فصل وفيه مسائل في أحكام التلف

(مسألة 418): العين المستأجرة أمانة في يد المستأجر لا يضمنها إذا تلفت أو تعيبت إلاّ بالتعدي أو التفريط، وإذا اشترط المؤجر ضمانها بمعنى أداء قيمتها أو أرش عيبها صح، وأما بمعنى اشتغال الذمة بمثلها أو قيمتها فالظاهر عدم صحة اشتراطه كما أن الظاهر أنه لا ضمان في الإجارة الباطلة إذا تلفت العين أو تعيبت.

(مسألة 419): العين التي للمستأجر بيد الأجير الذي آجر نفسه على عمل فيها كالثوب الذي أخذه ليخيطه لا يضمن تلفه أو نقصه إلاّ بالتعدي أو التفريط.

(مسألة 420): إذا اشترط المستأجر ضمان العين على الأجير بمعنى أداء قيمتها أو أرش عيبها صح الشرط.

(مسألة 421): إذا تلف محل العمل في الإجارة أو أتلفه الأجنبي قبل العمل أو في الأثناء قبل مضي زمان يمكن فيه إتمام العمل بطلت الإجارة ورجعت الاُجرة كلاً أو بعضاً إلى المستأجر.

(مسألة 422): إذا أتلفه المستأجر كان إتلافه بمنزلة قبضه فيستحق الأجير عليه تمام الاُجرة.

(مسألة 423): إذا أتلفه الأجير كان المستأجر مخيراً بين فسخ العقد وإمضائه فإن أمضى جاز له مطالبة الأجير بقيمة العمل الفائت.

(مسألة 424): المدار في القيمة على زمان الضمان.

(مسألة 425): كل من آجر نفسه لعمل في مال غيره إذا أفسد ذلك المال ضمن كالحجام إذا جنى في حجامته. والختان في ختانه، وهكذا الخياط والنجار والحداد إذا أفسدوا. هذا إذا تجاوز الحد المأذون فيه أما إذا لم يتجاوز ففي الضمان إشكال وإن كان الأظهر العدم، وكذا الطبيب المباشر للعلاج بنفسه إذا أفسد فهو ضامن، وأما إذا كان واصفاً فالأظهر عدم الضمان.

(مسألة 426): إذا تبرأ الطبيب من الضمان وقبل المريض أو وليه بذلك ولم يقصر في الاجتهاد فإنه يبرأ من الضمان بالتلف وإن كان مباشراً للعلاج.

(مسألة 427): إذا عثر الحمال فسقط ما كان على رأسه أو ظهره فانكسر ضمنه مع التفريط في مشيه ولا يضمنه مع عدمه ولكنه يضمن إذا عثر فوقع ما على رأسه على إناء غيره فكسره.

(مسألة 428): إذا قال للخياط: إن كان هذا القماش يكفيني قميصاً فاقطعه فقطعه فلم يكفه ضمن، وأما إذا قال له: هل يكفيني قميصاً فقال: نعم، فقال: اقطعه، فقطعه فلم يكفه فالظاهر أنه لا ضمان إذا كان الخياط مخطئاً في اعتقاده.

(مسألة 429): إذا آجر عبده لعمل فأفسده فالأقوى كون الضمان في كسبه فإن لم يفِ فعلى ذمة العبد يتبع به بعد العتق إذا لم يكن جناية على نفس أو طرف، وإلاّ تعلق برقبته وللمولى فداؤه بأقل الأمرين من الأرش والقيمة إن كانت خطأً، وإن كانت عمداً تخير ولي المجني عليه بين قتله واسترقاقه على تفصيل يأتي في محله.

(مسألة 430): إذا آجر دابته لحمل متاع فعثرت فتلف أو نقص فلا ضمان على صاحبها إلاّ إذا كان هو السبب بنخس أو ضرب أو حمل الأجير المتاع زائداً على استعداد دابته مع جهل المستأجر بالحال وإذا كان غيره السبب كان هو الضامن.

