|
كتاب الشفعة
إذا باع أحد الشريكين حصته على ثالث كان لشريكه أخذ المبيع بالثمن المجعول له في البيع ويسمى هذا الحق بالشفعة.
فصل في ما تثبت فيه الشفعة
(مسألة 316): تثبت الشفعة في بيع ما لا ينقل إذا كان يقبل القسمة كالأرضين والدور والبساتين بلا إشكال وهل تثبت فيما ينقل كالآلات والثياب والحيوان وفيما لا ينقل إذا لم يقبل القسمة؟ قولان: أقواهما الأول فيما عدا السفينة والنهر والطريق والحمام والرحى فإنه لا تثبت فيها الشفعة.
(مسألة 317): لا تثبت الشفعة بالجوار فإذا باع أحد داره فليس لجاره الأخذ بالشفعة.
(مسألة 318): إذا كانت داران مختصة كل واحدة منهما بشخص وكانا مشتركين في طريقهما فبيعت إحدى الدارين مع الحصة المشاعة من الطريق تثبت الشفعة لصاحب الدار الاُخرى سواء أكانت الداران قبل ذلك مشتركتين وقسمتا أم لم تكونا كذلك.
(مسألة 319): يجري هذا الحكم في الدور المختصة كل واحدة منها بواحد مع الاشتراك في الطريق فإذا بيعت واحدة منها مع الحصة من الطريق ثبتت الشفعة للباقين.
(مسألة 320): إذا بيعت إحدى الدارين بلا ضم حصة الطريق إليها لم تثبت الشفعة للشريك في الطريق.
(مسألة 321): إذا بيعت الحصة من الطريق وحدها تثبت الشفعة للشريك هذا إذا كان قابلاً للقسمة كالساحة كما في الحديث وإلاّ فلا تثبت الشفعة فيه كسائر الطرق.
(مسألة 322): هل يختص الحكم المذكور بالدار أو يعم غيرها من الأملاك المفروزة المشتركة في الطريق؟ وجهان، والمشهور هو الثاني ولكنه لا يخلو من إشكال.
(مسألة 323): ألحق جماعة بالطريق النهر، والساقية، والبئر فإذا كانت الداران المختصة كل منهما بشخص مشتركتين في نهر أو ساقية أو بئر فبيعت إحداهما مع الحصة من النهر أو الساقية أو البئر كان لصاحب الدار الاُخرى الشفعة في الدار أيضاً وفيه إشكال بل منع.
(مسألة 324): إذا بيع المقسوم منضماً إلى حصة من المشاع صفقة واحدة كان للشريك في المشاع الأخذ بالشفعة في الحصة المشاعة بما يخصها من الثمن بعد توزيعه وليس له الأخذ في المقسوم.
(مسألة 325): تختص الشفعة في غير المساكن والأرضين بالبيع فإذا انتقل الجزء المشاع بالهبة المعوضة أو الصلح أو غيرهما فلا شفعة للشريك وأما المساكن والأرضين فاختصاص الشفعة فيها بالبيع محل إشكال.
(مسألة 326): إذا كانت العين بعضها ملكاً وبعضهاً وقفاً فبيع الملك لم يكن للموقوف عليهم الشفعة على الأقوى وإن كان الموقوف عليه واحداً.
(مسألة 327): إذا بيع الوقف في مورد يجوز بيعه ففي ثبوت الشفعة للشريك قولان أقربهما ذلك.
(مسألة 328): يشترط في ثبوت الشفعة أن تكون العين المبيعة مشتركة بين اثنين فإذا كانت مشتركة بين ثلاثة فما زاد وباع أحدهم لم تكن لأحدهم شفعة. وإذا باعوا جميعاً إلاّ واحداً منهم ففي ثبوت الشفعة له إشكال بل منع.
(مسألة 329): إذاكانت العين بين شريكين فباع أحدهما بعض حصته ثبتت الشفعة للآخر.
