى يقول: بعتك هذه السلعة بالثمن الذي اشتريتها به وهو مئة درهم بزيادة درهم مثلاً أو نقيصته أو بلا زيادة ولا نقيصة.

(مسألة 197): إذا قال البائع: بعتك هذه السلعة بمئة درهم وربح درهم في كل عشرة فإن عرف المشتري أن الثمن مئة وعشرة دراهم صح البيع بل الظاهر الصحة إذا لم يعرف المشتري ذلك حال البيع وعرفه بعد الحساب، وكذلك الحكم في المواضعة كما إذا قال: بعتك بمئة درهم مع خسران درهم في كل عشرة.

(مسألة 198): إذا كان الشراء بالثمن المؤجل وجب على البائع مرابحة أن يخبر بالأجل وفي وجوب الإخبار في البيع تولية أو مواضعة وجه ولكنه لا يخلو عن تأمل والنص الوارد في وجوب الإخبار في البيع مرابحةً ليس مدلوله تخيير المشتري بين الرد والإمساك مع الإخفاء بل مدلوله لزوم العقد بنفس الثمن مؤجلاً بمثل أجل شراء البائع وهذا هو الأظهر.

(مسألة 199): إذا اشترى جملة صفقة بثمن لم يجز له بيع أفرادها مرابحة بالتقويم إلاّ بعد الإعلام.

(مسألة 200): إذا تبين كذب البائع في إخباره برأس المال كما إذا أخبر أن رأس ماله مئة وباع بربح عشرة وكان في الواقع رأس المال تسعين صح البيع وتخير المشتري بين فسخ البيع وإمضائه بتمام الثمن المذكور في العقد وهو مئة وعشرة.

(مسألة 201): إذا اشترى سلعة بثمن معين مثل مئة درهم ولم يعمل فيها شيئاً كان ذلك رأس مالها وجاز له الإخبار بذلك، أما إذا عمل في السلعة عملاً فإن كان باُجرة جاز ضم الاُجرة إلى رأس المال فإذا كانت الاُجرة عشرة جاز له أن يقول بعتك السلعة برأس مالها مئة وعشرة وربح كذا.

(مسألة 202): إن باشر العمل بنفسه وكانت له اُجرة لم يجز له أن يضم الاُجرة إلى رأس المال بل يقول رأس المال مئة وعملي يساوي كذا وبعتكها بما ذكر وربح كذا.

(مسألة 203): إذا اشترى معيباً فرجع على البائع بالأرش كان الثمن ما بقي بعد الأرش ولو أسقط البائع بعض الثمن تفضلاً منه أو مجازاة على الإحسان لم يسقط ذلك من الثمن بل رأس المال هو الثمن في العقد.

الفصل التاسع: الـربـا

وهو قسمان:
الأول: ما يكون في المعاملة.
الثاني: ما يكون في القرض ويأتي حكمه في كتاب القرض إن شاء اللّه تعالى.
أما الأول: فهو بيع أحد المثلين بالآخر مع زيادة عينية في أحدهما كبيع مئة كيلو من الحنطة بمئة وعشرين منها، أو خمسين كيلو من الحنطة بخمسين كيلو حنطة ودينار، أو زيادة حكمية كبيع عشرين كيلو من الحنطة نقداً بعشرين كيلو من الحنطة نسيئة، وهل يختص تحريمه بالبيع أو يجري في غيره من المعاوضات؟ قولان، والأحوط جريانه فيما كانت المعاوضة فيه بين العينين، مثل أن يقول: صالحتك على أن تكون هذه العشرة التي لك بهذه الخمسة التي لي، نعم لا بأس بالمصالحة فيهما مع احتمال الزيادة أما إذا لم تكن المعاوضة بين العينين كأن يقول: صالحتك على أن تهب لي تلك العشرة وأهب لك هذه الخمسة، أو يقول: برأتك عن الخمسة التي لي عليك بشرط أن تبرئني عن العشرة التي لك علي ونحوهما فالظاهر الصحة.
يشترط في تحقق الربا في المعاملة أمران:
الأول: اتحاد الجنس والذات عرفاً وإن اختلفت الصفات، فلا يجوز بيع مئة كيلو من الحنطة الجيدة بمئة وخمسين كيلو من الرديئة ولا بيع عشرين كيلو من الأرز الجيد كالعنبر بأربعين كيلو منه أو من الرديء كالحويزاوي، أما إذا اختلفت الذات فلا بأس كبيع مئة وخمسين كيلو من الحنطة بمئة كيلو من الأرز.
الثاني: أن يكون كل من العوضين من المكيل أو الموزون، فإن كانا مما يباع بالعد كالبيض والجوز فلا بأس فيجوز بيع بيضة ببيضتين وجوزة بجوزتين.
(مسألة 204): المعاملة الربوية باطلة مطلقاً من دون بين العالم والجاهل سواء أكان الجهل جهلاً بالحكم أم كان جهلاً بالموضوع وعليه فيجب على كل من المتعاملين رد ما أخذه إلى مالكه على ما تقدم في المسألة (57) نعم لو كانت المعاملة ربويةً بشرط لا يرجع إلى خصوصية في العوضين أو أدائهما كما لو باع عشرين كيلو من الحنطة الجيدة بعشرين كيلو من الحنطة الرديئة بشرط خياطة المشتري لثوب البايع وقبل المشتري فالبيع حينئذ صحيح و الشرط فاسد.