(مسألة 431): إذا استأجر سفينة أو دابة لحمل متاع فنقص أو سرق لم يضمن صاحبها ولو شرط عليه أداء قيمة التالف أو أرش النقص صح الشرط ولزم.

(مسألة 432): إذا حمل الدابة المستأجرة أكثرمن المقدار المقرر بينهما بالشرط أو لأجل التعارف فتلفت أو تعيبت ضمن ذلك وعليه اُجرة المثل للزيادة مضافة إلى الاُجرة المسماة، وكذا إذا استأجرها لنقل المتاع مسافة معينة فزاد على ذلك.

(مسألة 433): إذا استأجر دابة لحمل المتاع مسافة معينة فركبها أو بالعكس كفت الاُجرة المسماة فيما كان استعمالها في المنفعة الاُخرى أقل اُجرة أو مساوياً لها ويلزمه أكثر الاُجرتين في غيره، وكذا الحكم في أمثاله مما كانت فيه المنفعة المستوفاة مضادة للمنفعة المقصودة بالإجارة بلا فرق بين الإجارة الواقعة على الأعيان كالدار والدابة، والإجارة الواقعة على الأعمال كما إذا استأجره لكتابة فاستعمله في الخياطة.

(مسألة 434): إذا استأجر العامل للخياطة فاشتغل العامل بالكتابة للمستأجر عمداً أو خطأ لم يستحق على المستأجر شيئاً.

(مسألة 435): إذا آجر دابة لحمل متاع زيد فحملها المالك متاع عمرو لم يستحق اُجرة لا على زيد ولا على عمرو.

(مسألة 436): إذا استأجر دابة معينة من زيد للركوب إلى مكان معين فركب غيرها عمداً أو خطأ لزمته الاُجرة المسماة للاُولى واُجرة المثل للثانية، وإذا اشتبه فركب دابة عمرو لزمته اُجرة المثل لها مضافة إلى الاُجرة المسماة لدابة زيد.

(مسألة 437): إذا استأجر سفينة لحمل الخل المعين مسافة معينة فحملها خمراً مع الخل المعين استحق المالك عليه الاُجرة المسماة واُجرة المثل لحمل الخمر لو فرض أنه كان حلالاً.

(مسألة 438): يجوز لمن استأجر دابة للركوب أو الحمل أن يضربها أو يكبحها باللجام على النحو المتعارف إلاّ مع منع المالك، وإذا تعدى عن المتعارف أو مع منع المالك ضمن نقصها أو تلفها، وفي صورة الجواز لا ضمان للنقص على الأقوى.

(مسألة 439): صاحب الحمّام لا يضمن الثياب أو نحوها لو سرقت إلاّ إذا جعلت عنده وديعة وقد تعدى أو فرط.

(مسألة 440): إذا استؤجر لحفظ متاع فسرق لم يضمن إلاّ مع التقصير في الحفظ والظاهر أن غلبة النوم لا تعد من التقصير، نعم إذا اشترط عليه أداء القيمة إذا سرق المتاع وجب الوفاء به. ولم يستحق اُجرة في الصورتين.

(مسألة 441): إنما يجب تسليم العين المستأجرة إلى المستأجر إذا توقف استيفاء المنفعة على تسليمها كما في إجارة آلات النساجة والنجارة والخياطة أو كان المستأجر قد اشترط ذلك وإلاّ لم يجب، فمن استأجر سفينة للركوب لم يجب على المؤجر تسليمها إليه.