فصل في الشفيع
(مسألة 330): يعتبر في الشفيع الإسلام إذا كان المشتري مسلماً فلا شفعة للكافر على المسلم وإن اشترى من كافر وتثبت للمسلم على الكافر وللكافر على مثله.
(مسألة 331): يشترط في الشفيع أن يكون قادراً على أداء الثمن فلا تثبت للعاجز عنه وإن بذل الرهن أو وجد له ضامن إلاّ أن يرضى المشتري بذلك. نعم إذا ادعى غيبة الثمن أجل ثلاثة أيام وإذا ادعى أن الثمن في بلد آخر اُجل بمقدار وصول المال إليه وزيادة ثلاثة أيام، فإن إنتهى الأجل فلا شفعة ويكفي في الثلاثة أيام التلفيق كما أن مبدأها زمان الأخذ بالشفعة لا زمان البيع.
(مسألة 332): إذا كان التأجيل إلى زمان نقل الثمن من البلد الآخر حيث يدعي وجوده فيه زائداً على المقدار المتعارف فالظاهر سقوط الشفعة.
(مسألة 333): إذا كان الشريك غائباً عن بلد البيع وقت البيع جاز له الأخذ بالشفعة إذا حضر البلد وعلم بالبيع وإن كانت الغيبة طويلة.
(مسألة 334): إذا كان له وكيل مطلق في البلد أو في خصوص الأخذ بالشفعة جاز لذلك الوكيل الأخذ بالشفعة عنه.
(مسألة 335): تثبت الشفعة للشريك وإن كان سفيهاً أو صبياً أو مجنوناً فيأخذ لهم الولي بها بل إذا أخذ السفيه بها بإذن الولي صح وكذا الصبي على احتمال قوي.
(مسألة 336): تثبت الشفعة للمفلس إذا رضي المشتري ببقاء الثمن في ذمته أو استدان الثمن من غيره أو دفعه من ماله بإذن الغرماء.
(مسألة 337): إذا أسقط الولي عن الصبي أو المجنون أو السفيه حق الشفعة لم يكن لهم المطالبة بها بعد البلوغ والرشد والعقل. وكذا إذا لم يكن الأخذ بها مصلحة فلم يطالب. أما إذا ترك المطالبة بها مساهلة منه في حقهم فالظاهر أن لهم المطالبة بها بعد البلوغ والرشد.
(مسألة 338): إذا كان المبيع مشتركاً بين الولي والمولى عليه فباع الولي عنه جاز له أن يأخذ بالشفعة على الأقوى.
(مسألة 339): إذا باع الولي عن نفسه فإنه يجوز له أن يأخذ بالشفعة للمولى عليه وكذا الحكم في الوكيل إذا كان شريكاً مع الموكل.
فصل في الأخذ بالشفعة
(مسألة 340): الأخذ بالشفعة من الإنشائيات المعتبر فيها الإيقاع ويكون بالقول مثل أن يقول: أخذت المبيع المذكور بثمنه، وبالفعل مثل أن يدفع الثمن ويستقل بالمبيع.
(مسألة 341): لا يجوز للشفيع أخذ بعض المبيع وترك بعضه بل إما أن يأخذ الجميع أو يدع الجميع.
(مسألة 342): الشفيع يأخذ بقدر الثمن إذا كان مثلياً لا بأكثر منه ولا بأقل سواء أكانت قيمة المبيع السوقية مساوية للثمن أم زائدة أم ناقصة.
(مسألة 343): في ثبوت الشفعة في الثمن القيمي بأن يأخذ المبيع بقيمته قولان أقواهما العدم.
(مسألة 344): إذا غرم المشتري شيئاً من اُجرة الدلال أو غيرها أو تبرع به للبائع من خلعة ونحوها لم يلزم الشفيع تداركه.
(مسألة 345): إذا حطّ البائع شيئاً من الثمن للمشتري لم يكن للشفيع تنقيصه.