(مسألة 205): الحنطة والشعير في الربا جنس واحد فلا يباع مئة كيلو من الحنطة بمئتي كيلو من الشعير وإن كانا في باب الزكاة جنسين، فلا يضم أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب، فلو كان عنده نصف نصاب حنطة ونصف نصاب شعير لم تجب فيهما الزكاة.

(مسألة 206): الظاهر أن العلس ليس من جنس الحنطة، والسلت ليس من جنس الشعير.

(مسألة 207): اللحوم والألبان والأدهان تختلف باختلاف الحيوان فيجوز بيع كيلو من لحم الغنم بكيلوين من لحم البقر وكذا الحكم في لبن الغنم ولبن البقر فإنه يجوز بيعهما مع التفاضل.

(مسألة 208): التمر بأنواعه جنس واحد والحبوب كل واحد منها جنس فالحنطة والأرز والماش والذرة والعدس وغيرها كل واحد جنس. والفلزات من الذهب والفضة والصفر والحديد والرصاص وغيرها كل واحد منها جنس برأسه.

(مسألة 209): الضأن والمعز جنس واحد والبقر والجاموس جنس واحد والإبل العراب والبخاتي جنس واحد، والطيور كل صنف يختص باسم فهو جنس واحد في مقابل غيره، فالعصفور غير الحمام وكل ما يختص باسم من الحمام جنس في مقابل غيره فالفاختة والحمام المتعارف جنسان والسمك جنس واحد على قول وأجناس على قول آخر وهو أقوى.

(مسألة 210): الوحشي من كل حيوان مخالف للأهلي فالبقر الأهلي يخالف الوحشي فيجوز التفاضل بين لحميهما، وكذا الحمار الأهلي والوحشي، والغنم الأهلي والوحشي.

(مسألة 211): كل أصل مع ما يتفرع عنه جنس واحد وكذا الفروع بعضها مع بعض كالحنطة والدقيق والخبز، وكالحليب واللبن والجبن والزبد والسمن، وكالبسر والرطب والتمر والدبس.

(مسألة 212): إذا كان الشيء مما يكال أو يوزن وكان فرعه لا يكال ولا يوزن جاز بيعه مع أصله بالتفاضل كالصوف الذي هو من الموزون والثياب المنسوجة منه التي ليست منه فإنه يجوز بيعها به مع التفاضل وكذلك القطن والكتان والثياب المنسوجة منهما.

(مسألة 213): إذا كان الشيء في حال موزوناً أو مكيلاً وفي حال اُخرى ليس كذلك لم يجز بيعه بمثله متفاضلاً في الحال الاُولى وجاز في الحال الثانية.

(مسألة 214): لا بأس ببيع لحم حيوان بحيوان حي من غير جنسه كبيع لحم الغنم ببقر، والأحوط عدم جواز بيع لحم حيوان بحيوان حي بجنسه كبيع لحم الغنم بغنم وإن كان الأظهر الجواز فيه أيضاً.