(مسألة 442): يكفي في صحة الإجارة ملك المؤجر المنفعة وإن لم يكن مالكاً للعين، فمن استأجر داراً جاز له أن يؤجرها من غيره وإن لم يكن مالكاً لنفس الدار، فإذا توقف استيفاء المنفعة على تسليمها وجب على المؤجر الثاني تسليمها إلى المستأجر منه وإن لم يأذن له المالك، وإذا لم يتوقف استيفاء المنفعة على التسليم كالسفينة والسيارة لم يجب على المؤجر الأول تسليمها إلى الثاني إلاّ إذا اشترط عليه ذلك. ولا يجوز للمؤجر الثاني تسليمها إلى المستأجر منه وإن اشترط عليه بل الشرط يكون فاسداً، نعم إذا أذن له المالك فلا بأس كما أنه في الصورة السابقة التي يجب فيها تسليم المؤجر الثاني إلى المستأجر منه لا يجوز التسليم إلاّ إذا كان المستأجر منه أميناً فإذا لم يكن أميناً وسلمها إليه كان ضامناً، هذا إذا كانت الإجارة مطلقة، أما إذا كانت مقيدة كما إذا استأجر دابة لركوب نفسه فلا تصح إجارتها من غيره فإذا آجرها من غيره بطلت الإجارة فإذا ركبها المستأجر الثاني وكان عالماً بالفساد كان آثماً ويضمن للمالك اُجرة المثل للمنفعة المستوفاة هذا فيما إذا فسخ المالك إجارته مع المستأجر الأوّل لتخلّف الشرط بدفعه للعين إلى الآخر أو استيفائه للمنفعة وذلك لرجوع التقييد في أمثال المقام إلى الاشتراط وأمّا مع عدم الفسخ فيضمن المستوفي للمستأجر الأول أقل الأمرين من اُجرة المثل والاُجرة المسماة في الإجارة الفاسدة. ولكنه مع الجهل وعلم المؤجر بالحال يرجع إلى المؤجر بما غرمه للمالك.

(مسألة 443): إذا آجر الدابة للركوب واشترط على المستأجر استيفاء المنفعة بنفسه أو أن لا يؤجرها من غيره فآجرها بطلت الإجارة، فإذا استوفى المستأجر منه المنفعة كان ضامناً على ما تقدم.

(مسألة 444): إذا استأجر الدكان مثلاً مدة فانتهت المدة وجب عليه إرجاعه إلى المالك ولا يجوز له إيجاره من ثالث إلاّ بإذن المالك، كما لا يجوز له أخذ مال من ثالث ليمكنه من الدكان المسمى في عرفنا (سر قفلية) إذا لم يشترط له ذلك إلاّ إذا رضي المالك به. وإذا مات المستأجر والحال هذه لم يجز لوارثه أخذ (السرقفلية) إلاّ إذا رضي المالك به فإذا أخذها برضا المالك لم يجب إخراج ثلث للميت إذا كان قد أوصى إلاّ إذا كان رضا المالك مشروطاً بإخراج الثلث.

(مسألة 445): إذا اشترط المستأجر على المالك في عقد الإجارة أو عقد آخر لازم أن يأخذ (السرقفلية) جاز له أخذها فإذا مات كان ذلك موروثاً لوارثه ووجب إخراج ثلثه إذا كان أوصى به، وإذا كان للمستأجر حق في أخذ (السرقفلية) من غيره وإن لم يرض المالك به كان ذلك من أرباح التجارة وجب إخراج خمسه بقيمته وربما زادت القيمة وربما نقصت وربما ساوت ما دفعه.

(مسألة 446): يجوز للمستأجر مع عدم اشتراط المباشرة وما بمعناها أن يؤجر العين المستأجرة بأقل مما استأجرها به وبالمساوي، وكذا بالأكثر منه إذا أحدث فيها حدثاً أو كانت الاُجرة من غير جنس الاُجرة السابقة بل يجوز أيضا مع عدم الشرطين المذكورين عدا البيت والدار والدكان والاُجير فلا يجوز إجارتها بالأكثر حينئذ، والأحوط إلحاق السفينة بها بل الأحوط إلحاق الرحى والأرض أيضاً وإن كان الأقوى فيهما الجواز على كراهة.

(مسألة 447): لا يجوز أن يؤجر بعض أحد هذه الأربعة بل السفينة أيضاً على الأحوط بأكثر من الاُجرة كما إذا استأجر داراً بعشرة دراهم فسكن بعضها وآجر البعض الآخر بأكثر من عشرة دراهم إلاّ أن يحدث فيها حدثاً، وأما إذا آجره بأقل من العشرة فلا إشكال والأقوى الجواز بالعشرة أيضاً.