(مسألة 346): الأقوى لزوم المبادرة إلى الأخذ بالشفعة فيسقط مع المماطلة والتأخير بلا عذر ولا يسقط إذا كان التأخير عن عذر كجهله بالبيع أو جهله باستحقاق الشفعة، أو توهمه كثرة الثمن فبان قليلاً، أو كون المشتري زيداً فبان عمراً، أو أنه اشتراه لنفسه فبان لغيره أو العكس أو أنه واحد فبان اثنين أو العكس، أو أن المبيع النصف بمئة فتبين أنه الربع بخمسين أو كون الثمن ذهباً فبان فضة، أو لكونه محبوساً ظلماً أو بحق يعجز عن أدائه، وكذا أمثال ذلك من الأعذار.
(مسألة 347): المبادرة اللازمة في استحقاق الأخذ بالشفعة يراد منها المبادرة على النحو المتعارف الذي جرت به العادة فإذا كان مشغولاً بعبادة واجبة أو مندوبة لم يجب عليه قطعها.
(مسألة 348): إذا كان مشغولاً بأكل أو شرب لم يجب قطعه ولا يجب عليه الإسراع في المشي.
(مسألة 349): يجوز له إن كان غائباً انتظار الرفقة إذا كان الطريق مخوفاً، أو انتظار زوال الحر أو البرد إذا جرت العادة بانتظاره، وقضاء وطره من الحمام إذا علم بالبيع وهو في الحمام، وأمثال ذلك مما جرت العادة بفعله لمثله، نعم يشكل مثل عيادة المريض وتشييع المؤمن ونحو ذلك إذا لم يكن تركه موجباً للطعن فيه وكذا الاشتغال بالنوافل ابتداء والأظهر السقوط في كل مورد صدقت فيه المماطلة عرفاً.
(مسألة 350): إذا كان غائباً عن بلد البيع وعلم بوقوعه وكان يتمكن من الأخذ بالشفعة بالتوكيل فلم يبادر إليه سقطت الشفعة.
(مسألة 351): لابد في الأخذ بالشفعة من إحضار الثمن ولا يكفي قول الشفيع أخذت بالشفعة في انتقال المبيع إليه فإذا قال ذلك وهرب أو ماطل أو عجز عن دفع الثمن بقي المبيع على ملك المشتري لا أنه ينتقل بالقول إلى ملك الشفيع وبالعجز أو الهرب أو المماطلة يرجع إلى ملك المشتري.
(مسألة 352): إذا باع المشتري قبل أخذ الشفيع بالشفعة لم تسقط بل جاز للشفيع الأخذ من المشتري الأول بالثمن الأول فيبطل الثاني وتجزي الإجازة منه في صحته له، وله الأخذ من المشتري الثاني بثمنه فيصح البيع الأول.
(مسألة 353): إذا زادت العقود على اثنين فإن أخذ بالسابق بطل اللاحق ويصح مع اجازته، وإن أخذ باللاحق صح السابق، وإن أخذ بالمتوسط صح ما قبله وبطل ما بعده ويصح مع إجازته.
(مسألة 354): إذا تصرف المشتري في المبيع بوقف أو هبة لازمة أو غير لازمة أو بجعله صداقاً أو غير ذلك مما لا شفعة فيه كان للشفيع الأخذ بالشفعة بالنسبة إلى البيع فتبطل التصرفات اللاحقة له.
(مسألة 355): الشفعة من الحقوق فتسقط بالإسقاط ويجوز تعويض المال بإزاء إسقاطها وبإزاء عدم الأخذ بها لكن على الأول لا يسقط إلاّ بالإسقاط فإذا لم يسقطه وأخذ بالشفعة صح وكان آثماً ومعطى العوض مخير بين الفسخ ومطالبة العوض وأن يطالبه باُجرة المثل للإسقاط والظاهر صحة الأخذ بالشفعة على الثاني أيضاً. ويصح الصلح عليه نفسه فيسقط بذلك.
(مسألة 356): الظاهر أنه لا إشكال في أن حق الشفعة لا يقبل الانتقال إلى غير الشفيع.