(مسألة 215): إذا كان للشيء حالتان حالة رطوبة وحالة جفاف كالرطب يصير تمراً والعنب يصير زبيباً والخبز اللين يكون يابساً يجوز بيعه جافاً بجاف منه ورطباً برطب منه متماثلاً ولا يجوز متفاضلاً، وأما بيع الرطب منه بالجاف متماثلاً ففيه إشكال والأظهر الجواز على كراهة ولا يجوز بيعه متفاضلاً حتى بمقدار الزيادة بحيث إذا جف يساوي الجاف.

(مسألة 216): إذا كان الشيء يباع جزافاً في بلد ومكيلاً أو موزوناً في آخر فلكل بلد حكمه وجاز بيعه متفاضلاً في الأول ولا يجوز في الثاني وأما إذا كان مكيلاً أو موزوناً في غالب البلاد فالأحوط لزوماً أن لا يباع متفاضلاً مطلقاً.

(مسألة 217): يتخلص من الربا بضم غير الجنس إلى الطرف الناقص بأن يبيع مئة كيلو من الحنطة ودرهماً بمئتي كيلو من الحنطة، وبضم غير الجنس إلى كل من الطرفين ولو مع التفاضل فيهما كما لو باع درهمين ومئتي كيلو من الحنطة بدرهم ومئة كيلو منها.

(مسألة 218): المشهور على أنه لا ربا بين الوالد وولده فيجوز لكل منهما بيع الآخر مع التفاضل وكذا بين الرجل وزوجته وبين المسلم والحربي إذا أخذ المسلم الزيادة ولكنه مشكل والأحوط وجوباً تركه نعم يجوز أخذ الربا من الحربي بعد وقوع المعاملة من باب الاستنقاذ.

(مسألة 219): الأظهر عدم جواز الربا بين المسلم والذمي ولكنه بعد وقوع المعاملة يجوز أخذ الربا منه من جهة قاعدة الإلزام.

(مسألة 220): الأوراق النقدية لما لم تكن من المكيل والموزون لا يجري فيها الربا فيجوز التفاضل في البيع بها لكن إذا لم تكن المعاملة شخصية لابد في صحة المعاملة من امتياز الثمن عن المثمن كبيع الدينار العراقي في الذمة بالدينار الكويتي أو بالريال الإيراني مثلاً، ولا يجوز بيع الدينار العراقي بمثله في الذمة، نعم إن تنزيل الأوراق لا بأس به مطلقاً.

(مسألة 221): ما يتعارف في زماننا من إعطاء سند بمبلغ من الأوراق النقدية من دون أن يكون في ذمته شيء فيأخذه آخر فينزله عند شخص ثالث بأقل منه فالظاهر عدم جواز ذلك نعم لا بأس به في المصارف غير الأهلية بجعل ذلك وسيلة إلى أخذ مجهول المالك والتصرف فيه بعد إصلاحه بمراجعة الحاكم الشرعي.

الفصل العاشر: بيع الصرف

وهو بيع الذهب أو الفضة، بالذهب أو الفضة ولا فرق بين المسكوك منهما وغيره.
(مسألة 222): يشترط في صحة بيع الصرف التقابض قبل الافتراق فلو لم يتقابضا حتى افترقا بطل البيع ولو تقابضا في بعض المبيع صح فيه وبطل في غيره.

(مسألة 223): لو باع النقد مع غيره بنقد صفقة واحدة ولم يتقابضا حتى افترقا صح في غير النقد وبطل في النقد.

(مسألة 224): لو فارقا المجلس مصطحبين وتقابضا قبل الافتراق صح البيع.

(مسألة 225): لا يشترط التقابض في الصلح الجاري في النقدين بل تختص شرطيته بالبيع.

(مسألة 226): لا يجري حكم الصرف على الأوراق النقدية كالدينار العراقي والنوط الهندي والتومان الإيراني والدولار والباون ونحوها من الأوراق المستعملة في هذه الأزمنة استعمال النقدين فيصح بيع بعضها ببعض وإن لم يتحقق التقابض قبل الافتراق كما أنه لا زكاة فيها.

(مسألة 227): إذا كان له في ذمة غيره دين من أحد النقدين فباعه عليه بنقد آخر وقبض الثمن قبل التفرق صح البيع ولا حاجة إلى قبض المشتري ما في ذمته.