(مسألة 448): إذا استؤجر على عمل من غير اشتراط المباشرة ولا مع الانصراف إليها يجوز أن يستأجر غيره لذلك العمل بتلك الاُجرة أو الأكثر ولا يجوز بالأقل إلاّ إذا أتى ببعض العمل ولو قليلاً كما إذا تقبل خياطة ثوب بدرهمين ففصله أو خاط منه شيئاً ولو قليلاً فإنه يجوز أن يستأجر غيره على خياطته بدرهم بل لا يبعد الاكتفاء في جواز الاستيجار بالأقل بشراء الخيوط والإبرة.

(مسألة 449): في الموارد التي يتوقف العمل المستأجر عليه على تسليم العين إلى الأجير إذا جاز للأجير أن يستأجر غيره على العمل الذي استؤجر عليه جاز له أن يسلم العين إلى الأجير الثاني نظير ما تقدم في تسليم العين المستأجرة إلى المستأجر الثاني.

(مسألة 450): إذا استؤجر للعمل بنفسه مباشرة ففعله غيره قبل مضي زمان يتمكن فيه الأجير من العمل بطلت الإجارة ولم يستحق العامل ولا الأجير الاُجرة، وكذلك إذا استؤجر على عمل في ذمته لا بقيد المباشرة ففعله غيره لا بقصد التبرع عنه وأما إذا فعله بقصد التبرع عنه كان أداء للعمل المستأجر عليه واستحق الأجير الاُجرة.

(مسألة 451): إجارة الأجير على قسمين: (الأول): أن تكون الإجارة واقعة على منفعته الخارجية من دون اشتغال ذمته بشيء نظير إجارة الدابة والدار ونحوهما من الأعيان المملوكة. (الثاني): أن تكون الإجارة واقعة على عمل في الذمة فيكون العمل المستأجر عليه في ذمته كسائر الديون، فإن كانت على النحو الأول فقد تكون الإجارة على جميع منافعه في مدة معينة، وحينئذ لا يجوز له في تلك المدة العمل لنفسه ولا لغيره لا تبرعاً ولا بإجارة ولا بجعالة، نعم لا بأس ببعض الأعمال التي تنصرف عنها الإجارة ولا تشملها ولا تكون منافية لما شملته كما أنه إذا كان مورد الإجارة أو منصرفها الاشتغال بالنهار مثلاً فلا مانع من الاشتغال ببعض الأعمال في الليل له أو لغيره تبرعاً أو بإجارة أو جعالة إلاّ إذا أدى إلى ضعفه في النهار عن القيام بما استؤجر عليه، فإذا عمل في المدة المضروبة في الإجارة بعض الأعمال المشمولة لها فإن كان العمل لنفسه تخير المستأجر بين فسخ الإجارة واسترجاع تمام الاُجرة وبين إمضاء الإجارة ومطالبته بقيمة العمل الذي عمله لنفسه، وكذا إذا عمل لغيره تبرعاً، نعم يحتمل أن له أيضاً حينئذ مطالبة غيره بقيمة العمل الذي إستوفاه فيتخير بين اُمور ثلاثة ولا يخلو من وجه، وأما إذا عمل لغيره بعنوان الإجارة أو الجعالة فله الخيار بين الأمرين المذكورين أولاً وبين إمضاء الإجارة أو