(مسألة 357): إذا باع الشريك نصيبه قبل الأخذ بالشفعة فالظاهر سقوطها خصوصاً إذا كان بيعه بعد علمه بالشفعة.
(مسألة 358): المشهور اعتبار العلم بالثمن في جواز الأخذ بالشفعة فإذا أخذ بها وكان جاهلاً به لم يصح لكن الصحة لا تخلو من وجه.
(مسألة 359): إذا تلف تمام المبيع قبل الأخذ بالشفعة سقطت.
(مسألة 360): إذا تلف بعضه دون بعض لم تسقط وجاز له أخذ الباقي بتمام الثمن من دون ضمان على المشتري.
(مسألة 361): إذا كان التلف بعد الأخذ بالشفعة فإن كان التلف بفعل المشتري ضمنه.
(مسألة 362): إذا كان التلف بغير فعل المشتري ضمنه المشتري أيضاً فيما إذا كان التلف بعد المطالبة ومسامحة المشتري في الإقباض.
(مسألة 363): في انتقال الشفعة إلى الوارث إشكال وعلى تقدير الانتقال ليس لبعض الورثة الأخذ بها ما لم يوافقه الباقون.
(مسألة 364): إذا أسقط الشفيع حقه قبل البيع لم يسقط، وكذا إذا شهد على البيع أو بارك للمشتري إلاّ أن تقوم القرينة على إرادة الإسقاط بذلك بعد البيع.
(مسألة 365): إذا كانت العين مشتركة بين حاضر وغائب وكانت حصة الغائب بيد ثالث فباعها بدعوى الوكالة عن الغائب جاز الشراء منه والتصرف فيه، وهل يجوز للشريك الحاضر الأخذ بالشفعة بعد إطلاعه على البيع؟ إشكال، وإن كان الجواز أقرب فإذا حضر الغائب وصدق فهو، وإن أنكر كان القول قوله بيمينه فإذا حلف انتزع الحصة من يد الشفيع وكان له عليه الاُجرة إن كانت ذات منفعة مستوفاة بل مطلقاً فإن دفعها إلى المالك رجع بها على مدعي الوكالة.
(مسألة 366): إذا كان الثمن مؤجلاً جاز للشفيع الأخذ بالشفعة بالثمن المؤجل والظاهر جواز إلزامه بالكفيل، ويجوز أيضاً الأخذ بالثمن حالاً إن رضي المشتري به أو كان شرط التأجيل للمشتري على البائع.
(مسألة 367): الشفعة لا تسقط بالإقالة فإذا تقايلا جاز للشفيع الأخذ بالشفعة فينكشف بطلان الإقالة فيكون نماء المبيع بعدها للمشتري ونماء الثمن للبائع كما كان الحال قبلها كذلك.
(مسألة 368): إذا كان للبائع خيار رد العين فالظاهر أن الشفعة لا تسقط به لكن البائع إذا فسخ يرجع المبيع إليه بل الظاهر ثبوت سائر الخيارات أيضاً ومع الفسخ يرجع المبيع إلى البائع.
(مسألة 369): إذا كانت العين معيبة فإن علمه المشتري فلا خيار له ولا أرش فإذا أخذ الشفيع بالشفعة فإن كان عالماً به فلا شيء له وإن كان جاهلاً كان له الخيار في الرد وليس له اختيار الأرش، وإذا كان المشتري جاهلاً كان له الأرش ولا خيار له في الرد فإذا أخذ الشفيع بالشفعة كان له الرد فإن لم يكن الرد لم يبعد رجوعه على المشتري بالأرش حتى إذا كان قد أسقطه عن البائع.
(مسألة 370): إذا اتفق اطلاع المشتري على العيب بعد أخذ الشفيع فالظاهر أن له أخذ الأرش وعليه دفعه إلى الشفيع، وإذا اطلع الشفيع عليه دون المشتري فليس له مطالبة البائع بالأرش ولا يبعد جواز مطالبة المشتري به إن لم يمكن الرد.
|
|