(مسألة 228): لو كان له دين على زيد فباعه على عمرو بنقد وقبضه من عمرو ووكل عمرو زيداً على قبض ما في ذمته ففي صحته بمجرد التوكيل إشكال بل لا يبعد عدم الصحة حتى يقبضه زيد ويعينه في مصداق بعينه.

(مسألة 229): إذا اشترى منه دراهم معينة بنقد ثم باعها عليه أو على غيره قبل قبضها لم يصح البيع الثاني فإذا قبض الدراهم بعد ذلك قبل التفرق صح البيع الأول فإن أجاز البيع الثاني وأقبضه صح البيع الثاني أيضاً وإذا لم يقبضها حتى افترقا بطل البيع الأول والثاني.

(مسألة 230): إذا كان له دراهم في ذمة غيره فقال له حوّلها دنانير في ذمتك فقبل المديون صح ذلك وتحول ما في الذمة إلى دنانير وإن لم يتقابضا، وكذا لو كان له دنانير في ذمته فقال له حوّلها دراهم وقبل المديون فإنه يصح وتتحول الدنانير إلى دراهم، وكذلك الحكم في الأوراق النقدية إذا كانت في الذمة فيجوز تحويلها من جنس إلى آخر.

(مسألة 231): لا يجب على المتعاملين بالصرف إقباض المبيع أو الثمن حتى لو قبض أحدهما لم يجب عليه إقباض صاحبه ولو كان للمبيع أو الثمن نماء قبل القبض كان لمن انتقل عنه لا لمن انتقل إليه.

(مسألة 232): الدراهم والدنانير المغشوشة إن كانت رائجة في المعاملة بها يجوز خرجها وإنفاقها والمعاملة بها سواء أكان غشها مجهولاً أم معلوماً، وسواء أكان مقدار الغش معلوماً أم مجهولاً وإن لم تكن رائجة فلا يجوز خرجها وإنفاقها والمعاملة بها إلاّ بعد إظهار حالها.

(مسألة 233): يجوز صرف المسكوكات من النحاس وأمثاله إلى أبعاضها ولو مع التفاضل بين الأصل وأبعاضه كما هو الغالب نعم لا يجوز ذلك في المسكوكات الذهبية والفضية فإنها من الموزون فلا يجوز تصريفها إلى أبعاضها مع التفاضل إلاّ مع الضميمة. نعم، قد يكون صرف بعض المسكوكات من الفضة المغشوشة باعتبار سكتها من غير نظر إلى وزنها فيجري عليها ما تقدم في المسكوكات النحاسية.

(مسألة 234): يكفي في الضميمة التي يتخلص بها عن الربا الغش الذي يكون في الذهب والفضة المغشوشين إذا كان الغش غير مستهلك وكانت له قيمة في حال كونه غشاً ولا يكفي أن تكون له قيمة على تقدير التصفية فإذا كان الطرفان مغشوشين كذلك صح مع التفاضل، وإذا كان أحدهما مغشوشاً دون الآخر جاز التفاضل إذا كانت الزيادة في الخالص ولا يصح إذا كانت الزيادة في المغشوش.

(مسألة 235): الآلات المحلاة بالذهب يجوز بيعها بالذهب إذا كان أكثر من الذهب المحلّى به وإلاّ لم يجز، نعم لو بيع السيف بالسيف وكان كل منهما محلّى جاز مطلقاً وإن كانت الحلية في أحدهما أكثر من الحلية في الآخر.

(مسألة 236): الكلبتون المصنوع من الفضة يجوز بيعه بالفضة إذاكانت أكثر منه وزناً أو مساوية له والمصنوع من الذهب يجوز بيعه بالذهب إذا كان أكثر منه وزناً أو مساوياً له.

(مسألة 237): إذا اشترى فضة معينة بفضة أو بذهب وقبضها قبل التفرق فوجدها جنساً آخر رصاصا أو نحاسا أو غيرهما بطل البيع وليس له المطالبة بالإبدال، ولو وجد بعضها كذلك بطل البيع فيه وصح في الباقي وله حينئذ رد الكل لتبعض الصفقة، وإن وجدها فضة معيبة كان بالخيار فله الرد والمطالبة بالأرش مع عدم التمكن من الرد ولا فرق بين كون الثمن من جنس المبيع وغيره، وكون أخذ الأرش قبل التفرق وبعده.