الجعالة وأخذ الاُجرة أو الجعل المسمى فيها ويحتمل قريباً أن له مطالبة غيره على ما عرفت فيتخير بين اُمور أربعة ثم إذا اختار المستأجر فسخ الإجارة الاُولى في جميع الصور المذكورة ورجع بالاُجرة المسماة فيها وكان قد عمل الأجير بعض العمل للمستأجر كان له عليه اُجرة المثل. هذا إذا كانت الإجارة واقعة على جميع منافعه، أما إذا كانت على خصوص عمل بعينه كالخياطة فليس له أن يعمل ذلك العمل لنفسه ولا لغيره لا تبرعاً ولا بإجارة ولا بجعالة فإذا خالف وعمل لنفسه تخير المستأجر بين الأمرين السابقين، وإن عمل لغيره تبرعاً تخير بين الاُمور الثلاثة وإن عمل لغيره بإجارة أو جعالة تخير بين الاُمور الأربعة كما في الصورة السابقة وفي هذه الصورة لا مانع من أن يعمل لنفسه أو لغيره بإجارة أو جعالة غير ذلك العمل إذا لم يكن منافيا له، فإذا آجر نفسه في يوم معين للصوم عن زيد جاز له أن يخيط لنفسه أو لغيره بإجارة أو جعالة وله الأجر أو الجعل المسمى، أما إذا كان منافياً له كما إذا آجر نفسه للخياطة فاشتغل بالكتابة تخير المستأجر بين فسخ الإجارة والمطالبة بقيمة العمل المستأجر عليه الذي فوته على المستأجر، وإذا كانت الإجارة على النحو الثاني الذي يكون العمل المستأجر عليه في الذمة، فتارة تؤخذ المباشرة قيداً على نحو وحدة المطلوب، وتارة على نحو تعدد المطلوب، فإن كان على النحو الأول جاز له كل عمل لا ينافي الوفاء بالإجارة ولا يجوز له ما ينافيه سواء أكان من نوع العمل المستأجر عليه أم من غيره، وإذا عمل ما ينافيه تخير المستأجر بين فسخ الإجارة والمطالبة بقيمة العمل الفائت المستأجر عليه، وإذا آجر نفسه لما ينافيه توقفت صحة الإجارة الثانية على إجازة المستأجر الأول بمعنى رفع يده عن حقه. فإن لم يجز بطلت واستحق الأجير على من عمل له اُجرة المثل، كما أن المستأجر الأول يتخير كما تقدم بين فسخ الإجارة الاُولى والمطالبة بقيمة العمل الفائت وإن أجاز صحت الإجارة الثانية واستحقق الأجير على كل من المستأجر الأول والثاني الاُجرة المسماة في الإجارتين وبرئت ذمته من العمل الذي استؤجر عليه أولاً، وإن كانت الإجارة على نحو تعدد المطلوب فالحكم كذلك، نعم لا يسقط العمل المستأجر عليه عن ذمة الأجير بمجرد الإجازة للإجارة الواقعة على ما ينافيه بل يسقط شرط المباشرة ويجب على الأجير العمل للمستأجر الأول لا بنحو المباشرة والعمل للمستأجر الثاني بنحو المباشرة. لكن فرض تعدد المطلوب في الذميات لا يخلو من شبهة.

فصل وفيه مسائل متفرقة

(مسألة 452): لا تجوز إجارة الأرض للزرع بما يحصل منها كحنطة أو شعير مقداراً معينا كما لا تجوز إجارتها بالحصة من زرعها مشاعة ربعاً أو نصفاً وتجوز إجارتهابالحنطة أو الشعير في الذمة ولو كان من جنس ما يزرع فيها، فضلاً عن إجارتها بغير الحنطة والشعير من الحبوب وإن كان الأحوط تركه.

(مسألة 453): تجوز إجارة حصة مشاعة من أرض معينة كما تجوز إجارة حصة منها على نحو الكلي في المعين.

(مسألة 454): لا تجوز إجارة الأرض مدة طويلة لتوقف مسجداً ولا تترتب آثار المسجد عليها، نعم تجوز إجارتها لتعمل مصلى يصلى فيه أو يتعبد فيه أو نحو ذلك من أنواع الانتفاع ولا تترتب عليها أحكام المسجد.

(مسألة 455): يجوز استيجار الشجرة لفائدة الاستظلال ونحوه كربط الدواب ونشر الثياب، ويجوز استيجار البستان لفائدة التنزه.

(مسألة 456): يجوز استيجار الإنسان للاحتطاب والاحتشاش والاستقاء ونحوها، فإن كانت الإجارة واقعة على المنفعة الخاصة وحدها أو مع غيرها ملك المستأجر العين المحازة وإن قصد الأجير نفسه أو شخصاً آخر غير المستأجر، وإن كانت واقعة على العمل في الذمة فإن قصد الأجير تطبيق العمل المملوك عليه على فعله الخاص بأن كان في مقام الوفاء بعقد الإجارة ملك المستأجر المحاز أيضاً وإن لم يقصد ذلك بل قصد الحيازة لنفسه أو غيره فيما يجوز الحيازة له كان المحاز ملكاً لمن قصد الحيازة له وكان للمستأجر الفسخ والرجوع بالاُجرة المسماة، والإمضاء والرجوع بقيمة العمل المملوك له بالإجارة الذي فوته عليه.

(مسألة 457): يجوز استيجار المرأة للإرضاع بل للرضاع أيضاً بمعنى ارتضاع اللبن وإن لم يكن بفعل منها أصلاً مدة معينة، ولابد من معرفة الصبي الذي استؤجرت لإرضاعه ولو بالوصف على نحو يرتفع الغرر كما لابد من معرفة المرضعة كذلك كما لابد أيضاً من معرفة مكان الرضاع وزمانه إذا كانت تختلف المالية باختلافهما.

(مسألة 458): لا بأس باستيجار الشاة والمرأة مدة معينة للانتفاع بلبنها الذي يتكون فيها بعد الإيجار وكذلك استيجار الشجرة للثمرة والبئر للاستقاء وفي جواز استيجارها للمنافع الموجودة فيها فعلاً من اللبن والثمر والماء إشكال بل المنع أظهر نعم إذا قصد الموجر تمليك الأعيان المزبورة أي اللبن والثمر والماء بعوض تكون المعاملة بيعاً وتصح في الثمر والماء وفي اللبن مع ضميمة لبن آخر إذا لم يعلم وجود مقدار معتد به في الضرع.

(مسألة 459): تجوز الإجارة لكنس المسجد، والمشهد، ونحوهما وإشعال سراجهما ونحو ذلك.

(مسألة 460): لا تجوز الإجارة عن الحي في العبادات الواجبة إلاّ في الحج عن المستطيع العاجز عن المباشرة وكذلك في بعض أعمال الحج والعمرة وتجوز في المستحبات ولكنّ في جوازها فيها على الإطلاق حتى في مثل الصلاة والصيام إشكالاً، ولا بأس بها في فرض الإتيان بها رجاءً.

(مسألة 461): تجوز الإجارة عن الميت في الواجبات والمستحبات وتجوز أيضاً الإجارة على أن يعمل الأجير عن نفسه ويهدي ثواب عمله إلى غيره.

(مسألة 462): إذا أمر غيره بإتيان عمل فعمله المأمور فإن قصد المأمور التبرع لم يستحق اُجرة وإن كان من قصد الآمر دفع الاُجرة، وإن قصد الاُجرة استحقها، وإن كان من قصد الآمر التبرع إلاّ أن تكون قرينة على قصد المجانية كما إذا جرت العادة على فعله مجاناً أو كان المأمور ممن ليس من شأنه فعله باُجرة أو نحو ذلك مما يوجب ظهور الطلب في المجانية.

(مسألة 463): إذا استأجره على الكتابة أو الخياطة فمع إطلاق الإجارة يكون المداد والخيوط على الأجير، وكذا الحكم في جميع الأعمال المتوقفة على بذل عين فإنها لا يجب بذلها على المستأجر إلاّ أن يشترط كونها عليه أو تقوم القرينة على ذلك.

(مسألة 464): يجوز استيجار الشخص للقيام بكل ما يراد منه مما يكون مقدوراً له ويتعارف قيامه به والأقوى أن نفقته حينئذ على نفسه لا على المستأجر إلاّ مع الشرط أو قيام القرينة ولو كانت هي العادة.

(مسألة 465): يجوز أن يستعمل العامل ويأمره بالعمل من دون تعيين اُجرة ولكنه مكروه، ويكون عليه اُجرة المثل لاستيفاء عمل العامل وليس من باب الإجارة.