(مسألة 238): إذا اشترى فضة في الذمة بفضة أو بذهب وبعد القبض وجدها جنساً آخر رصاصاً أو نحاساً أو غيرهما، فإن كان قبل التفرق جاز للبائع إبدالها فإذا قبض البدل قبل التفرق صح البيع، وإن وجدها جنساً آخر بعد التفرق بطل البيع، ولا يكفي الإبدال في صحته، وإذا وجدها فضة معيبة فالأقوى أن المشتري مخير بين رد المقبوض وإبداله والرضا به من دون أرش، وليس له فسخ العقد من أصله، ولا فرق بين كون الثمن من جنس المبيع وغيره ولا بين كون ظهور العيب قبل التفرق وبعده.

(مسألة 239): لا يجوز أن يشتري من الصائغ أو غيره خاتماً أو غيره من المصوغات من الفضة أو الذهب بجنسه مع زيادة بملاحظة اُجرة الصياغة بل إما أن يشتريه بغير جنسه أو بأقل من مقداره من جنسه مع الضميمة ليتخلص من الربا.

(مسألة 240): لو كان له على زيد نقود كالليرات الذهبية وأخذ منه شيئاً من المسكوكات الفضية كالروبيات فإن كان الأخذ بعنوان الاستيفاء ينقص من الليرات في كل زمان أخذ فيه بمقدار ما أخذ بسعر ذلك الزمان فإذا كان الدين خمس ليرات وأخذ منه في الشهر الأول عشر روبيات وفي الثاني عشراً، وفي الثالث عشراً وكان سعر الليرة في الشهر الأول خمس عشرة روبية، وفي الثاني اثنتي عشرة روبية، وفي الثالث عشر روبيات نقص من الليرات ثلثا ليرة في الشهر الأول وخمسة أسداسها في الثاني وليرة تامة في الثالث، وإن كان الأخذ بعنوان القرض كان ما أخذه ديناً عليه لزيد وبقي دين زيد عليه وفي جواز احتساب أحدهما دينه وفاءً عن الآخر إشكال، إلاّ في صورة امتناع الآخر عن أداء دينه الحال، وتجوز المصالحة بينهما على إبراء كل منهما صاحبه مما له عليه.

(مسألة 241): إذا أقرض زيداً نقداً معيناً من الذهب أو الفضة أو أصدق زوجته مهراً كذلك أو جعله ثمناً في الذمة مؤجلاً أو حالاً فتغير السعر لزمه النقد المعين ولا اعتبار بالقيمة وقت اشتغال الذمة.

(مسألة 242): لا يجوز بيع درهم بدرهم بشرط صياغة خاتم مثلاً، ويجوز أن يقول له: صغ لي هذا الخاتم وأبيعك درهماً بدرهم على أن يكون البيع جعلاً لصياغة الخاتم كما يجوز أن يشتري منه مثقال فضة مصوغاً خاتماً بمثقال غير مصوغ.

(مسألة 243): لو باع عشر روبيات بليرة ذهبية إلاّ عشرين فلساً صح بشرط أن يعلما على الأحوط مقدار نسبة العشرين فلساً إلى الليرة.

(مسألة 244): المصوغ من الذهب والفضة معاً لا يجوز بيعه بأحدهما بلا زيادة، بل إما أن يباع بأحدهما مع الزيادة أو يباع بهما معاً أو بجنس آخر غيرهما.

(مسألة 245): الظاهر أن ما يقع في التراب عادة من أجزاء الذهب والفضة ويجتمع فيه عند الصائغ ـ وقد جرت العادة على عدم مطالبة المالك بها ـ ملك للصائغ نفسه والأحوط ـ استحبابا ـ أن يتصدق به عن مالكه مع الجهل به والاستيذان منه مع معرفته، ويطرد الحكم المذكور في الخياطين والنجارين والحدادين ونحوهم فيما يجتمع عندهم من الأجزاء المنفصلة من أجزاء الثياب والخشب والحديد ولا يضمنون شيئاً من ذلك وإن كانت له مالية عند العرف إذا كان المتعارف في عملهم انفصال تلك الأجزاء.