(مسألة 466): إذا استأجر أرضاً مدة معينة فغرس فيها أو زرع ما يبقى بعد انقضاء تلك المدة فإذا انقضت المدة جاز للمالك أن يأمره بقلعه، وكذا إذا استأجرها لخصوص الزرع أو الغرس وليس له الإبقاء بدون رضا المالك وإن بذل الاُجرة، كما أنه ليس له المطالبة بالأرش إذا نقص بالقلع، وكذلك إذا غرس ما لا يبقى فاتفق بقاؤه لبعض الطوارئ على الأظهر.

(مسألة 467): خراج الأرض المستأجرة ـ إذا كانت خراجية على المالك نعم إذا شرط أن تكون على المستأجر صح على الأقوى.

(مسألة 468): لا بأس بأخذ الاُجرة على ذكر مصيبة سيد الشهداء (عليه السلام) وفضائل أهل البيت (عليهم السلام) والخطب المشتملة على المواعظ ونحو ذلك مما له فائدة عقلائية دينية أو دنيوية.

(مسألة 469): يجوز الاستئجار للنيابة عن الأحياء والأموات في العبادات التي تشرع فيها النيابة دون ما لا تشرع فيه كالواجبات العبادية مثل الصلاة والصيام عن الأحياء، وتجوز عن الأموات. ولا تجوز الإجارة على تعليم الحلال والحرام وتعليم الواجبات مثل الصلاة والصيام وغيرهما مما هو محل الابتلاء على الأحوط وجوباً، بل إذا لم يكن محل الابتلاء فلا يخلو عن إشكال أيضاً. ولا يجوز أخذ الاُجرة على تغسيل الأموات وتكفينهم ودفنهم. نعم الظاهر أنه لا بأس بأخذ الاُجرة على حفر القبر على نحو خاص من طوله وعرضه وعمقه. أما أخذ الاُجرة على مسمى حفر القبر اللازم فلا يجوز ولا تصح الإجارة عليه.

(مسألة 470): إذا بقيت اُصول الزرع في الأرض المستأجرة للزراعة فنبتت فإن أعرض المالك عنها فهي لمن سبق إليها بلا فرق بين مالك الأرض وغيره، نعم لا يجوز الدخول في الأرض إلاّ بإذنه. وإن لم يعرض عنها فهي له.

(مسألة 471): إذا استأجر شخصاً لذبح حيوان فذبحه على غير الوجه الشرعي فصار حراماً ضمن، وكذا لو تبرع بلا إجارة فذبحه كذلك.

(مسألة 472): إذا استأجر شخصاً لخياطة ثوب معين مثلاً لا بقيد المباشرة جاز لغيره التبرع عنه فيه وحينئذ يستحق الأجير الاُجرة المسماة لا العامل وإذا خاطه غيره لا بقصد النيابة عنه بطلت الإجارة إذا لم يمض زمان يتمكن فيه الأجير من الخياطة وإلاّ ثبت الخيار لكل منهما. هذا فيما إذا لم تكن الخياطة من غير الأجير بأمر من المستأجر أو بإجارته ثانية وإلاّ فالظاهر أن الأجير يستحق الاُجرة لأن التفويت حينئذ مستند إلى المستأجر نفسه كما إذا كان هو الخائط. وأما الخائط فيستحق على المالك اُجرة المثل إن خاط بأمره، وأما إذا كان قد استأجره ثانية للخياطة فقيل: إن الإجارة الثانية باطلة ويكون للخائط اُجرة المثل ولكن الأظهر صحتها واستحقاق الأجير الاُجرة المسماة. وإن خاط بغير أمره ولا إجازته لم يستحق عليه شيئاً وإن اعتقد أن المالك أمره بذلك.

(مسألة 473): إذا استأجره ليوصل متاعه إلى بلد كذا في مدة معينة فسافر بالمتاع وفي أثناء الطريق حصل مانع عن الوصول بطلت الإجارة فإن كان المستأجر عليه نفس إيصال المتاع لم يستحق شيئاً، وإن كان مجموع السفر وإيصال المتاع على نحو تعدد المطلوب استحق من الاُجرة بنسبة ما حصل من قطع المسافة إلى مجموع المستأجر عليه، أما إذا كان على نحو وحدة المطلوب فالأظهر عدم استحقاقه شيئاً.

(مسألة 474): إذا كان للأجير الخيار في الفسخ لغبن أو تخلف شرط أو وجود عيب أو غيرها فإن فسخ قبل الشروع في العمل فلا شيء له، وإن كان بعد تمام العمل كان له اُجرة المثل وإن كان في أثنائه استحق بمقدار ما أتى به من اُجرة المثل إلاّ إذا كان مجموع العمل ملحوظاً بنحو وحدة المطلوب كما إذا استأجره على الصلاة أو الصيام فإنه لو فسخ في الأثناء لم يكن له شيء، وكذا إذا كان الخيار للمستأجر، ويحتمل بعيداً أنه إذا كان المستأجر عليه هو المجموع على نحو وحدة المطلوب ففسخ المستأجر في الأثناء كما إذا استأجره على الصلاة ففسخ في أثنائها أن يستحق الأجير بمقدار ما عمل من اُجرة المثل.

(مسألة 475): إذا استأجر عيناً مدة معينة ثم اشتراها في أثناء المدة فالإجارة باقية على صحتها وإذا باعها في أثناء المدة ففي تبعية المنفعة للعين وجهان أقواهما ذلك.

(مسألة 476): تجوز إجارة الأرض مدة معينة بتعميرها داراً أو تعميرها بستاناً بكري الأنهار، وتنقية الآبار، وغرس الأشجار، ونحو ذلك ولابد من تعيين مقدار التعمير كماً وكيفاً.

(مسألة 477): تجوز الإجارة على الطبابة ومعالجة المرضى سواء أكانت بمجرد وصف العلاج أم بالمباشرة كجبر الكسير وتضميد القروح والجروح ونحو ذلك.

(مسألة 478): تجوز المقاطعة على العلاج بشرط البرء بمعنى أن يسقط الاُجرة عن ذمته مع عدمه سواء كانت العادة تقتضي ذلك أم لا.

(مسألة 479): إذا أسقط المستأجر حقه من العين المستأجرة لم يسقط وبقيت المنفعة على ملكه.

(مسألة 480): لا يجوز في الاستيجار للحج البلدي أن يستأجر شخصاً من بلد الميت إلى (النجف) مثلاً وآخر من (النجف) إلى (المدينة) وثالثاً من المدينة إلى (مكة) بل لابد من أن يستأجر من يسافر من البلد بقصد الحج إلى أن يحج.

(مسألة 481): إذا استؤجر للصلاة عن الميت فنقص بعض الأجزاء أو الشرائط غير الركنية سهواً، فإن كانت الإجارة على الصلاة الصحيحة كما هو الظاهر عند الإطلاق استحق تمام الاُجرة وكذا إذا كانت على نفس الأعمال المخصوصة وكان النقص على النحو المتعارف وإن كان على خلاف المتعارف نقص من الاُجرة بمقداره.

(مسألة 482): إذا استؤجر لختم القرآن الشريف فالأحوط الترتيب بين السور والظاهر لزوم الترتيب بين آيات السور وكلماتها وإذا قرأ بعض الكلمات غلطاً والتفت إلى ذلك بعد الفراغ من السورة أو الختم، فإن كان بالمقدار المتعارف لم ينقص من الاُجرة شيء، وإن كان بالمقدار غير المتعارف ففي إمكان تداركه بقراءة ذلك المقدار صحيحاً إشكال، والأحوط للأجير أن يقرأ السورة من مكان الغلط إلى آخرها.

(مسألة 483): إذا استؤجر للصلاة عن (زيد) فاشتبه وصلّى عن (عمرو) فإن كان على نحو الخطأ في التطبيق بأن كان مقصوده الصلاة عمن استؤجر للصلاة عنه فأخطأ في اعتقاده أنه عمرو، صح عن زيد واستحق الاُجرة، وإن كان على نحو آخر لم يستحق الاُجرة ولم يصح عن زيد.

(مسألة 484): الموارد التي يجوز فيها استيجار البالغ للنيابة في العبادات المستحبة يجوز فيها أيضاً استيجار الصبي واللّه سبحانه العالم.